سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العالم يعود إلى القيم المصرفية التي تنتهجها المملكة منذ أمد بعيد خلال ملتقى إستراتيجيات إدارة المخاطر للالتزام بمقررات بازل 3 وأبعادها المستقبلية.. الدكتور الحميدي:
أكد نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أن الرقابة والإشراف العالمي على المؤسسات المالية عاد إلى القيم الرئيسة لتيار المحافظة والحكمة والبساطة التي اعتمدتها مؤسسة النقد العربي السعودي منذ أمد بعيد وداومت عليها، وبالتالي فإن الانتقال إلى بازل 3 لا يثير مخاوف أو يخلق تحديات كبيرة للمملكة، وقال الدكتور عبدالرحمن الحميدي خلال أمس خلال «إستراتيجيات إدارة المخاطر للالتزام بمقررات لجنة بازل III والأبعاد المستقبلية». الذي نظمه المعهد المصرفي: أن نظام مراقبة البنوك بالمملكة قدم تعريفاً واضحاً لرأس المال، وتجاوز ذلك ليقدم تنظيماً لرأس المال ونسب السيولة والتمويل، ووضع حدوداً للانكشافات الكبيرة. وقد منح النظام مؤسسة النقد صلاحية تطبيق المعايير الدولية الملائمة ذات الصلة، مثل تلك المنبثقة عن لجنة بازل أو مجلس الاستقرار المالي. وعلى مر السنين، قامت المؤسسة -وبشكل استباقي- بتطبيق أفضل المعايير والممارسات الدولية من أجل ضمان سلامة إدارة المصارف في المملكة، وفاعلية الحوكمة فيها، وتوفير رأس المال والاحتياطيات اللازمة لحسن إدارة المخاطر. وأضاف: لقد انعكس ذلك إيجاباً على سلامة النظام المصرفي عموماً ومتانة كل بنك على حدة. وأضاف الدكتور الحميدي: تمشيا مع مبادئها، كانت مؤسسة النقد العربي السعودي ضمن المجموعة الأولى من البلدان خارج لجنة بازل -في ذلك الوقت- التي طبقت بازل 1 في عام 1992م، ثم بازل2 في يناير 2008م. وبينما كانت بازل 1 حاسمة لإدخال مفاهيم حساسية المخاطر لأصول المصارف والشريحة الأولى والثانية لرأس المال (tier-1 الجزيرة tier-2)، فقد قدمت لنا بازل 2 مفاهيم نظم تصنيف وبرمجة المخاطر الداخلية. ومن وجهة نظر المؤسسة -والكلام للحميدي- فإن أعلى إضافة نتجت عن تطبيق بازل 2، هو التطور الملموس الذي حققته المصارف في أربعة مجالات هي: أولاً، منذ تطبيق مبادئ عمليات التقييم الداخلي لكفاية رأس المال (ICAAP)، تحسن أداء المصارف فيما يتعلق بالتخطيط لرأس المال، ومقدار المخاطر الممكن تحملها وفق خطة عملها ضمن منظومة المخاطر التي تواجهها المصارف على المدى المتوسط. ثانياً، شهدت المصارف تطوراً فيما يتعلق بإدارة مخاطر الدعامة الثانية (Pillar 2 risks) بما في ذلك سعر الفائدة، والسيولة، والصرف الأجنبي، والإستراتيجية، والتقنية والسمعة. وقد وضعت جميع المصارف منهجيات لتحديد وقياس وإدارة وتخصيص رأس المال لحسن إدارةذه المخاطر التي لم تتطلب في السابق تعزيزاً لرأس المال. ثالثاً، حققت المصارف تقدماً جيداً في اختبارات التحمل. وهذا ساعد على معرفة مواطن القوة والتحمل في مواجهة المخاطر في أوقات الأزمات. وأخيراً، أُوضح تطبيق الدعامة الثالثة (Pillar 3) أن المصارف السعودية منسجمة تماماً مع أفضل المعايير العالمية في هذا المجال. وأكد نائب محافظ مؤسسة النقد سلاسة الانتقال إلى بازل 3، «أود أن أؤكد لكم أن توقعاتنا الأولية تبشر بالانتقال السلس إلى بازل3 ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها. كون المصارف السعودية حققت مستويات عالية من رأس المال والاحتياطيات. حيث بلغ متوسط كفاية رأس المال وفقاً لمعيار بازل3 حوالي 17في المائة، منها حوالي 85 في المائة من الأسهم العادية الأساسية. كما حافظت المصارف السعودية على مستوىً عالٍ من السيولة متوسطها 30 في المائة خلال العقدين الماضيين. وشدد الدكتور الحميدي على استمرارية حث البنوك للحفاظ على مستويات تفوق تلك المعايير، موضحا: إن المؤسسة أدخلت معايير صارمة ومتطلبات واضحة لاختبارات التحمل. وقد ساعد ذلك البنوك على إحراز تقدماً جيداً في جميع المجالات. وقال: بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي بالفعل في تطبيق بازل 3 من خلال خطط عمل تم تعميمها على المصارف، وإدخال المتطلبات الاحترازية ذات العلاقة، وتوفير الإرشاد اللازم للبنوك. وكجزء من خطط التنفيذ، أجرت المؤسسة دراسات التأثير الكمي على مجموعة مختارة من البنوك، وبناء القدرات اللازمة في المؤسسة والقطاع المصرفي، وتشكيل فرق فنية تتألف من المشرفين والعاملين في البنوك لتبادل وجهات النظر حول القضايا التقنية والمهنية من أجل سلاسة التنفيذ. وأضاف: تركزت إستراتيجية مؤسسة النقد على جوانب متعددة لتنفيذ بازل 3 في المجالات التالية: تحديد المتطلبات التنظيمية للبنوك التي تقوم أساساً على قواعد لجنة بازل وأفضل الممارسات الدولية في تنفيذها، إجراء دراسات الأثر وجمع البيانات من البنوك لتقييم تأثير المعايير الجديدة لرأس المال والسيولة، توفير التوجيه للبنوك بشأن القضايا التنظيمية والتقنية لتسهيل التطبيق، استعراض خطط التنفيذ مع البنوك وعقد لقاءات ثنائية واسعة على مختلف المستويات لمتابعة التقدم المتحقق في التطبيق، ترتيب وتنسيق برامج التدريب وغيرها من مبادرات بناء القدرات للمشرفين المصرفيين، وكذلك لتعزيز فهمهم للمسائل الفنية. وتشارك المؤسسة في مختلف الاجتماعات واللقاءات والمحافل للإلمام بآخر المستجدات في هذا المجال، إضافة إلى بازل3، قامت المؤسسة بتطبيق معايير أخرى صادرة عن مجلس الاستقرار المالي ولجنة بازل شملت مبادئ المكافآت والحوافز، واختبارات التحمل، وبدء العمل على خطط تخص المؤسسات المالية الهامة على المستوى المحلي D-SIFIs، وقد شملت هذه المعايير فروع المصارف الأجنبية العاملة في المملكة، واستعراض واستكمال المتطلبات التنظيمية في المجالات الأخرى ذات الصلة. وتهدف مبادرات مؤسسة النقد العربي السعودي في هذا المجال استمرار حماية مصالح المودعين وعملاء البنوك، إلى جانب ضمان سلامة ومتانة النظام المصرفي. وتابع الدكتور الحميدي: إن العالم ما يزال متأثراً بالأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2007م. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومات والمصارف المركزية والسلطات الرقابية والهيئات المالية الدولية لتنشيط الأسواق والمؤسسات المالية في العديد من الدول المتقدمة، إلا أن الانتعاش الاقتصادي ما يزال بطيئاً. ولذلك، فإن من أبرز الدروس المستفادة أن أحد الأسباب الرئيسة للأزمة يتمثل في السياسات النقدية التوسعية لفترة طويلة بهدف تمويل النمو الاقتصادي في ظل تراخي الرقابة على الأسواق المالية خاصة المتقدمة. ومن هنا برزت أهمية حزمة الإصلاحات التي من أهمها إصدار بازل3 لتعزيز الرقابة الدولية على البنوك العالمية والأنظمة المصرفية. واستطرد قائلاً: في حين أن سلطات الإشراف المصرفي الدولية تعمل بجد لتحسين الرقابة المصرفية، فقد تحولت الأزمة المالية إلى أزمة حقيقة في بعض الأسواق الأوروبية، وبذلك عاودت تهديدها لسلامة بعض البنوك العالمية، وما قد ينشأ عن ذلك من مخاطر العدوى لغيرها من المؤسسات المالية والأسواق. وقد أظهرت بعض الدراسات عدم كفاية تعزيز الرقابة المصرفية وحدها، بل لا بد من انتهاج سياسات مالية ونقدية حكيمة وضرورية لسلامة ومرونة النظام المصرفي. وتطرق نائب محافظ مؤسسة النقد إلى سبب فشل بازل 2 حيث قال: قبل الحديث عن بازل 3، من المناسب معرفة لماذا فشل بازل2 (الذي صدر في يونيو 2004م على أن يتم التنفيذ الكامل له في 1 يناير 2007م) في منع حدوث الأزمة المالية العالمية. والجواب، أنه بالإضافة إلى التطبيق البطيء وغير المنتظم له خاصة في الأسواق المتقدمة، فإن بازل2 أخفق في معالجة بعض نقاط الضعف الإشرافية في عددٍ من المسائل الهامة مثل عدم وجود تعريف موحد لجودة رأس المال، وأسقف للائتمان، ومعايير مشتركة للسيولة، بالإضافة إلى عدم استيعابه للمخاطر المفرطة للسوق في مجال عمليات المتاجرة والمشتقات المالية التي ارتفعت بشكل حاد بين البنوك الكبرى. ولذلك، فإن بازل2 لم يفي بشكلٍ تامٍ بالغرض المطلوب منه. وأضاف: بالنسبة لبازل3، فإنه لم يعالج فقط أوجه القصور في نسخته السابقة، بل تجاوز ذلك من خلال تقديم مجموعة متنوعة من المفاهيم الجديدة في المعايير الرقابية العالمية التي اعتمدت على نتائج الدروس المستفادة بعد عام 2007م، بالإضافة إلى ما توصلت إليه البحوث الجادة والتأملات من قبل سلطات الإشراف المصرفية العالمية. وقد أدخلت بعض الإصلاحات الرئيسة على بازل3 مثل رفع مساهمة حقوق المساهمين في رأس المال الأساسي. كما استحدث مفهوم تعزيز الاحتياطيات في رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية. واعترفت بازل 3 بأن السيولة لا تقل أهمية، بل قد تتجاوز أهمية رأس المال لسلامة المؤسسات المصرفية. كذلك وضعت سقفاً للاستفادة من خدمات التمويل من المؤسسات المالية مما يقيد المصارف من الإفراط في تحمل المخاطر. ونوه قائلاً وحرصت بازل 3 على تركيز الاهتمام على المخاطر في مجال عمليات المتاجرة والأنشطة الاستثمارية، خاصةً المشتقات المالية والمعاملات خارج الميزانية العمومية. وفي يوليو 2009م، وكتدبير مؤقت، أصدرت لجنة بازل وثيقةً للتنفيذ الفوري تعرف ببازل 2,5 لمعالجة نقاط الضعف التي في بازل 2 خاصة مخاطر السوق وعمليات المتاجرة. وقد ذهبت بازل 3 إلى أبعد من ذلك بكثير لتحسين بعض المجالات مثل مخاطر الائتمان للأطراف المقابلة، والقيمة السوقية للائتمان في حال تراجع الملاءة الائتمانية للجهة المقابلة، ....إلخ. ويتوقع من هذه الإجراءات تعزيز إدارة المخاطر والحوكمة والإشراف على أنشطة مثل التوريق وإعادة التوريق والمشتقات الائتمانية. وعلى المستوى النظري، هناك تركيز كبير على اختبارات تحمل المؤسسات المصرفية لمختلف المخاطر. ويتطلب ذلك قيام المصارف بتطوير فرضيات التحمل من أجل معرفة قدرتها على الصمود والبقاء في ظل الظروف المالية غير المواتية. كما يُوجب بازل 3 على السلطات الإشرافية إجراء اختبار التحمل على مستوى النظام المالي. وأشار أن من أبرز المجالات الهامة التي حظيت باهتمام لجنة بازل هي تعزيز الرقابة على المؤسسات المالية الهامة في النظام المالي العالمي (G-SIFIs). وسوف تخضع هذه المؤسسات لنظام الرقابة أكثر صرامة وفاعلية، وستكون عرضة لمتطلبات أعلى لكفاية رأس المال بما في ذلك زيادة حصة الأسهم العادية. وستواجه المزيد من رقابة السلطات الإشرافية يتمثل في تكوين تجمع لتلك السلطات للتشاور وتبادل المعلومات الإشرافية بشأنها، ومتطلبات أعلى من أنظمة لمعالجة حالات التعثر للحيلولة دون تأثير ما تتعرض له من مخاطر على سلامة النظام المالي. وهناك توافق في الآراء على المعايير التي سيتم تطبيقها بشكلٍ متساوٍ على المؤسسات المالية الهامة على المستوى المحلي. ولفت الدكتور عبدالرحمن الحميد إلى أبرز التحديات العالمية التي ستواجه المصارف والسلطات الإشرافية عند تطبيق بازل3 وهي: أولاً: ركزت بازل3 على رفع نوعية وكمية ومقدار الانسجام الدولي فيما يتعلق برأس المال والسيولة. وتهدف القواعد الجديدة إلى تعزيز إدارة رأس المال والمخاطر في المصارف. وهذا يتطلب استقطاب أموال إضافية لتعزيز رأس المال والاحتياطيات والحد من مدفوعات أرباح الأسهم والمكافآت، ورفع مكتسبات الكفاءة، وتعبئة موارد جديدة لتلبية متطلبات رأس المال والسيولة. وهذا سيخلق تحدياً كبيراً بالنسبة لبعض البنوك النشطة دولياً، لا سيما في ظل ظروف السوق الحالية، ثانياً: على البنوك النشطة دولياً التي تواجه نقصاً في رأس المال إعادة النظر في إستراتيجيات أعمالها وحضورها الدولي وخططها التوسعية. ولذلك ربما تكون هناك حاجة لاتخاذ بعض القرارات الصعبة مثل تغيير المواقع أو التفكير في الاندماج وتوحيد فروع وشركات التابعة لها، ثالثاً: تُوجب اتفاقية بازل 3 على البنوك تقييم قدراتها القائمة لتقدير المتطلبات الإضافية لرأس المال والسيولة. وهذا يشجع المصارف على تخصيص الاستثمارات اللازمة لتطوير أنظمة وإجراءات بناء طاقاتها الاستيعابية، رابعاً: إن المعايير الجديدة لرأس المال والسيولة ذات طبيعة فنية ونظرية عالية. وهذا يوجب على العاملين في البنوك والسلطات الإشرافية تكثيف الدورات التدريبية لتعلم المفاهيم والتقنيات الجديدة، خامساً: بالنظر إلى شح الموارد البشرية المؤهلة، ستواجه البنوك والسلطات الإشرافية تحدياً في المحافظة على وجذب الموظفين ذوي المهارات المطلوبة، سادساً: لتلبية المتطلبات التنظيمية الإضافية لبازل3، على المصارف إعادة تقييم تقاريرها التنظيمية وهياكل الالتزام لديها لضمان انسجامها مع المتطلبات الجديدة. وهذا أمر مهم نظراً لتمديد الفترة الزمنية لتنفيذ المرحلة الانتقالية التي يُطلب من بعض المصارف المساهمة فيها من خلال دراسات التأثير الكمي، في حين يتوجب على البعض الآخر التحضير للتنفيذ الكامل خلال تلك الفترة. وعلينا أن نضع في الاعتبار أن المعايير الجديدة ما تزال قابلة للتغير في بعض أجزائها وفقاً لنتائج دراسات الأثر الكمي لها، وبالتالي قد يتطلب ذلك مزيداً من التعديلات في المتطلبات التنظيمية الحالية، سابعاً وأخيراً: فإن أهم خطوة يتعين اتخاذها من قبل البنوك، اعتماد هيكل حوكمة فاعل الذي يناسب نموذج أعمالهاإدارة مخاطرها. وينبغي على مجالس الإدارة أن يكون لديها الفهم الواضح لمسئولياتها في إدارة الشركات، وممارسة مبادئ الحوكمة السليمة. كما يجب على الإدارة العليا التنفيذية التأكد من أن أنشطة المصرف تتفق مع استراتيجية أعمال البنك، ومستويات تحمل المخاطر، والتوجيهات التي أقرها مجلس الإدارة. هذا هو الأساس الذي يجب أن يبنى عليه أي إطار فاعل لإدارة المخاطر، وهيكل حوافز سليم، وترتيبات متطورة للحوكمة.