استقراء الأحداث وترتيبها حسب أبجديتها في محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أو تعريف ما حدث في تلك الليلة التي قفزت أحداثها متوالية منذ الساعات الأولى لفجر يوم الأحد، حيث أطلق البعض عليها الانقلاب، تحتاج إلى تأنٍ وتعمق في التفكير على أن يرافق ذلك جهد وافر من المعلومات الأمنية والخبرة المعلوماتية في الأدلة الجنائية، شريطة أن تكون حيادية وغير متحيزة لطرف دون آخر، لتبيان الحقيقة وتوضيح الخفي، وكشف المستور من هذه العملية، خصوصا أن لا طرف يتبنى هذه العملية لتبقى مجهولة التنفيذ. لكن كما يقولون فإن الشيطان يسكن في التفاصيل.. نعم تلك التفاصيل التي توقد في داخلنا سؤالًا نحتار في إجابته، وهو أن أي شخصية عادية ومهما بلغت نسبة وحجم تركيبتها النفسية والشخصية فإنها عندما تستشعر أن هناك خطرا أو عارضا يهدد حياتها فإن من أولويات إجراءات الحماية الشخصية التي تتخذها هو تأمين أمنها الشخصي وأفراد أسرتها وتوفير كل إجراءات الأمن والأمان سواء الانتقال إلى منزل أكثر أمانا أو بيئة مؤمنة لهم، فما بالنا برئيس وزراء العراق بكل ما يحمل هذا المعنى الوظيفي والصفة المعنوية للمسؤول التنفيذي الأول للبلد، حيث من الواجب أن يكون أمنه الشخصي وأفراد عائلته من الضرورات التي ترتقي إلى السيادية في قضية أمن الدولة واستقرار نظامها السياسي وحماية ذلك الرمز السياسي. كذلك من البديهي أن يكون عند هذا المسؤول ذلك الحس الأمني والاستخباري الذي يُكيف له تلك الحماية ويؤمنها ولعائلته في ظل ظروف متوترة يعيشها هذا البلد، مع ملاحظة أن الكاظمي كان رئيس أهم جهاز أمني في البلاد وهو جهاز المخابرات بكل ما يحمله من خبرات أمنية تؤهله لاستشعار الخطر قبل حدوثه، فهل كانت السذاجة حاضرة في المخيلة خصوصا أنه يسكن في منزل لا يبعد كثيرا عن اعتصامات وتظاهرات محتجين على نتائج الانتخابات ،مع كل ما يحيط بهذا العنوان الوظيفي من مستشارين أمنيين وخبراء عسكريين من واجبهم أن يقدموا له نصيحة ترك القصر أو المنزل مع عائلته والالتجاء إلى ملاذ آمن، ربما خوفا من أي عمل أو خطوة قد يُقدم عليها أولئك المحتجون . وكم سيكون الأمر مُعيبا وكارثيا عندما نكتشف أو نقف أمام حقيقة أن جميع الأجهزة الأمنية والاستخبارية وقفت عاجزة عن كشف مؤامرة لاغتيال الرئيس، فأين كانت مجساتُها؟، هذا مع توّقد نظرية المؤامرة في داخلنا حين نسأل، وأين كانت منظومة الصواريخ والحماية للسفارة الأمريكية التي تجاور منزل الرئيس؟ ولماذا لم تستشعر هذا الخطر وهي التي تشم رائحة الصاروخ قبل أن ينطلق؟، ثم ما سرّ هذا الإطلاق الكثيف من الإطلاقات وتبادل الرمي داخل المنطقة الخضراء؟. نعتقد أن كل تلك الأسئلة تحتاج إلى إجابات قد لا يجيب عليها من لديه أسرارها، ويبدو أن الفوضى التي تحدّثوا عنها، وخلط الأوراق وحالات المدّ والجزر في السياسة العراقية، ستجعل من الأيام القادمة حُبلى بالمفاجآت التي ستزيد الوضع غموضا وتعقيدا... لم لا فنحن في العراق!.