غلاف الكتاب الرياض – حسين الحربي حاولت الاتصال ب «العودة» لإضافة رأيه في الكتاب ولم أحظ برد منه لابد من نقل الحدث للأجيال اللاحقة التي لم تعايش تفاصيل تلك المرحلة يتناول كتاب «السادس من نوفمبر»، الصادر عن دار جداول اللبنانية، تجربة إقدام 47 سيدة سعودية على قيادة السيارة في شوارع مدينة الرياض في السادس من نوفمبر عام 1990م، بالمعلومة والتحليل والتوثيق لحدث صغير استغرق حوالي ثلاثين دقيقة، لكنه انفجر مدوياً وهز المجتمع، وأصبح حدثا كبيرا في تلك الفترة، وما زالت تبعاته حتى الآن. ويتحدث الكتاب عن تفاصيل مهمة عن تلك التجربة، قبل الحدث وأثناءه وما أعقبه من تداعيات وأحداث وصخب إعلامي، وهي تفاصيل ظلّت غائبة وغير معروفة لأكثر من عشرين عاما. وعَمَدت مؤلفتا الكتاب، عائشة المانع وحصة آل الشيخ، إلى دعمه بوثائق ذات أهمية، شملت منشورات ومقالات صحفية، تناولت التجربة في حينها، سلبا أو إيجابا، الأمر الذي يجعل من الكتاب وثيقة تاريخية لا غنى عنها في تاريخ المرأة السعودية. وعن الكتاب وتأخر ظهوره، قالت الدكتورة حصة آل الشيخ ل»الشرق»، إن الفكرة كانت موجودة منذ فترة طويلة، بدليل قيامنا بتجميع الوثائق وكتابة التجارب الشخصية منذ ذلك الوقت، وكنا نتردد كثيرا بسبب تخوف البعض من الحرج في ذكر الأسماء والعائلات وتبعات ذلك عليهم، والألم لوصف المشاعر والأحاسيس ونكأ الجروح، مشيرة إلى أن ما حدث ليس ببسيط، وحفر في الذاكرة، وأثر فينا، وغيّر مسار البعض، وآثاره ستبقى إلى الأبد. وأضافت: ومع مضي عقدين من الزمن، واختلاف الوضع عما عليه، خاصة في وضع المرأة، وكثرة الروايات المتضاربة حول تاريخ المطالبة بقيادة المرأة في المملكة، ومعاودة الشابات أفرادا وجماعات تكرار المطالبة بها، وتغييب تجربتنا، إلى درجة أن البعض لا يعرف عنها شيئا، خاصة الأجيال الجديدة من طالباتي وصديقات بناتي اللواتي لم يسمعن عنها شيئاً، واللاتي يرددن: لماذا نحن البلد الوحيد في العالم الذي لا تقود فيه المرأة السيارة؟، دفعنا لإخراج الكتاب. وأشارت آل الشيخ إلى أن الهدف من هذا الكتاب هو ألا تبقى التجربة حبيسة الصدور والذكريات، موضحة أنه لابد أن تنقل للأجيال اللاحقة التي لم تعايش تفاصيل تلك المرحلة، وأن تعرف ما حدث بشكل منصف، بعيداً عن احتكار أطراف لكتابة التاريخ والتجارب بطريقتها، بالإضافة إلى أنه لا توجد رواية حقيقية لما حدث بالضبط منذ الحدث، والبعض كتب عن الحدث نفسه في صحف ومجلات وتحدث عنه في مقابلات تلفزيونية، ولكنها لم تشمل الحدث كاملا، خصوصا الصحفيين والكتاب، وحتى الأجانب الذين يسألون عن تفاصيل ما حدث، ويقومون برواية ما ذكر على لسان كتاب وروائيين. وقالت: كانت كل واحدة منا قد بدأت في كتابة تجربتها، وقد جمعت عديداً من الوثائق، واجتمعت مع الدكتورة عائشة المانع قبل نحو سنتين، وقسمنا العمل فيما بيننا، وقمنا بالتواصل مع المشاركات في التجربة للحصول على مشاركتهن، وتسجيل تجاربهن، ثم تم توثيق مرحلة ما قبل الحدث، وتسليط الضوء على الظروف والأحوال الاجتماعية التي سبقته، والتوثيق للمسيرة ومجرياتها، كما تعرضنا لمرحلة ما بعد الحدث من خلال عرض مواقف بعض المتشددين، والفتاوى التي صدرت في المشاركات، خاصة من قبل بعض رموز «الصحوة» آنذاك. وتابعت: نحن في بلد نتبع تعاليم ديننا الإسلامي، ونعرف تماماً أن الأصل في الإسلام الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، وليس هناك نص شرعي يحرم قيادة المرأة للسيارة، إلا أن التحريضات التي صدرت من رموز الصحوة، وعدم التحري والدقة في النقل، صور الحدث بأبشع الصور، وألب الناس على المشاركات، من خلال دورهم المتحيز في خطب المساجد والمحاضرات والأشرطة المسجلة، وذلك يوضح حجم الأذى الذي تعرضنا له بعد ذلك، حتى صدرت الفتوى الرسمية بعدم جواز قيادة السيارة من «باب سد الذرائع» لمنع الفتنة. وعن تغير موقف بعض رموز الصحوة في هذه الفترة، قالت آل الشيخ: ذلك يفسر مجانبتهم للصواب وخطأهم في تلك المرحلة، وبالتالي رجوعهم عن هذا الأمر الآن، لا ينفي خطأهم في حقنا، وحاولت شخصيا الاتصال بسلمان العودة ومعرفة رأيه في الموضوع لنضيفه إلى ما كتب، ولكن لم أحظ برد منه، وهو الذي اعتذر من أناس كثيرين منهم صاحب تاكسي في بلد ما كما ذكر في أحد برنامجه التليفزيونية على قناة MBC، ولا أعتقد أن الوضع تغير كثيرا. وأكدت أنه لم يكن القصد مما ورد في الكتاب الإساءة أو تصفية حسابات مع أي أحد، وإنما توثيق للمرحلة، وانعكاس تداعيات الموقف آنذاك من خلال توثيق الحدث وتاريخه. وحول الرسالة التي أرادت إيصالها من خلال الكتاب، قالت آل الشيخ إن قيادة المرأة السعودية للسيارة ضرورة اجتماعية واقتصادية كبرى، وماذا سيحدث لو أن المرأة قادت سيارة؟ فمثل أي مجتمع مسلم آخر، البعض سيتجرأ، والبعض سينتظر، وآخرون سيكون الأمر لديهم طبيعيا، لا سيما أن المرأة في الضواحي والقرى تقود السيارة منذ عقود، ولم تسجل على نساء أهل القرى ممن يمارسن القيادة أي «مشكلات» على الإطلاق، بل كسبن الاحترام بشجاعتهن واحترامهن للأنظمة المرورية، بما يفوق احترام الرجال لقوانين السير، مختتمة حديثها بأن ليس هناك داع للتخوف من إمكانية وجود مضايقات للمرأة حين تقود السيارة لأن «ردع المتحرشين، كما تفعل جميع المجتمعات، سيجعل الأمور طبيعية مع الوقت والحزم، حيث نرى كثيرا من السعوديات يقدن سياراتهن داخل المملكة مثل أرامكو وجامعة الملك فهد وجامعة الملك عبدالله، وفي دول الخليج، دون أن يتعرضن للمضايقات».