قال نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي إن المؤسسة كانت ضمن المجموعة الأولى من البلدان خارج «لجنة بازل» التي طبقت «بازل1» في عام 1992، ثم «بازل2» في كانون الثاني (يناير) 2008. وبينما كانت «بازل1» حاسمة لإدخال مفاهيم حساسية المخاطر لأصول المصارف والشريحة الأولى والثانية لرأس المال (tier-1 & tier-2)، فقد قدمت «بازل2» مفاهيم نظم تصنيف وبرمجة المخاطر الداخلية. وأوضح في ندوة «استراتيجيات إدارة المخاطر للالتزام بمقررات بازل3 وأبعادها المستقبلية»، التي عقدت في المعهد المصرفي في الرياض أمس، أنه ومن وجهة نظر المؤسسة فإن أعلى إضافة نتجت من تطبيق «بازل2»، هي التطور الملموس الذي حققته المصارف في أربعة مجالات هي: أولاً، منذ تطبيق مبادئ عمليات التقويم الداخلي لكفاية رأس المال (ICAAP)، تحسّن أداء المصارف في ما يتعلق بالتخطيط لرأس المال، ومقدار المخاطر الممكن تحملها وفق خطة عملها ضمن منظومة المخاطر التي تواجهها المصارف على المدى المتوسط. ثانياً، شهدت المصارف تطوراً في ما يتعلق بإدارة مخاطر الدعامة الثانية (Pillar 2 risks) بما في ذلك سعر الفائدة، والسيولة، والصرف الأجنبي، والاستراتيجية، والتقنية والسمعة. وأشار إلى أن جميع المصارف وضعت منهجيات لتحديد وقياس وإدارة وتخصيص رأس المال لحسن إدارة هذه المخاطر التي لم تتطلب في السابق تعزيزاً لرأس المال. ثالثاً، حققت المصارف تقدماً جيداً في اختبارات التحمل. وهذا ساعد في معرفة مواطن القوة والتحمل في مواجهة المخاطر في أوقات الأزمات. وأخيراً، أوضح تطبيق الدعامة الثالثة (Pillar 3) أن المصارف السعودية منسجمة تماماً مع أفضل المعايير العالمية في هذا المجال. وقال: «إن توقعاتنا الأولية تبشّر بالانتقال السلس إلى بازل3 ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها. وسيأتي ذلك نتيجة لأن المصارف السعودية حققت مستويات عالية من رأس المال والاحتياطات. إذ بلغ متوسط كفاية رأس المال وفقاً لمعيار بازل3 حوالى 17 في المئة، منها حوالى 85 في المئة من الأسهم العادية الأساسية. كما حافظت المصارف السعودية على مستوى عالٍ من السيولة متوسطها 30 في المئة خلال العقدين الماضيين». مشيراً إلى أن المؤسسة تحث البنوك دائماً على الحفاظ على مستويات تفوق تلك المعايير. ولفت إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي بدأت بالفعل في تطبيق «بازل3» من خلال خطط عمل تم تعميمها على المصارف، وإدخال المتطلبات الاحترازية ذات العلاقة، وتوفير الإرشاد اللازم للبنوك. وكجزء من خطط التنفيذ، أجرت المؤسسة دراسات التأثير الكمي على مجموعة مختارة من البنوك، وبناء القدرات اللازمة في المؤسسة والقطاع المصرفي، وتشكيل فرق فنية تتألف من المشرفين والعاملين في البنوك لتبادل وجهات النظر حول القضايا التقنية والمهنية من أجل سلاسة التنفيذ. وقال: «تركزت لدينا استراتيجية متعددة الجوانب لتنفيذ بازل 3 في المجالات الآتية: تحديد المتطلبات التنظيمية للبنوك التي تقوم أساساً على قواعد لجنة بازل وأفضل الممارسات الدولية في تنفيذها، وإجراء دراسات الأثر وجمع البيانات من البنوك لتقويم تأثير المعايير الجديدة لرأس المال والسيولة، وتوفير التوجيه للبنوك بشأن القضايا التنظيمية والتقنية لتسهيل التطبيق، واستعراض خطط التنفيذ مع البنوك، وعقد لقاءات ثنائية واسعة على مختلف المستويات لمتابعة التقدم المتحقق في التطبيق». وأكد أن مبادرات مؤسسة النقد العربي السعودي في هذا المجال تهدف إلى استمرار حماية مصالح المودعين وعملاء البنوك، إلى جانب ضمان سلامة ومتانة النظام المصرفي، مضيفاً أنه «في أعقاب الأزمة المالية العالمية فإن النظام المالي يتغيّر بشكل كبير وبوتيرة مستعجلة، ومن أجل مواجهة التحديات المقبلة يتعيّن على السلطات الإشرافية والمصارف المركزية تحسين إدارة المخاطر من خلال التنسيق والتعاون في مجال المعايير والسياسات العالمية ذات الصلة، ونعتقد أن التطبيق الكامل لبازل 3 سيسهم بشكل كبير في إدارة المخاطر وتعزيز النظام المالي العالمي، ومع ذلك فإن هذا يتطلب استثمارات ضخمة في النظم والموارد البشرية فضلاً عن تعزيز الحوكمة وأطر إدارة المخاطر». وأضاف: «هذا لا يعني أننا يجب أن نعتمد بشكل مفرط على المعايير المتقدمة لإدارة المخاطر، ونتجاهل أهمية دور كفاءة الإدارة والحس المصرفي السليم. إذ أثبتت التجربة أن معايير المخاطر الكمية تكون أكثر فعالية عندما تدار بأيدٍ مصرفية عالية الكفاءة. وتم التأكيد على مصارفنا بأهمية تعزيز أطر إدارة المخاطر والمنهجيات التي تتطلبها، إضافة إلى توجيه مجالس الإدارات بترسيخ مبادئ الحوكمة الفاعلة وإدارة البنوك على نحو سليم. ونحن في مؤسسة النقد العربي السعودي نتابع بشكل مستمر ودقيق التطوّرات الحديثة في الأسواق المحلية والعالمية من أجل الإشراف بشكلٍ شاملٍ لضمان استقرار النظام المالي». وأكد الحميدي أن العالم اليوم لا يزال متأثراً بالأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2007 وعلى رغم الجهود التي بذلتها الحكومات والمصارف المركزية والسلطات الرقابية والهيئات المالية الدولية لتنشيط الأسواق والمؤسسات المالية في عدد من الدول المتقدمة، إلا أن الانتعاش الاقتصادي لا يزال بطيئاً، وأبرز الدروس المستفادة أن أحد الأسباب الرئيسية اللازمة يتمثل في السياسات النقدية التوسّعية لفترة طويلة، بهدف تمويل النمو الاقتصادي في ظل تراخي الرقابة على الأسواق المالية خصوصاً المتقدمة، ومن هنا برزت أهمية حزمة الإصلاحات التي من أهمها إصدار «بازل 3» لتعزيز الرقابة الدولية على البنوك العالمية والأنظمة المصرفية.