في عالم السياسة عندنا - بالعراق - الذي تحول إلى مهرجان كبير للسيرك يرتاده المهرجون والأرجوزات والضّحاكين، اعتدنا أن نرى ونسمع من هذا العالم المجنون أحداثاً وتجارب ترسم صورة سوداوية ونهاية حتمية لكل من يريد أخذ حجم أكبر من حجمه، أو صراعا دنيويا من أجل مكسب رخيص، بحيث تكون الخاتمة إنهاء الدور أو التأثير. وقد تُبنى هذه المفاهيم على مقومات وأسس توصل إلى هذا الاستنتاج، منها أن الأطراف المتنازعة ستكون مستعدة لحرق كل أراضي المعركة وإشعال السفن التي جاءت بهم من أجل الفوز في الحرب، وبالنتيجة سيكون المواطن البسيط هو المتضرر الأوحد من هذه المعركة الخاسرة التي ليس له فيها ناقة ولا جمل. ويبدو أن حرب الزعامات في المكون الواحد أو في أحزاب المذهب الواحد أو صراع السلطة قد بدأت بالاستعار، خصوصاً مع موعد اقتراب الانتخابات العراقية، وأصبح كلٌ يغني على ليلاه ويرقص على آهات وأوجاع الآخرين، والكل أصبح يسوّق نفسه للكل، وكأننا كنا بحاجة ماسة إلى الزعامات التي ستنقذنا من هذا البلاء والجوع والوباء، بحيث نسينا أن هؤلاء الزعماء (القادة) كانوا جزءاً من المشكلة وليس من الحل، وأن الخراب والفوضى ترعرعا على أيديهم وليس غيرهم. لكن ما يستحي هؤلاء من قوله للرأي العام ولقواعدهم، أن اللاعبين الأساسيين المؤثرين في المشهد العراقي الذين يتحكمون بهم من خارج الحدود، قد أدركوا أن صور هؤلاء الزعامات قد احترقت، وأصبح من الواجب بل الضروري البحث عن بُدلاء أو وجوه جديدة لتلك الأقنعة التي اُستهلكت، بحيث باتوا يعلمون أن تلك الزعامات المزعومة قد انتهى تأثيرها إلى الهاوية، وهو ما يجعل من الضروري البحث عن بيادق جديدة. بالمحصلة قضية البحث عن وجوه جديدة ستشعل التنافس بين القيادات القديمة أو الزعامات، لنيل رضا ذلك المتحكم بأمرهم حتى ولو أدى ذلك إلى حرق المعبد بمن فيه، لكنهم واهمون فاللعبة شارفت على النهاية وبانتظار لعبة جديدة ولاعبين جُدد، وسيضطر الجميع في النهاية للجلوس إلى مائدة الغنائم، والكل سيعود إلى حجمه الطبيعي الذي أُريد له أن يكون فيه، فليس هناك زعيم وإنما بيدق من البيادق يحركه اللاعب في لعبة الشطرنج حسب ما تقتضيه اللعبة، وهي حرب مزعومة لا تخدعكم عناوينها.