المملكة العربية السعودية مهبط الوحي وقِبلة المسلمين قاطبة، قامت على هدي الشريعة السمحة، وحّد كيانها، ووضع أساس لبنتها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- لم يرحل عن هذه الدنيا إلاّ بعد أن استقر أمرها، ووضع دستورها ونظامها، منهجها فريد، وأساسها متين، الأنظمة والأحكام فيها قائمة على المنهج الإلهي عقيدة وشريعة، ثم جاء بعده أبناؤه البررة سعود، وفيصل، وخالد، وفهد -رحمهم الله- وها نحن في عهد سليل المجد، صاحب العقيدة الصافية، وحامي الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز، يسير على نهج والده، ومَن سبقه من إخوانه الميامين. نحن في هذه البلاد أهل خصوصية منحنا إياها الباري جلّت قدرته، محسودون عليها من شياطين الإنس، خصوصية جلبت للبلاد النعم الوارفة، والأمن، والاطمئنان التي نتفيأ ظلالها، بفضل ما تتمسك به قيادتنا الرشيدة من تطبيق لأحكام الشريعة، ومسايرة ومواكبة لمتغيرات العصر بما يتواءم معها. الأعداء ما فتئوا يتربّصون بهذه البلاد وحكّامها وعلمائها الدوائر، يحاولون اقتناص الفرص لإثارة البلبلة، والإيقاع لخرق سفينة المجتمع المحافظ، هؤلاء يصيبهم الصداع الفكري، والهيجان العصبي عندما يُقال إن بلادنا ذات خصوصية، ومجتمعنا مجتمع له عاداته وتقاليده الخاصة غير المصادمة للشرع المطهر، يحاول هؤلاء الشواذ بأساليبهم الملوّنة تعكير صفو المجتمع من منطلقات زائفة ظاهرها فيه الشفقة على الحال، وباطنها الله أعلم بمراده. في الآونة الأخيرة أطلّ على المجتمع نفر تلبّسوا بالدين، أخذوا بزمام المبادرة توهمًا من خلال أطروحاتهم الشاذة، التي لها الحكم الفصل عند علماء الأمة المعتبرين، سواء من السلف أو الخلف، استغل هؤلاء المتشيّخون مراكزهم وهيئاتهم، فأخذوا يطلقون الأحكام والفتاوى في بعض المسائل من غير تروٍّ، فأوهموا أنهم الدعاة المتحرّرون من الأغلال التي على غيرهم من العلماء المتشددين في زعمهم، انطوت على هؤلاء المتشيّخين والمتفيقهين ألاعيب أولئك الجفاة من الكتّاب، فمرقوا من لُحمة المجتمع المحافظ، وأصبحوا ندًّا لإخوانهم من كبار علمائنا المعتبرين، امتلأت صحفنا بأفكارهم وفتاواهم وصورهم، لماذا ينبشون مسائل لها حكمها الشرعي عند علماء الأمة؟! حتى أصبحنا أضحوكة يسخر منا الأعداء، لماذا يحاول هؤلاء تزهيد المسلمين بأهمية صلاة الجماعة في المساجد؟! ما هدف هؤلاء من إثارة رضاعة الكبير؟! وما هدفهم من نبش موضوع قيادة المرأة للسيارة؟! وما الفائدة من إثارة قضية الاختلاط غير المنضبط، يصوّرون زورًا كل جنس كأنه في زنزانة؟! وما هدف من أجاز الغناء والطرب بآلاته ومعازفه وموسيقاه؟!! ألم يكن لدى هؤلاء أدنى محصلة في فهم الإسلام؟ هل هم بذلك يريدون هدم قاعدة سد الذرائع؟ هل هم الوحيدون الذين يفهمون الدّين فهمًا صحيحًا، وغيرهم من هيئة كبار العلماء يجهلون وهم الذين أفنوا أعمارهم وبلغوا عتيًّا في طلب العلم الشرعي؟ ما رصيد هؤلاء المتشيخين من العلم الشرعي؟ ما تفسير ولع هؤلاء في الحرص على الخوض في مثل هذه المسائل؟ ألم يعلم هؤلاء قبل غيرهم، أنهم يجرون المجتمع الى أمور لا تحمد عقباها، لا أجد تفسيرًا لما يتبناه هؤلاء المتشيخون من أفكار شاذة، ليس لها قبول سوى حب الذات وحب الظهور الإعلامي، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، لا يستطيعون خدمة مجتمعهم في قضايا مهمة يعاني منها المجتمع وجديرة بالطرح، لفقرهم الفكري هم وغيرهم من أصحاب الأفكار المنحرفة التي تسعى لإشباع غريزتها الشهوانية والشبهاتية، التي يدندنون حولها دون استحياء من الخلق والخالق، وقديمًا قِيل إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت!.