في الثالث من مايو من كل عام يأتي اليوم العالمي للصحافة، ليعطينا صورة عن أهمية الصحافة في بناء الدول وحياة الناس، لكن هذا اليوم يمر على الصحافة السعودية مثل أي يوم آخر، وكأن الأمر لا يعنيها إطلاقا، وهو ما يفسره بعض الصحفيين السعوديين بما يواجهونه من معوقات، إضافة إلى ما تجده مهنة الصحافة من غياب للتنظيم الذي يضمن الحقوق والواجبات. الوعي بأهمية الصحافة هذا ما ابتدأ به الصحفي صالح الصالح حديثه مع "الوطن" حين قال: إن عدم وجود قيادات شابة في صحفنا، وعدم تطوير العاملين في المجال الصحفي، ودخول بعض الصحفيين للصحافة من باب "البرستيج" والحظوة الاجتماعية، كل هذه أسباب ساعدت في تدني مستوى الصحافة لدينا. ويضيف "صحيح أن الخبرة مطلوبة في القيادات الصحفية، لكن الخبرة المطلوبة ليست في عدد السنين، بقدر ما هي مهمة في الأداء والمهارة"، وينتقد الصالح علاقة المؤسسات الحكومية بالمؤسسات الصحفية نظرا لتدني مستوى الوعي الصحفي في المجتمع بقوله "إلى الآن ما زالت الصحافة تواجه معضلة (أرسلوا لنا خطابا) وكأن المؤسسات الصحفية جهات حكومية، ولكي ترتقي الصحافة أكثر يجب أن يكون هناك وعي من قبل المؤسسات الحكومية بدور الصحافة، وعدم التعامل مع عملها بجهل تام". وعن دور هيئة الصحفيين السعوديين وماذا ينتظر الصحفيون منها، يقول الصالح "إن ما ينتظره الصحفيون منها أن تتيح الفرصة لدماء جديدة، وأن يعيّن في عضويتها كتّاب الرأي، والصحفيون الذين ليسوا قيادات في أي صحيفة، فالصحفي الآن إن واجهته مشكلة مع صحيفة رئيسها أحد أعضاء الهيئة فكيف يقاضيها، فالقاضي والخصم هما شخص واحد". ويشير إلى مرور يوم الصحافة العالمي كأي يوم بالنسبة للصحفيين السعوديين، ويختتم الصالح حديثه عن كيفية تطوير العمل الصحفي بعبارة صغيرة قائلا "لكي يقرؤك الناس، اكتب عن الناس". هيئة الصحفيين أولى في الاحتفال ويأتي رأي مدير تحرير صحيفة الحياة أحمد الفهيد مختلفا في هذا السياق، حيث يرى أن المهم ليس الاحتفال باليوم العالمي للصحافة، بقدر ما يهم الاحتفال بوجود هيئة الصحفيين السعوديين حيث يقول "في البداية هناك أشياء أهم من الاحتفال باليوم العالمي للصحافة لم ننجزها بعد، نحتاج قبل هذا كله إلى أن نحتفل بوجود "هيئة للصحفيين" تعنينا وتقف في صفنا وتهتم بنا، لا أن "تهمّ" بنا، وإذا وجدناها أعدك بأن نحتفل بهذا اليوم مرتين في العام" وعن العوائق التي تقف في طريق الصحفيين السعوديين يقول "إن عدم وجود قانون حق الحصول على المعلومة، واستغلال وفرة المتعاونين من الصحفيين في عدم إعطاء الصحفي الحد الأدنى من حقوقه من حيث ارتفاع عدد ساعات العمل وتدني الرواتب وتعطل أو تأخر تعيينه رسميا كصحفي متفرغ؛ كلها عوائق تقف في وجه الصحفي" ويكمل "وزد على ذلك عدم وجود دورات تدريبية وتطويرية لهم، وهذه العوائق لم يسلم منها كلها أو من بعضها سوى مؤسسة صحفية أو مؤسستين". وعما ينتظره الصحفيون من المؤسسات الصحفية وهيئة الصحفيين السعوديين، يقول "هيئة الصحفيين بالنسبة لي غير موجودة أصلا، على الرغم من أنني عضو فيها، أما المؤسسات الصحفية فنحتاج منها أن تؤمن بنا وتؤمّن مستقبلنا، وأن تحمينا على الأقل من الطرد فجأة إلى الشارع". وعن رأيه في عمل الصحفي السعودي في كونه يمارس صحافة حقيقية يقول "الصحفي محاصر بالمسؤولين والمعلنين والمعارف، محاصر أيضا بإغلاق أبواب المعلومة في وجهة، وترفّع جهات رسمية عن الرد على استفساراته، والعدد يطول". لا نحتفي بالمناسبة ككل لم يتردد رئيس تحرير صحيفة أنحاء الإلكترونية حسن الحارثي في القول عن سبب مرور يوم الصحافة العالمي كأي يوم آخر "إن مجتمعنا لا يحتفي بالمناسبات بصفة عامة، ويوم الصحافة العالمي مثله مثل الكثير من المناسبات التي تمر علينا مرور الكرام، مثل يوم العمال، ويوم الشجرة، ربما لتداخل هذه المناسبات مع جوانب اجتماعية، أصبحت شيئا مهمّشا، وبالتالي المشكلة في المجتمع وليست في الصحف" ولكنه لا ينسى أن يضيف قائلا "إنني أدعو في يوم الصحافة العالمي المؤسسات الإعلامية الكبرى إلى دعم التجربة الإلكترونية، وتبنيها لأن كثرة وسائل الإعلام في أي بلد سينعكس إيجابا على تنمية الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة، وعن المعوقات التي تواجه الصحافة الإلكترونية يقول الحارثي "أبرز معوقات الصحافة الإلكترونية هو الدعم المادي، فمهما بدا العمل الإعلامي الإلكتروني بسيطا وغير مكلف، تظل الصحف بحاجة إلى دعم مادي للارتقاء بمستوياتها شكلا ومضمونا" وعن سلبيتها يقول "من أبرز سلبيات الصحافة الإلكترونية أنها (أحيانا) تنشر الإشاعات بهدف الحصول على السبق الصحفي" التحريض على الصحافة الإلكترونية ببساطة اعترف رئيس تحرير صحيفة سبق الإلكترونية محمد الشهري أن هناك تحريضا من قبل الصحافة الورقية تجاه الصحف الإلكترونية قائلا "بلا مجاملة هناك تحريض من الصحافة الورقية على الصحافة الإلكترونية، بهدف هز ثقة الناس فيها، وترويج فكرة أن من يعمل في الصحافة الإلكترونية مجرد هواة فقط، وهذا الكلام غير صحيح إطلاقا" ويذكر الشهري في هذا السياق مسألة الاعتراف من قبل الناس والمؤسسات الحكومية بقوله "صحيح أن هناك اعترافا شعبيا من قبل الناس بالصحف الإلكترونية، وأن هناك صحفا إلكترونية شقت طريقها للنجاح، لكن الجهات الحكومية إلى هذه اللحظة لم تعترف بالصحافة الإلكترونية وهذه مسألة مهمة" وعن دور هيئة الصحفيين السعوديين تجاه الصحف الإلكترونية يقول "إن السبب الرئيسي في مرور يوم الصحافة العالمي كأي يوم بالنسبة للصحفيين هي المؤسسات الصحفية نفسها، وهيئة الصحفيين السعوديين، فالمؤسسات لم تتفاعل مع هذه المناسبة كما يجب، ويكمل "هيئة الصحفيين السعوديين لم تثبت دعمها لهؤلاء الصحفيين، وبالتالي أفقدتهم المعنى الحقيقي للصحافة، فالمفترض أن تدعم الصحفيين وتدافع عنهم، وعلى الأقل أن تجمعهم في يوم كهذا لتعطيهم صورة عن واجباتهم وحقوقهم". إخضاع المسؤولين لدورات وعلى درجة أعلى يأتي رأي رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية محمد التونسي صادما حيث يقول "لو كان الأمر بيدي لأخضعت بعض المسؤولين لدورات في فن التعامل مع الصحافة والصحفيين" وعن الحقوق الغائبة التي يطالب بها الصحفيون، يحمل التونسي المسؤولية بالدرجة الكبرى الصحفي نفسه في الكثير من العوائق التي تواجه الصحفيين حيث قال "الصحفي نفسه يتحمل مسؤولية كبيرة في عمله في عدم الدقة والمصداقية" ويضيف "لا بد أن نكون كصحفيين على مستوى مطالبنا بحقوقنا من هيئة الصحفيين السعوديين" وعن دخول الكثير من الصحفيين في المهنة بغير وجه حق يقول "المعايير التي تسمح بدخول أمثال هؤلاء في المهنة بعضها غائب، وبعضها ضعيف، وهنا الإشكالية الكبيرة، وهي نفسها التي يواجهها الصحفي في مسألة العقوبات، فغياب الأطر الواضحة والمحددة من قبل المؤسسات الصحفية تكون سببا في تظلم الكثيرين، إضافة إلى دخولهم للمهنة وهم لا يستحقون" وعن دور هيئة الصحفيين السعوديين في هذه المسألة يقول "يمكن أن تقترح الهيئة صيغة معينة لمثل هذه الضوابط، لكن لا يمكن أن تُلزِم المؤسسات الصحفية بها إذا لم تكن هذه الضوابط نابعة من المؤسسة نفسها". "هيئة الصحفيين" داخل السياق وفي حديث لأمين عام هيئة الصحفيين السعوديين الدكتور عبدالله الجحلان بصدد غياب قانون للحصول على المعلومة يقول "نحن نضم أصواتنا لأصوات الصحفيين في إلزام الجهات المسؤولة بنشر المعلومات التي يجب أن تنشر" ويضيف "وقد ناقشنا هذا الأمر مع هيئة الخبراء في مجلس الوزراء بهذا الشأن، لكي يكون هناك تجاوب من الجهات المسؤولة مع الصحفيين، وأن يكون هناك تنظيم معين لضبط ذلك" وبسؤاله عن تقديمهم صيغة عملية في هذا الأمر لهيئة الخبراء يجيب "لم نقدم الخطوات العملية أو الصيغة لهيئة الخبراء، إنما ناقشنا الأمر معهم فقط" ويكمل حديثه "لكن ما نعرفه جيدا بأن هناك إلزاما لكل جهة خدمية بمتحدث رسمي" وعن العوائق التي تواجه الصحفيين يقول الجحلان "بين يدي الآن تقرير سيقدم للجمعية العمومية الذي سيعقد اجتماعها في 17 مايو المقبل فيه بعض الحلول لمطالب الصحفيين مثل: إيجاد سلّم رواتب للمحررين، والتقدير المعنوي والمادي للصحفي، وزيادة المرتبات بشكل سنوي، وإيجاد محررين متفرغين سعوديين بنسبة معينة داخل المؤسسات الصحفية". وعن دخول الكثير من الصحفيين في المهنة دون امتلاك حد أدنى من المهارة يقول الجحلان "نحن نسعى أن تمكّن الهيئة من إصدار تصاريح بالتعاون مع الجهات المسؤولة للصحفي المهني الحقيقي، ولا يعمل أي صحفي في أي مؤسسة إلا من خلال هذا التصريح، بحيث تُعمل له دورات تؤهله للعمل، واكتساب خبرات في هذا الجانب". وفي نهاية حديثه وجّه الجحلان دعوته لكل الصحفيين إن كان لديهم رغبة في الدفاع عن الصحفيين أن يلتحقوا بالعمل في الهيئة قائلا "هناك لجان موجودة في الهيئة تختص بهذا الجانب، ويمكنهم أن ينضموا لها".