تبدو فكرة الدخول إلى المستشفى صعبة على الراشد، فكيف بالأحرى إذا كان المعني بذلك طفلاً ينتقل إلى مكان غريب يجهله ويتعامل مع أشخاص لا يعرفهم مع شعوره بالألم والانزعاج من كل تلك الإجراءات التي يخضع لها. تجربة صعبة على الطفل أياً كانت سنّه، ومهما كانت خطورة الحالة التي أُدخل على أثرها إلى المستشفى. وينطبق ذلك أيضاً ولو بحدّة على زيارة الطبيب التي تسبب للطفل في العادة حالة من الخوف ومن الهلع أحياناً. لكنّ لذلك حلولاً وإجراءات تسمح بالحد من مخاوف الطفل لتكون هذه التجارب أكثر سهولة بالنسبة إليه. الطبيبة الاختصاصية في طب الأطفال والطوارئ باميلا شرفان تتحدث هنا عن الأسباب التي تؤدي إلى هذه المخاوف لدى الطفل عند زيارة الطبيب أو عند دخول المستشفى، وطرق الحد منها بإجراءات عدة وخطوات تسهّلها عليه، مشدّدة على دور الأهل من جهة، ودور المستشفى أو الطبيب من جهة ثانية. - ما الأسباب التي تُخيف الطفل من المستشفى؟ تنبع مخاوف الطفل من المستشفى من أسباب عدة. فصحيح أن الراشد أيضاً يخشى دخول المستشفى، ويعاني التوتر والقلق، لكن بالنسبة إلى الطفل المستشفى عبارة عن مكان لا يعرفه وأشخاص كثر يحيطون به وهو لم يرهم يوماً ويُخضعونه إلى علاجات مؤلمة وإجراءات مزعجة من حقن وفحوص وغيرها، فيما لا يشعر بالتسلية. هذه الأمور تبدو غريبة بالنسبة إليه. كما أن مخاوفه تزيد لكونه بعيداً عن بيته وأهله الذين لا يرافقونه في كل لحظة. - لماذا تتخطى مخاوف الطفل في المستشفى تلك التي يشعر بها الراشد؟ هذا أمر طبيعي، فالطفل يخاف أكثر من كل مكان غريب ومن المجهول لأنه لا يعرف إلى أين ستودي به الأمور. أما عندما يكبر فيفهم بشكل أفضل وتصبح الأمور أكثر سهولة بالنسبة إليه. - إلى أي مدى يلعب الأهل دوراً في تسهيل الأمور على الطفل، أو جعلها أكثر صعوبة؟ مما لا شك فيه أن للأهل دوراً أساسياً في ذلك، فهم بالنسبة الى الأطفال مصدر اطمئنان وأمان. ولا يمكن أن ننكر أن بعض الأهل يزيدون من مخاوف الطفل من المستشفى من خلال تعابير أو تصرفات معينة. عندها تشكل فكرة المستشفى بالنسبة الى الطفل هاجساً يثير قلقه وخوفه. من هنا أهمية تفسير الأمور بشكل إيجابي. - هل تزيد هذه المخاوف أحياناً أو تخف حدّتها لدى بعض الأطفال؟ تختلف حدّة المخاوف من المستشفى باختلاف شخصية الطفل وطريقة تعاطي الأهل مع الأمر وأسلوب تفسيره للطفل. كما أن لطريقة تعاطي المستشفى معه تأثيراً كبيراً فلا يمكن التوقع من طفل ردود الفعل نفسها التي لدى الراشد. فالطفل الذي يخاف مرة من المستشفى أو حتى الطبيب نتيجة سوء التعاطي معه، يخاف في كل مرة ولا بد من العمل على تغيير وجهة نظره. لكن من الواضح أن بعض الأطفال يتمتعون بشخصية أقوى من آخرين. فبالعض يبكي في زيارة الطبيب أكثر من الآخرين مثلاً. كذلك الأمر بالنسبة الى المستشفى. - يقال إنه يفيد الطفل أن يصطحب معه إلى المستشفى أو لدى الطبيب لعبته المفضلة أو غرضاً يحبه... لا بد من التشديد على أن كون المكان جديداً للطفل، من الطبيعي أن يسبب له الخوف. هو مكان لا يعرفه ولم يعتد عليه فكيف له ألاّ يخشاه! لكن عندما يحضِر معه لعبته المفضلة أو غرضاً يحبه فهو يشعر بالأمان، ويبدو ذلك واضحاً بين الأطفال. يكفي أنها أغراض يحبها وتُشعره بالأمان والطمأنينة فتزيده قوة ويصبح أكثر قدرة على تخطي مشاعره السلبية ومخاوفه، خصوصاً أنها تذكّره بمنزله وبالعائلة التي تعتبر مصدر أمان له. - توفر الأم للطفل عادةً الإحساس بالأمان، لكن هل هذا صحيح دائماً أم أن ثمة حالات يلعب فيها الأب هذا الدور أثناء وجود الطفل في المستشفى أو لدى الطبيب مثلاً؟ ليس ضرورياً أن تكون الأم هي مصدر الأمان للطفل، فقد تكون علاقته أقوى أحياناً مع الوالد وإن كانت الأم هي التي تمنحه هذا الإحساس في معظم الأحيان. لذا فالأهم أن يتواجد في أمكنة تثير قلقه أو خوفه مع الشخص الذي يشعره بالارتياح وتكون علاقته به أقوى. وفي كل الحالات، غالباً ما يكون الوالدان معاً موجودين مع الطفل في ظروف من هذا النوع، مما يشعره بمزيد من الارتياح. - هل من أغراض محدّدة يرتاح الطفل عند أخذها معه إلى المستشفى أو لدى زيارة الطبيب؟ في الواقع، قد يكون أي غرض يرتاح الطفل بوجوده معه، وما من أغراض محددة لذلك. فيمكن أن يكون لعبة مفضلة أو غطاء أو صوراً يحبها لإخوته او غيرها من الأغراض التي تعني له الكثير وتُشعره بالارتياح. - تثير فكرة دخول المستشفى قلق الراشد بدرجات بحسب حدّة المشكلة الصحية التي يعانيها وخطورتها، هل يؤثر ذلك في الطفل أيضاً؟ لا يميز الطفل بين مشكلة صحية وأخرى، أو بين مرض وآخر يدخل بسببه إلى المستشفى. بالنسبة إليه هو مكان مجهول يدخل إليه ويخضع فيه إلى إجراءات غريبة عنه بعيداً من محيطه المعتاد. تلك هي الصورة بالنسبة إلى الطفل بغض الطرف عن خطورة الحالة أو سهولتها. هو يخشى الألم ويخاف الانفصال عن أهله وعن محيطه بكل بساطة، وهذا ما يزعجه. - ما الإجراءات التي يمكن أن يتخذها الأهل ليسهّلوا على الطفل فكرة زيارة الطبيب أو دخول المستشفى؟ أهم ما يمكن أن يفعله الأهل هو تعريف الطفل بما سيتعرض له وكيف سيتم التعاطي معه في المستشفى او لدى الطبيب. هذه الخطوة التي تقضي بتحضير الطفل تساعده كثيراً وتخفف من وقع هذه التجربة عليه ومن مدى تأثره بها. يمكن كذلك أن يفسر له الأهل أهمية الفحوص التي سيخضع لها وفوائدها له. أيضاً من الإجراءات الإيجابية في هذه الحالة، اصطحاب الطفل لعبته المفضلة معه أو أي غرض آخر يحبّه ويُشعره بالارتياح. ومن المهم طبعاً أن يتواجد الأهل معه طوال الوقت في هذه الظروف. نصيحة إضافية: من المهم جداً أن يحافظ الأهل على هدوئهم في ظروف مماثلة، لأن التوتر الذي يشعرون به ينعكس على أطفالهم. من هنا أهمية أن يكونوا هادئين حتى لا يتوتر الطفل. - هل يجب على الأهل أن يفسروا للطفل ما سيحصل له بغض الطرف عن سنّه؟ من المهم دائماً أن يشرح الأهل للطفل ما سيحصل معه وما سيخضع له من فحوص وعلاجات بأسلوب يتناسب مع سنّه طالما أنه في سنّ تسمح له بالاستيعاب إذ يبقى هذا أفضل بكثير من أن يذهب الى المستشفى وهو جاهل ما ينتظره. - ما الخطوة الخاطئة التي يقوم بها الأهل عادةً في هذه الحالة؟ الخطأ الأبرز الذي يقع فيه الأهل هو تخويف الطفل من المستشفى ومن الطبيب وإخضاعه إلى قصاص مرتبط بهما، مما يولّد لديه هذا الإحساس بالخوف من الفكرة لاعتبار هذه الأمور مرتبطة بالعقاب.