أكدت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، أن تنفيذ خطتها في المصارف المحلية للانتقال بسلاسة إلى بازل 3 سيكون في وقته المحدد، مبدية تفاؤلها حيال النظام المصرفي، في الانتقال السلس إلى بازل 3 ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها، بعد أن حققت المصارف السعودية مستويات عالية من رأس المال والاحتياطيات. وقالت "ساما"، إن متوسط كفاية رأس المال بلغ وفقاً لمعيار بازل3 حوالي 17%، منها حوالي 85% من الأسهم العادية الأساسية، مضيفة أن المصارف السعودية حافظت على مستوى عال من السيولة متوسطها 30% خلال العقدين الماضيين، في حين ما زالت المؤسسة تحث البنوك دائماً على الحفاظ على مستويات تفوق تلك المعايير، إضافة إلى إدخالها لمعايير صارمة ومتطلبات واضحة لاختبارات التحمل، الأمر الذي ساعد البنوك على إحراز تقدم جيد في جميع المجالات. وأوضح نائب محافظ "ساما" الدكتور عبد الرحمن عبد الله الحميدي في كلمته في ندوة "إستراتيجيات إدارة المخاطر للالتزام بمقررات بازل3 وأبعادها المستقبلية، التي عقدت أمس في المعهد المصرفي بالرياض، أن "ساما" بدأت في تطبيق بازل3 من خلال خطط عمل تم تعميمها على المصارف، وإدخال المتطلبات الاحترازية ذات العلاقة، وتوفير الإرشاد اللازم للبنوك، مبينا أنها أجرت دراسات التأثير الكمي على مجموعة مختارة من البنوك كجزء من خطط التنفيذ، وبناء القدرات اللازمة في المؤسسة والقطاع المصرفي، وتشكيل فرق فنية تتألف من المشرفين والعاملين في البنوك لتبادل وجهات النظر حول القضايا التقنية والمهنية من أجل سلاسة التنفيذ. وأوضح الحميدي أن استراتيجيات تنفيذ بازل 3، تركزت في سبعة مجالات، هي تحديد المتطلبات التنظيمية للبنوك التي تقوم أساساً على قواعد لجنة بازل وأفضل الممارسات الدولية في تنفيذها، وإجراء دراسات الأثر وجمع البيانات من البنوك لتقييم تأثير المعايير الجديدة لرأس المال والسيولة، إضافة إلى توفير التوجيه للبنوك بشأن القضايا التنظيمية والتقنية لتسهيل التطبيق، وكذلك استعراض خطط التنفيذ مع البنوك وعقد لقاءات ثنائية واسعة على مختلف المستويات لمتابعة التقدم المتحقق في التطبيق، فضلا عن ترتيب وتنسيق برامج التدريب وغيرها من مبادرات بناء القدرات للمشرفين المصرفيين، وتعزيز فهمهم للمسائل الفنية. وأضاف: "قامت المؤسسة بتطبيق معايير أخرى صادرة عن مجلس الاستقرار المالي ولجنة بازل شملت مبادئ المكافآت والحوافز، واختبارات التحمل، وبدء العمل على خطط تخص المؤسسات المالية الهامة على المستوى المحلي (D-SIFIs). وقد شملت هذه المعايير فروع المصارف الأجنبية العاملة في المملكة، واستعراض واستكمال المتطلبات التنظيمية في المجالات الأخرى ذات الصلة. وتهدف مبادرات مؤسسة النقد العربي السعودي في هذا المجال لاستمرار حماية مصالح المودعين وعملاء البنوك، إلى جانب ضمان سلامة ومتانة النظام المصرفي". ولفت إلى أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية، حدث تغير كبير وبوتيرة مستعجلة في النظام المالي، مما ألقى على السلطات الإشرافية والمصارف المركزية مسؤولية تحسين إدارة المخاطر من خلال التنسيق والتعاون في مجال المعايير والسياسات العالمية ذات الصلة من أجل مواجهة التحديات المقبلة. ويعتقد الحميدي أن التطبيق الكامل لبازل3 سيساهم بشكل كبير في إدارة المخاطر وتعزيز النظام المالي العالمي، مشيرا إلى أن هذا يتطلب استثمارات ضخمة في النظم والموارد البشرية، فضلا عن تعزيز الحوكمة وأطر إدارة المخاطر. وزاد: "لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نعتمد بشكل مفرط على المعايير المتقدمة لإدارة المخاطر ونتجاهل أهمية دور كفاءة الإدارة والحس المصرفي السليم. وقد أثبتت التجربة، أن معايير المخاطر الكمية تكون أكثر فعالية عندما تدار بأيد مصرفية عالية الكفاءة. ولقد تم التأكيد على مصارفنا بأهمية تعزيز أطر إدارة المخاطر والمنهجيات التي تتطلبها، إضافة إلى توجيه مجالس الإدارة بترسيخ مبادئ الحوكمة الفاعلة وإدارة البنوك على نحو سليم". وأكد الحميدي أن مؤسسة النقد العربي السعودي تتابع بشكل مستمر ودقيق التطورات الحديثة في الأسواق المحلية والعالمية من أجل الإشراف بشكلٍ شاملٍ لضمان استقرار النظام المالي. وأقر الدكتور الحميدي بفشل بازل 2 الذي صدر في يونيو من عام 2004 ، والذي يتم تنفيذه بالكامل في مطلع عام 2007 ، في منع حدوث الأزمة المالية العالمية، قائلاً: " بالإضافة إلى التطبيق البطيء وغير المنتظم له، خاصة في الأسواق المتقدمة، فإن بازل2 أخفق في معالجة بعض نقاط الضعف الإشرافية في عددٍ من المسائل الهامة مثل عدم وجود تعريف موحد لجودة رأس المال، وأسقف للائتمان، ومعايير مشتركة للسيولة، بالإضافة إلى عدم استيعابه للمخاطر المفرطة للسوق في مجال عمليات المتاجرة والمشتقات المالية التي ارتفعت بشكل حاد بين البنوك الكبرى. ولذلك، فإن بازل2 لم يفِ بشكلٍ تامٍ بالغرض المطلوب منه". وبين الحميدي أن بازل 3 لم يعالج أوجه القصور في نسخته السابقة فقط، بل تجاوز ذلك من خلال تقديم مجموعة متنوعة من المفاهيم الجديدة في المعايير الرقابية العالمية التي اعتمدت على نتائج الدروس المستفادة بعد عام 2007 ، بالإضافة إلى ما توصلت إليه البحوث الجادة والتأملات من قبل سلطات الإشراف المصرفية العالمية. وأشار إلى أنه تم إدخال بعض الإصلاحات الرئيسة على بازل3 مثل رفع مساهمة حقوق المساهمين في رأس المال الأساسي. كما أُستحدث مفهوم تعزيز الاحتياطيات في رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية. واعترفت بازل3 بأن السيولة لا تقل أهمية، بل قد تتجاوز أهمية رأس المال لسلامة المؤسسات المصرفية، كذلك وضعت سقفاً للاستفادة من خدمات التمويل من المؤسسات المالية مما يقيد المصارف من الإفراط في تحمل المخاطر.