فيما تشهد الساحة السياسية الإيرانية حراكا صاخبا، قبيل الانتخابات الرئاسية قريبا، انعكست أجواء التوتر بين المحافظين والإصلاحيين، من خلال تراشق الاتهامات وتخوين بعض الرموز القيادية لكسب أصوات الناخبين. وتفاقمت حدة الصراع بين الجانبين، حيث وجَّه القيادي في الحرس الثوري، الجنرال مسعود جزايري، انتقادات لاذعة للرئيس حسن روحاني، على خلفية تصريحاته خلال خلال الجولة الثانية من مناظرات المرشحين الرئاسيين، التي اتهم فيها الحرس الثوري بمحاولة نسف الاتفاق النووي عبر استمرار تطوير واختبار الصواريخ الباليستية وتهديد دول المنطقة بها. ونقلت وكالة فارس المقربة من الحرس الثوري، تصريحات جزايري، التي قال فيها إن تطوير قوة إيران الصاروخية يأتي في إطار السياسات العامة للنظام، وإن وجود قواعد صاروخية تحت الأرض هو «عامل ردع مهم أمام تهديدات الأعداء»، حسب تعبيره. وكان روحاني قد هاجم خلال مناظرة بثتها الفضائيات الإيرانية، أول من أمس، بعض الجهات «باستعراض قدرات الصواريخ الباليستية، سعيا لعرقلة الاتفاق النووي»، وهو الأمر الذي عده مراقبون اتهاما مباشرا للحرس الثوري، وتلميحا إلى الصواريخ التي أطلقتها طهران خلال الفترة الماضية. تناقض التصريحات كان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، هاجم خلال اليومين الماضيين مقتحمي السفارة السعودية بطهران، واصفا الهجوم بأنه «حماقة تاريخية وخيانة من المهاجمين»، دون أن يسميهم، وهي خطوة رأى مراقبون أنها استعطاف للناخبين، لدفع حظوظ الإصلاحيين على حساب المتشددين، المدعومين من المرشد الأعلى والحرس الثوري. ودأبت القيادة الإيرانية على انتقاد تحركات الإصلاحيين، وما أسمته «الانفتاح الشديد على الغرب»، وما نتج عنه من توقيع للاتفاق النووي، في وقت لم يساعد الاتفاق على تحسين الوضع الاقتصادي المتردي، ولم يحظ بالقبول وسط الشارع الإيراني، رغم أن التقارير الدولية أكدت أنه ساعد إيران في الحصول على أموال كانت مجمدة، إلا أنه تم صرفها على تقوية الميليشيات والمؤسسة العسكرية وتطوير القدرات الصاروخية التي ندد بها المجتمع الدولي. انتهازية روحاني أكد مراقبون أن مواقف روحاني لا تختلف عن التي يتبناها خامنئي والجناح المتشدد، لاسيما ما يتعلق بالموقف في سورية والمنطقة بشكل عام. ونقلت وكالة أنباء فارس عن روحاني خلال المناظرة الثانية للمرشحين، تأكيده على أن إيران «بقوتها الدبلوماسية» تفاوض لحل الأزمة السورية، مضيفا «دبلوماسيونا ومقاتلونا يقومون بإحياء حقوقنا المتبقية». وأضافوا أن روحاني يحاول تسويق نفسه، ليس لدى الكتلة الناخبة فقط، بل لدى مؤسسة المرشد والتيارات المحيطة بها، لأنها تملك التأثير على الانتخابات ونتائجها الرسمية النهائية. وتابع روحاني «لدينا مستشارون أعزاء ذهبوا إلى سورية، وقدمنا شهداء هناك، وإذا أردنا أن نستفيد جيدا، فعلينا أن نكون قادرين على تسوية المواضيع على طاولة المفاوضات، وأن يقوم دبلوماسيونا إلى جانب مقاتلينا بإحياء حقوقنا المتبقية». وفيما يؤكد دبلوماسيون غربيون تطابق وجهة نظر روحاني مع تصريحات جنرالات الحرس الثوري، لفت آخرون إلى أنه يسعى لترسيخ الدور الإيراني في سورية، والإيحاء بأنه نهائي وإلزامي لأي تسوية تتعلق بإنهاء الصراع.