أنهت اسرائيل استعدادها للحرب الاعلامية ضد كل ما هو فلسطيني وعربي إذ من الواضح أن هذه الدولة تلعب على محورين الأول هو محور الحرب من خلال ممارساتها في الأراضي الفلسطينية التي لم يستطع الاعلام العربي أن يوضح للعالم الغربي بأنها ممارسات ارهاب دولة وبالمقابل استطاعت اسرائيل وبمساعدة الاعلام الأمريكي أن توصل رسالتها القاضية بأن ما يقوم به الفلسطينيون هو الارهاب بذاته. إذا الأمة ستواجه مأزقا لا بأس به بعد انطلاقة هذه القناة الناطقة بالعربية ولكنها لبث السموم الاسرائيلية ومن العبث التفكير في اغلاق الفضاء أمام هذه القناة وغيرها وان كان من المستحيل ذلك. ولكن كيف سيتم التعامل مع هذه القناة من قبل المثقفين والمفكرين العرب؟ هل نقاطعها؟ أم نواجهها مباشرة وأحب في حقيقة الأمر بأن للمفكرين العرب رأيين؛ الأول هو مقاطعة هذه القناة كما نقاطع البضائع الاسرائيلية بالضبط وهذا الرأي الذي أميل إليه. أما الثاني فيرى المواجهة المباشرة مع هذه القناة لأن الهروب من مواجهتها صعب للغاية إذ يدعي أنصار هذا الرأي بأن هذه القناة ستدخل بيوتنا من أوسع الأبواب حالها حال القنوات الأخرى. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هنا ما هي آليات التعامل مع هذه القناة؟ أعتقد بأن الوصول الى آليات للوقوف ضد هذه القناة أمر صعب ليس للصعوبة نفسها ولكن الوصول الى اتفاق على هذه الآليات بين الأجهزة الاعلامية العربية هو الذي يبدو صعبا. إذا ما هو الحل لمواجهة هذه القناة؟ لعلنا نعود الى ما تم طرحه سابقا وهو إنشاء قناة فضائيةعربية موحدة لمواجهة القناة الاسرائيلية أبدا فأنا لا أعتقد بأن هذا هو الحل فإن كان الوصول الى آليات صعب المنال فكيف الحال في إنشاء قناة موحدة. ولقد كان المواطن العربي يعول كثيرا على الفضائيات العربية لمواجهة مثل هذه القناة وغيرها ولكن مما يؤسف له حقا بأن هذه الفضائيات أصبحت هي وبالا وعبئا على الأمة العربية بل بعضها يساعد في نقل وجهات النظر الاسرائيلية أكثر من العربية نفسها. وعندما نطالع الاحصاءات نصاب بالدهشة فلدينا في عالمنا العربي 140 محطة فضائيةعربية يصرف عليها ستة مليارات دولار سنويا 79% من برامج هذه الفضائيات هي ترفيهية وليتها كذلك ولكن بعضها ترفيهية لدرجة الإسقاط الأخلاقي والذي أفسد بعض القيم والمبادىء العربية و9% من برامج هذه الفضائيات هي سياسية ولكن مع الأسف سياسية تخدم الجانب الآخر كما أسلفت بل وتعمل بعض هذه البرامج على تشويه الصورة العربية وتعزيز الرأي المغاير. إذا فلننسى أو نتناسى موضوع الفضائيات العربية وحسبي أن تقوم الدول التي تتبنى هذه الفضائيات أن تعيد رسم أهدافها وسياساتها بما يخدم مصالحها ومصالح الأمة. ولقد رسمت في مخيلتي سيناريو أتخوف منه جدا ولكنني أحسب وبجدية بأنه سيحدث.. أعتقد بأن بعض المثقفين والاعلاميين والمفكرين أو المحسوبين على ذلك سيتسابقون على هذه القناة للبروز اعلاميا وللشهرة وسيكون مبررهم بأنهم يواجهون هذا القناة ويدافعون عن وجهة النظر العربية من خلالها والأمثلة على ذلك كثيرة ولا أدلل على المتسابقين على قناة الجزيرة لا لشيء إلا للشهرة والبروز وهذا ما سيزيد من الشرخ الاعلامي في جسم الأمة العربية. وستظهر علينا فئة ستمثل هذه المحطة بالنسبة لهم مصدر رزق فبالتالي سيتسابقون عليها أيضا من باب وجهة النظر العربية ومواجهة هذه القناة باختراقها. كما هو الحال بأصحاب الصحافة الصفراء في بريطانيا مع قناة الجزيرة وغيرها. وإذا تحدثنا عن المادة الاعلامية لهذه القناة فإنها بالطبع عربية لأنني وكما أعتقد بأنها ليست اخبارية بحتة بل ستشتمل على بعض البرامج الترفيهية سواء مسلسلات أو أفلام لذا فهذه القناة بحاجة الى هذه المادة الاعلامية العربية وبالتأكيد ستسعى لاستخدامها وهنا ندخل في قضية أخرى مع هذه القناة خاصة اذا سعت للحصول على موادها الاعلامية والبرامجية بصورة غير مشروعة. ومثل ذلك قد يقحم الدول العربية في ملاحقات قضائية تسعى اليها اسرائيل نفسها.. اذا نحن أمام مأزق ينبغي مواجهته. وبعد طرح هذه المسألة للنقاش على الساحة الاعلامية واذا كان الوصول الى آليات صعب المنال وايجاد قناة فضائية عربية موحدة أصعب اذا ما الحلول المقترحة لذلك؟ هل نأخذ دور المشاهد الى أن تدخل علينا هذه القناة الى بيوتنا أما يكفي ما دخل الى هذه البيوت من برامج سياسية وفكرية لا هدف لها إلا الهدم وإثارة الفوضى الفكرية وادخال الشارع العربي في متاهات سياسية لا جدوى من طرحها. هل ستكون قناة اسرائيل العربية هي آخر قناة حتى نستعد لها أم علينا رسم استراتيجية عربية موحدة لمواجهة الخطر الاعلامي القادم لأن الفضاء لا حدود له وليس بالإمكان اقفاله أمام البث العارم. باعتقادي طالما أن الجهود الموحدة قد تأخذ وقتا طويلا تصلح لاستراتيجيات اعلامية بعيدة المدى فلتكن كذلك. ولكن طالما أن البث الفضائي الغث سينهمر على عقول أبنائنا مثل قناة اسرائيل وغيرها فبالتالي نحن أمام مشكلة قد لا تنتظر بل ولا تتحمل ذلك إذا نحن بحاجة الى حلول فورية لمواجهة ذلك. إن الحل الأمثل في اعتقادي كما هو غيري من أصحاب الرأي والفكر في أن تتولى المنظمات والدول العربية على حد سواء دعم الفضائيات العربية المعتدلة في توجهاتها والواضحة في أهدافها وهذه قد لا تتجاوز أعدادها أصابع اليد. أماتلك الفضائيات المصابة بانفصام الشخصية فأعتقد أن مقاطعتها على الأقل اعلاميا لهو أقل ما ينبغي فعله.