طهران، باريس، واشنطن، لندن - يو بي آي، أ ف ب، رويترز - أعلن قائد الشرطة الإيرانية الجنرال إسماعيل أحمدي مقدّم أمس، اعتقال 12 من مقتحمي السفارة البريطانية في طهران ومجمعاً تابعاً لها في شمال العاصمة طهران الثلثاء الماضي، والذين احتجوا على العقوبات التي فرضتها وزارة المال البريطانية ضد بلادهم بسبب برنامجها النووي. وأكد أن المعتقلين سلِموا إلى السلطات القضائية، مشدداً على بذل الشرطة كل ما في وسعها لحماية السفارة خلال الاحتجاجات، وأن مسؤولي البعثة أشادوا بتشديد قوات الأمن إجراءات حماية أفراد بعثة السفارة ما منع تعرض أي منهم لأذى جسدي. وفيما ردت بريطانيا على اقتحام سفارتها في طهران ومصادقة مجلسي الشورى الإيراني (البرلمان) وصيانة الدستور على قانون خفض العلاقات مع بريطانيا، وصل الديبلوماسيون الإيرانيون المرحلون إلى مطار مهراباد بطهران، حيث استقبلهم حوالى 150 متشدداً، معظمهم من ميليشيا «الباسيج»، بأكاليل زهور هاتفين «الموت لبريطانيا» وحاملين لافتات كتب على بعضها «أغلقت سفارة الجواسيس إلى الأبد». لكن لم يسمح لهم برؤية الديبلوماسيين على غرار الصحافيين. واستقبل الديبلوماسيين الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبارست الذي قال: «تحاول الحكومة البريطانية الآن توريط بلدان أوروبية أخرى في المسألة الثنائية بيننا، لكننا أبلغنا الأوروبيين ضرورة عدم تعكير العلاقات مع إيران بسبب بريطانيا». في غضون ذلك، انتقد رجل الدين ناصر مكارم شيرازي المقرب من التيار المحافظ المتشدد اقتحام السفارة البريطانية باعتباره «يوفر ذريعة للعدو وقد يكلف البلاد غالياً»، مع نفيه موافقة المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي على تنفيذه. وقال: «لا شك في أن بريطانيا أحد أقدم أعداء إيران، لكن الثوار الشباب لا يجب أن يتجاوزوا القانون، لذا أطلب منهم تفادي التحرك من دون إذن المرشد الأعلى». ولم يعلق الرئيس محمود أحمدي نجاد على اقتحام السفارة، ما يشير بحسب محللين إلى أن العملية دبرها متشددون منافسون من داخل النظام الذي يسوده انقسامات. وكان السفير البريطاني دومينيك تشيلكوت الذي غادر طهران أبلغ وسائل إعلام في بلاده أن «إيران ليست بلداً تطرأ فيه تظاهرة في شكل عفوي كي يتجمع محتجون ثم يهاجمون سفارة أجنبية. هذا النوع من النشاطات لا يجري إلا بموافقة الدولة وبدعم منها». تدابير فرنسية وفي فرنسا، كشف مصدر ديبلوماسي نية الحكومة خفض عدد من موظفي سفارتها في طهران «موقتاً لأسباب أمنية واضحة». لكن هذا الإجراء لن يشمل حوالى 700 فرنسي يقيمون في إيران. وتوقع المصدر مغادرة موظفين إداريين وآخرين يعملون في المركز الثقافي الفرنسي والمكتب الاقتصادي والمدرسة الفرنسية طهران خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي واشنطن، حضت زعيمة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا على زيادة العقوبات على إيران «من دون إرجاء». وأورد بيان أصدره حزب «كاديما» الذي تتزعمه ليفني أن «العالم يحتاج إلى وقف إيران، والمطلوب عقوبات أقوى وأشد». وفي تصريحات أدلى بها في مركز «سابان» للشرق الأوسط بمعهد بروكينغز، تعهد بانيتا منع إيران من الوصول إلى أسلحة نووية، وقال إن «إدارة أوباما لم تستبعد تنفيذ عمل عسكري، لكنه حذر من آثار جانبية سلبية محتملة لضرب إيران، «لأنها قد تقوي النظام الحاكم، بينما قد لا تدمر كل الأهداف في ظل صعوبة الوصول إلى بعض المواقع». وأعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية الجنرال حسن فيروزابادي أن الانفجار الذي استهدف موقعاً لتطوير الصواريخ الباليستية قرب طهران في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأسفر عن مقتل 36 شخصاً بينهم المسؤول عن برنامج التسلح في «الحرس الثوري» ومؤسس برنامج الصواريخ في إيران الجنرال حسن مقدم «لم يؤثر على قدرة إيران في هذا المجال». وقال: «قواتنا وصواريخنا الباليستية مستعدة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة أعدائنا»، علماً أنه كان كشف سابقاً أن القاعدة التي وقع فيها الانفجار «العرضي» تستخدم في تطوير منتج اختباري يمكن استخدامه ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل. لكن شقيق الجنرال مقدم، وهو قائد في «الحرس الثوري»، تحدث عن «مشروع تكنولوجي فائق التطور وسري على صلة بصواريخ باليستية عابرة للقارات». وكان القائد الأعلى للقوات الإيرانية أكد آنذاك أن الانفجار لن يؤخر المشروع سوى «أسبوعين»، لكن خبراء عسكريين أميركيين وإسرائيليين اعتبروا أن هذا التأخير سيستغرق فترة أطول، لأن الانفجار دمر الموقع بالكامل. وتمتلك إيران حالياً بضعة أنواع من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى، والتي يستطيع بعض منها بلوغ إسرائيل وعدد كبير من القواعد الأميركية في المنطقة، وهي الأهداف المعلنة لإيران إذا تعرضت لهجوم.