«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سبق" تعيد نشر آخر حوار للراحل غازي القصيبي
انفردت بمحاورته كأول صحيفة إلكترونية..فكان الأخير
نشر في سبق يوم 15 - 08 - 2010

في سبتمبر 2009 نشرت "سبق" أول حوار للوزير والأديب الراحل غازي القصيبي "رحمه الله" مع صحيفة إلكترونية، ويوم أكدنا في "سبق"- حينها- على تفردنا بأول حوار موسع مع الراحل، لم نكن نتوقع ولا نتمنى أن يكون آخر الحوارات الصحفية له على الإطلاق.
فبعدها بأسابيع بدأت رحلة الفقيد مع المرض العضال، التي امتدت عدة شهور، وانتهت صباح اليوم الإثنين، لتكتب السطر الأخير في حياة واحد من أهم الرجال الذين عبروا ذاكرة التاريخ المحلي في العصر الحديث، أقل ما يمكن أن يوصف أنه "عدة رجال في رجل واحد".
اليوم.. في يوم وداعه، تعيد "سبق" نشر آخر حوارات الوزير والأديب الراحل غازي القصيبي.
المفكر والأديب والدبلوماسي والوزير غازي القصيبي في أول حوار مع صحيفة إلكترونية
بالقرب من "الملك" لا مكان للأصدقاء.. ولو كنت أخشى تبعات قراراتي لاختبأت في أقرب كهف
- فترتي الوزارية الأولى كانت الأكثر انجازاً
- بالقرب من "الملك" لا مكان للأصدقاء
- في وزارة العمل أخوض حرباً مع "لوبي المرتزقة"
- تعقيبي على مقال الخميس مجرد "مشاغبة" فهمها كما ينبغي
- لازلت متمسكاً بقرار تأنيث المحلات النسائية رغم تنازلي عن الموعد
- لم أهتم عندما صفق لي مجلس الشورى لأنني إنسان "عاقل"
- البطالة لم تتجاوز 10% ، وصرف الإعانة سيبقي الشباب عاطلين للأبد
- "مافيا التأشيرات" محدودة ، لكن المتاجرون ألوف مؤلفة
- طلبات الاستقدام تحتاج حكمة لقمان ، وقضاء سليمان ، وذكاء إياس
- منحت سعودي أوجيه عشرة آلاف تأشيرة فقط ، وليس خمسة وعشرين ألفاً
- لو كنت أخشى تبعات قراراتي لاختبأت في أقرب كهف
- وصف الغذامي لي ب "الهارب من الشعر" شطحة ناقد
- عبدالله بن بخيت فاجأني بروايته "شارع العطايف"
- النتاج الأدبي الإنساني لابد أن يحمل بصمات صاحبه
- "بنات الرياض" عمل روائي مشوق ، ولم تلق الرواج لأنني قدمت لها
- المرأة مخلوق يفوقنا رقة وجمالاً ، وموقف الرجل منها مقياس تحضّره
- لازلت عند رأيي بأن أشجان هندي "أفضل شاعرة عربية"
- قدري أن يلازمني "الوهج" كل هذا الزمن
- أقول للمستعجلين من الأدباء الصغار "لا توجد نسكافيه في الأدب"
- استخدمت "الشريط" من مبدأ "لايفل الكاسيت إلا الكاسيت" رغم أن المحلات رفضت بيعه
- وقت دراسة القرآن وتأمله من أكثر الأوقات ثراءً في حياتي ، وتفسيره بعيد عنّي حتى في الأحلام
- بكل خجل أقول : أنا "متخلف" تقنياً ، والجوال عدو خصوصيتي وحريتي
- من "الثعبان" الذي أعطاك هذه المعلومة ؟!
- "الغزاة القصيبيون" الآخرون يعتبرون غازي الوزير أضعفهم وأقلهم شأناً ولا يلقون لهم بالاً
- تركت "الطباخ والنفاخ" لعشاق الولائم والمآدب
- القصيدة الشهيرة التي أنهت وزارتي الأولى ولدت في زمن مشحون مليء بالعواصف
- لاخصام ولاجفاء مع الدعاة ، فقد ألقت الحرب أوزارها
- العمر أثمن من أن نضيعه في سجالات عقيمة
- بعد كل هذا لم يبق لي إلا "رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً"
- كتاب الانترنت جبناء ، وإن غضبوا فلا بأس من غضبة "الخفافيش"
- الكتاب الورقي سيبقى لجيل قادم ، وبعده لاقدرة لي على التنبؤ
- الحياة الشخصية حرمة مقدسة لا يجب أن تمسها سلطة الهيئة أو أي سلطة أخرى
- زرت كل المعينين حديثاً ، ولأمر ما استأثرت زيارتي للحميّن بالاهتمام
- أعداء المرأة يعادون التاريخ ، وعداء التاريخ قصير
- سيأتي يوم يتساءل فيه الناس : هل كان هناك من يعارض السينما وقيادة المرأة للسيارة ؟!
- قائمة كتبي "الممنوعة" كانت طويلة ، واليوم لم يتبق في القائمة سوى كتابين
حوار: ناصر المرشدي "سبق": في أول حوار مع صحيفة إلكترونية، تحدث إلى "سبق" معالي الدكتور غازي القصيبي، الوزير، والدبلوماسي، والشاعر، والمثقف، والإنسان .
اشغلنا الاحتفاء به عن الاستقصاء عنه، وإن استقصينا فلن نأتي بجديد، بل إن جهلنا به سيزيد... ، لم نحط به "كله"، لا سهواً ولا نسياناً، بل عجزاً ... ، فأخذنا من كل واحد من "الغزاة القصيبيون" بطرف !
وزيراً، تحدث معالي الدكتورغازي القصيبي عن علاقاته مع الملوك، وعن وزارته الأولى التي أنهتها قصيدته الشهيرة...، تحدث عن وزارته الثانية، وبسط الحديث عن آخر محطاتها، التي يخوض خلالها "حرباً" مع لوبي المرتزقة، ومافيا التأشيرات، ومعاناته مع طلبات الاستقدام، وعمل المرأة، وبطالة الشباب، وأمور أخرى .
دبلوماسياً، تحدث معالي الدكتور غازي القصيبي عن محطته الأولى الهادئة المنامة، ومحطة لندن الصاخبة والثرية المثيرة .
شاعراً، عرّج القصيبي على محطات مهمة في تجربته الشعرية...، تحدث باقتضاب عن الشعر، لكن معظم حديثه لم يخلُ من الشعر، نظماً ونثراً !
أديباً ومثقفاً ومفكراً، تحدث معالي الدكتور غازي القصيبي عن الرواية كاتباً وقارئاً وناقداً...، تحدث عن الحوار وأدواته، وكيف لم يوفر وسيلة إلا واستخدمها لحوار الآخر أياً كان، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بالشريط من مبدأ "لا يفل الكاسيت إلا الكاسيت"، وعرّج على مؤلفاته التي انعتق معظمها من قائمة المنع .
إنساناً، تحدث القصيبي كما لم يتحدث من قبل، وكشف عن حياة سِلمٍ يعيشها على أكثر من صعيد، ربما لأنه لم يبق له بعد كل ما مضى إلا "رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً!".
وبعد...، فهذا ليس تقديماً، هذه إضاءات صغيرة على جوانب من حوار "مشع" بضيفه، فإليكم "غازي بن عبدالرحمن القصيبي" وقدموا له بما شئتم :

* تاريخ غازي القصيبي الوزاري كُتب على مرحلتين, في أيهما كان أكثر فاعلية وقدرة على إحداث التغيير؟
- لا شك لديَّ, ولا لدى الناس, أن الفترة الوزارية الأولى كانت الأكثر إنجازاً , وذلك لأسباب عديدة منها ما يتعلق بظروف الزمان ومنها ما يتعلق بظروف المكان ومنها ما يتعلق بهذا العبد الضعيف.

* تجربة غازي القصيبي الدبلوماسية مرت بمحطتين عربية وغربية, أيهما كانت الأكثر ثراءً وحراكاً؟ وكيف وجدت التجربة الدبلوماسية مقارنة بالوزارة؟
- كانت فترة السفارة في لندن أكثر إثارة من فترة السفارة في البحرين لأسباب واضحة؛ فالعلاقة بين المملكة والبحرين لا تعرف أي نوع من الأزمات ونطاق عمل السفير فيها محصور, أما لندن فعاصمة الدنيا, بمعنى من المعاني, والعلاقات السعودية البريطانية كانت تمر بمد وجزر. والفارق كبير بين السفارة والوزارة؛ ففي السفارة لا توجد قرارات كبرى ولا جهاز تنفيذي ضخم ولا مسؤولية عن قطاع كبير من المواطنين؛ في السفارة تكفي المؤهلات الشخصية للسفير لجعله ناجحاً دون أن يكون بالضرورة قائداً إدارياً فعالاً أو إنساناً قادراً على مواجهة العواصف والزوابع.

* كانت علاقتك بالملك خالد مميزة جداً, وكنت من أقرب المقربين للملك فهد, والآن أنت بالنسبة إلى الملك عبدالله أكثر من وزير... ما سر هذه العلاقة المميزة والممتدة برؤوس السلطة السياسية؟ هل نستطيع القول إن غازي القصيبي "صديق الملوك"؟
- موقع الملك في قمة السلطة وفي خضم القرارات الكبرى والتيارات العنيفة وأعتقد جازماً أنه لا يوجد مكان بقرب هذا الموقع للأصدقاء؛ لا المسؤوليات تسمح بذلك, ولا الأوضاع تسهل ذلك. وعلاقتي بكل الملوك الذين ذكرتهم كانت علاقة مسؤول برؤسائه الذين حظي بعطفهم وثقتهم ولا ادّعي أي صلة مميزة أو علاقة خاصة, هو الحظ وحده الذي جعلني أعمل بالقرب منهم شأني شأن جميع الذين عاصروني من الزملاء.

* سجلت نجاحات باهرة في وزارتك السابقة جعلت البعض يصفك ب"عقدة الوزراء", لكن معمعة وزارة العمل تكاد تنسي الناس تاريخك الوزاري الناصع.. يبدو أن حقيبة وزارة العمل أثقل الحقائب التي حملها معاليكم, أليس كذلك؟
- أرجو ألاّ أكون عُقدة ولا معقداً (بكسر القاف) ولا معقداً (بفتح القاف). قبل وزارة العمل كان اللوبي الذي يواجهني محدود العدد محدود الفاعلية، وكان المجتمع بأسره يقف إلى جانب قراراتي في مواجهة اللوبي المعارض. في وزارة العمل انقلبت الصورة وأصبح اللوبي الذي يعارض قرارات الإصلاح مكوناً من شريحة واسعة جداً مستفيدة من الاتجار بالتأشيرات والارتزاق بعرق العمالة الوافدة، ومن البديهي أن الذي يواجه فرداً يحقق ما لا يستطيع أن يحققه من يجابه جيشاً. هذه ليست محاولة للتبرير ولكنها صورة واقعية, ومؤلمة, لما آل إليه مجتمعنا بسبب إدمان الاستقدام، ولعل الحيل التي لا تنتهي للتهرب من السعودة هي أكثر الجروح إيلاماً.

* التجديد فكراً وممارسة والعمل الدؤوب والجلد متطلبات ضرورية للنجاح الإداري, هل يتواءم هذا مع وزير تجاوز السبعين؟ متى سيسلم الوزير غازي القصيبي الراية؟
- "يا هند! هل لك في شيخٍ فتىً أبداً وقد يكون شيوخً غير فِتيانِ؟!"
* لماذا تتصدى بنفسك للرد على ما يثار حول وزارتك من نقد في وسائل الإعلام بينما كان متاحاً لك أن توكل المهمة إلى أجهزة الاختصاص, لتتفرّغ لما هو أهم؟
- انتم, معشر الإعلاميين, لا ترحمون إذا ترك الوزير المهمة للعلاقات العامة قلتم هذا وزير مغرور يترفع عن الناس وآرائهم ولا يعبأ بشكاويهم، وإذا باشر المهمة بنفسه قلتم ما قلتم الآن. حقيقة الأمر, إنني أحس أن من حق الذين يشاركون الوزارة همومها ويكتبون آراءهم حول قضاياها أن يشعروا أن صوتهم, سواء كان مدحاً أو قدحاً, قد وصل إلى المسؤول الأول في الوزارة, وأن جهودهم لم تذهب هباءً، ومع ذلك فالزملاء في العلاقات العامة والإعلام وبقية أجهزة الوزارة يقومون بالجزء الأكبر من مهمة التعليق على ما ينشر، ودوري هو دور الشريك الأصغر.

* في الصباح نشرت صحيفة "الحياة" مقالاً للكاتب "مساعد الخميس" يتحدث عن جوانب قصور يراها في أداء وزارة العمل, وبعد الظهر وصل تعقيبك "الساخن" إلى رئيس تحريرها.. هل كان الأمر يستحق كل هذه السرعة؟ ولو تريثت قليلاً هل كان الرد سيكون أقل حدة في تفنيد وجهة نظر "الخميس"؟
- أشعر أنه لا بد, بين الحين والآخر من مشاغبة الكتاب الذين يشاغبونني طيلة الوقت, بمقالة أو قصيدة, وهذا كل ما حدث، ولم يكن في الرد أي حدة. مجرد مشاغبة تفوت ولا أحد يموت!

* يقال إن مساعد الخميس أُبعد من الكتابة لصحيفة الحياة؛ لأنه أغضبك في ذلك المقال؟ هل هذا صحيح؟ وهل ستتدخل لتسوية الأمور بينه وبين الصحيفة؟
- كفى بالمرء حمقاً أن يتحدث بكل ما سمعه (أو أن يصدق كل ما سمعه) وأنا لا أصدق شيئاً مما "يقال".
* وصف البعض اللغة التي كتب بها التعقيب بأنها ساخرة ومتعالية, هل تراها تحمل شيئاً من هذا؟
- أسخف موقف يمكن أن يتورط فيه إنسان عاقل هو أن يكون "ملكياً أكثر من الملك" أو "خميسياً أكثر من الخميس" وأنا أجلّك عن السخف، خاصة أنك قرأت كما قرأت أنا رد الخميس الذي يدل بوضوح على أنه فهم المقالة المشاغبة كما ينبغي أن تفهم.
* مشروع تأنيث

* "تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية", أطلقت الفكرة وتحمست لها ثم تقهقرت عند أول عقبة وعلقت المشروع إلى أجل لم يسم.. ما مصير المشروع؟
- للحقيقة والتاريخ أنا لم أطلق الفكرة. كانت الفكرة نتيجة دراسات طويلة وعميقة استغرقت عدة سنين قام بها مجلس القوى العاملة ثم صدر بها قرار مجلس الوزراء، وللحقيقة والتاريخ, لم تكن هناك عقبة واحدة, كانت هناك عقبات.. وعقبات.. وعقبات. وأمام هذه العقبات وجدت أنه ليس بالإمكان أن يتم تنفيذ القرار في يوم واحد كما كان مفترضاً أن يكون. ووجدت أن الحكمة تقتضي التمسك بالقرار دون التمسك بالموعد. هذا ما كان، والمشروع يسير. وقد تم, بالفعل, تأنيث عدد من محلات المستلزمات النسائية والبقية في الطريق بإذن الله. أن تسير ببطء خير من ألا تسير على الإطلاق أو من أن تعود إلى الوراء.
* هل تعتقد أن موقف الرئيس العام السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعارض لتأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية, كان سبباً من أسباب إقالته؟
- لا أدري. وأنا بحمد الله, التزم, دوماً, بالتوجيه القرآني الخالد "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".

* في مجلس الشورى كنت أنت الوحيد بعد الملك وولي العهد الذي ينتزع تصفيق كل الأعضاء, البعض قال إنما هي "كاريزما" غازي القصيبي, وآخرون قالوا بل سحرهم ببيانه! وأقلية ثالثة قالوا أقنعهم بقوة الحجة وقطعية البرهان.. هل ستحتاج إلى حوار كل أفراد الشعب ليصفق لك الجميع؟
- التصفيق لا ينبغي أن يكون هدفاً لإنسان عاقل، وأعتقد أن كل ما ذكرته من تفسيرات بعيد عن الصحة، لقد فتحت مكنونات صدري وكشفت كل همومي وآلامي ومواجعي للإخوة أعضاء مجلس الشورى الموقر، وجاء رد فعلهم العفوي تشجيعاً أسبغوه عليَّ فضلاً وكرماً، وهذا كل ما هنالك!

* البطالة معضلة المعضلات, وأسخن الملفات في يد معاليكم, حتى خشينا من شدة سخونته أن يحترق, ما الجديد في شأن البطالة؟ ولماذا يرفض معاليكم مجرد النقاش في إعانة البطالة وكم نسبتها الحقيقية بين الشباب؟
- أولاً, الجديد في شأن البطالة أنها تنخفض من إحصاء إلى إحصاء بسبب الإقبال المتزايد على التدريب. ثانياً, ليس من حقي أن امنع النقاش في موضوع الإعانة والنقاش لم ينقطع لحظة. سبب البطالة هو أن الغالبية العظمى من الشباب العاطل غير مؤهل لدخول سوق العمل. ألا ترى معي أن إعطاءهم إعانة دون تدريبهم سوف يبقيهم عاطلين إلى الأبد؟ ألا ترى أن معونة التدريب أجدى ألف مرة من معونة البطالة؟ ثالثاً, كل إحصاءات البطالة ونسبها معلنة في موقع الوزارة وفي موقع مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وطبقاً لآخر إحصاء تبلغ نسبة البطالة بين الذكور 6.8% وإذا أضفنا نسبة البطالة بين الإناث (وهي مرتفعة للأسف الشديد) تصبح النسبة الإجمالية في حدود 10% .

* ألا يؤرقكم الرقم المخيف للعمالة الوافدة؟ ألا ترون أنه العقبة الكبرى في طريق السعودة؟ ولماذا لا تحبذون الحديث عن "مافيا التأشيرات"؟
- يؤرقني الرقم ويقضّ مضجعي وهو بالفعل العقبة الكبرى في طريق السعودة، ولا أتحدث عن مافيا التأشيرات؛ لأن المافيا بطبيعتها محدودة العدد، أما المتاجرون بالتأشيرات فألوف مؤلفه ولا حول ولا قوة إلا بالله!.
* وعدتم عندما تسلمتم حقيبة وزارة العمل بالحد من استقدام العمالة، لكن لم نر تطبيقاً صارماً لهذا الوعد على أرض الواقع، بل منحتم قبل أشهر لشركة "سعودي أوجيه" موافقة ما زالت تثير الكثير من الجدل، تخولها باستقدام 25 ألف عامل.. هل ترى أنكم تسرّع في إعطاء هذا الوعد؟ ثم ألا يرى معاليكم أن هذا الرقم الذي منحتموه ل "سعودي أوجيه " مبالغ فيه؟ ولو تقدمت شركة أخرى في نفس حجمها بطلب هذا العدد هل ستوافقون عليه؟.
- بمجرد إنشاء الوزارة حصرت قرارات الاستقدام في يدي وحدي، وأمكن خلال السنة الأولى من إنشاء الوزارة خفض التأشيرات بنصف مليون تأشيرة، وأمكن خلال السنة التي تليها خفض عدد مماثل، ثم قام المجتمع بأسره يهدد بالويل والثبور (أين كنت أيامها يا أخي؟!)، وفي الوقت نفسه ارتفعت أسعار البترول وتضاعف عدد المشاريع وكان لابد من مراعاة الاعتبارات التنموية، ويسرني أن أقول لك إن هذه السنة ستشهد تخفيضاً ملموساً عن السنة التي سبقتها وسوف يعلن في حينه. لا توجد شركة تحظى بمعاملة خاصة لا سعودي أوجيه ولا سواها، وما حصلت عليه سعودي أوجيه من تأشيرات جاء لتنفيذ مشروع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للبنات (ويتطلب المشروع حوالي 50.000 تأشيرة) وقد أوصت الجهة الحكومية المشرفة على المشروع بإعطاء تأشيرات لثلاثة مقاولين أحدهم سعودي أوجيه ورأت الوزارة إعطاء كل مقاول نصف ما اقترحته الجهة الحكومية المشرفة على المشروع وحصلت سعودي أوجيه على 10.000 تأشيرة على أن يتم النظر في بقية الطلب في ضوء السعودة والحاجة الفعلية, وتم التعامل على هذا النحو مع طلبات المقاولين الاثنين الآخرين العاملين في المشروع.
والوزارة تتجاوب مع كل الطلبات المشروعة للمقاولين بصرف النظر عن شخص المقاول أو صفة الشركة، وقد بلغت نسبة الاستجابة لطلبات المقاولين في السنة الماضية 96 %، مشكلتي ليست مع المقاولين والشركات الجادة، إنما مشكلتي مع الآلاف من أصحاب المؤسسات الوهمية والتفرقة بين هذه المؤسسات والمؤسسات الحقيقية تحتاج إلى حكمة لقمان وقضاء سليمان وذكاء إياس.

* سعودة سائقي الأجرة, وبائعي الذهب, ومحلات المستلزمات النسائية, قرارات قوية أُبطلت بقرار أعلى.. هل هذا يعني أن هناك إشكالية تناغم بين مؤسسات القرار السياسي؟
- أكاد أصيح "على من تتلو مزاميرك يا داود؟ ". أسواق الذهب كانت وما زالت مسعودة بنسبة 100%، ولم يصدر قرار بإلغاء سعودة سيارات الأجرة ولكن خفضت النسبة حين تبين عدم إقبال الشباب السعودي على العمل بشركات الليموزين وفي الوقت نفسه فتح أمام الشاب الراغب في امتهان هذا العمل فرصة قرض من بنك التسليف وهناك آلاف يملكون الآن سياراتهم الخاصة والعدد في تزايد، وسبق أن أجبت على موضوع المستلزمات النسائية (ولم يتغير الوضع منذ إجابتي!)، لم تكن هناك قرارات تلغي قرارات، كانت هناك عقبات تم التعامل معها بمرونة وواقعية.

* يقال إن رجال الأعمال الذين تضرروا من قرارات معاليكم جندوا علاقاتهم ونفوذهم في حرب غير معلنة للنيل من وزارتكم وشخصكم.. هل تشعر أو تظن أن حرباً تدار في الخفاء؟
- أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولا أعاني "من البارانويا"، ولكني أعرف باعتباري تلميذاً من تلاميذ علم السياسة أن الناس, كل الناس, يدافعون عن مصالحهم بضراوة وشراسة, لا أخص رجال الأعمال أو فئة بعينها ولكني أتحدث عن كل من تضررت مصالحه, بمن فيهم المواطن العادي الذي كان يعتاش من بيع أربع أو خمس تأشيرات في السنة، كل أصحاب المصالح التي تضررت شنوا على الوزارة وعلى شخصي الضعيف وعلى زملائي حرباً شعواء أبعد ما تكون عن الخفاء. وفي مواجهة ذلك كلّه لا أقول إلا "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون". على المسؤول الذي يخشى تبعة قراراته أن يختفي في أقرب كهف!

* تساءلت منذ زمن "هل للشعر مكان في القرن العشرين؟ هل وجدت إجابة آنذاك؟... والآن ونحن في القرن الحادي والعشرين ما الإجابة المناسبة في نظرك؟
- كنت وقتها مقتنعاً, وما زلت إلى الآن مقتنعاً, أن الشعر سيبقى ما بقيت الحياة البشرية, إلا أن المساحة التي يشغلها في هذه الحياة تتقلص وتتسع مع مد التاريخ وجزره.

* لماذا وصف عبدالله الغذامي الروائي غازي القصيبي ب"الرجل الهارب من الشعر"؟ هل هو تأكيد على أن الشعر ترك مكانه للرواية؟
- سبق أن قلت إن تعبير الهارب من الشعر شطحة من شطحات النقاد نتجاوز عنها كما نتجاوز عن شطحات الشعراء, وما قصده الدكتور عبدالله الغذامي واضح كل الوضوح من المقالة التي حملت عنوان "الهارب من الشعر" فارجع إليها تجد إجابتك.

* الرواية السعودية عموماً والنسائية خصوصاً كيف تقيمها؟ وما أفضل رواية سعودية قرأتها؟
- بعد سنين طويلة محفوفة بالخوف وقبضة الرقيب الحديدية تجاوزت الرواية السعودية نسائية ورجالية, فترة البدايات ودخلت فترة النضج, وإن كانت لا تزال في مراحله الأولى، وقد قرأت روايات سعودية متميزة كثيرة وأشير هنا, على سبيل المثال لا الحصر, إلى أعمال عبده خال ويوسف المحيميد ورجاء عالم وليلى الجهني ومحمد حسن علوان وأميمة الخميس وأخيراً, وليس آخراً, عبدالله بن بخيت الذي فاجأنا جميعاً "بالعطايف".

* رواية "العصفورية" قال عنها الناقد عبدالله الغذامي إنها رواية ما بعد الحداثة, هل تراها كذلك؟
- "إذا قالت حذام فصدقّوها فإن القول ما قالت حذامِ"

* روايتك "أبو شلاخ البرمائي" نجحت كرواية وفشلت كعمل تلفزيوني.. من يتحمل فشلها؟
- من الواضح أن السؤال يحمل في داخله الإجابة!

* قال أحد الكتاب إن المجتمع كان سيمارس ضد شخوص روايات غازي القصيبي ما يمارسه الوزير غازي القصيبي الآن ضد العمالة "المخالفة" وهذا ما جعلك تلجأ إلى "ترحيلها" للخارج... ما تعليقك؟
- لا أعرف كيف تكون هناك مواقف مجتمعية من شخوص خياليه في روايات, ولكني أعرف أن الملاحظة لو صحت في حالة "شقة الحرية " فهي لا تصح في بقية أعمالي الروائية.

* البعض يرى أن أسلوب الروائي غازي القصيبي أصبح معروفاً ومتوقعاً قبل قراءة أي رواية جديدة.. فرْد عضلات بمعلومات سياسية أو اجتماعية, مكّنه وضعه كوزير أن يعرفها دوناً عن غيره .. ما تعليقك؟
- لا أنازع أحداً رأيه, حتى لو بدا متحيزاً, ولكني واثق أنه لا يوجد شيء في رواياتي له أدنى علاقة بموقعي الوزاري.

* رواية "سلمى" هل كانت محاولة لمعرفة ما كان يطمح إليه المتنبي؟ وهل توصلت لشيء مما كان يطمح إليه؟
- الجزء المتعلق بالمتنبي جزء صغير من مغامرات سلمى الليلية, وسلمى كما قلت بوضوح في الإهداء ترمز إلى الأمة العربية, والنص بأكمله, على قصره, مفتوح لتفسيرات عديدة, وأود تركه مفتوحاً دون تفسير "معتمد" مني.

* كثير من يرى أن رواياتك "سرد سيري", ما ردّك عليهم في جانب المضمون لا البناء الفني؟ ومتى ينعتق الكاتب من إشكالية تنصيبه بطلاً لكل أعماله الروائية؟
- لا يمكن أن تفلت رواية من حمل بصمات كاتبها, على نحو أو آخر, والأمر نفسه ينطبق على القصيدة والمسرحية وحتى اللوحة الزيتية, إلا أن هذا لا يعني تحول الرواية إلى سيرة ذاتية. إذا وضعت "سيرة شعرية" بقرب"شقة الحرية" ستعرف الفارق الهائل بين السيرة الذاتية والرواية.

* يقال إن رواية "بنات الرياض" ليست ذات قيمة فنية أو أدبية كبيرة, ولو لم يقدم لها غازي القصيبي لما أحدثت كل هذا الضجيج ما رأيك؟ وما الذي رأيته فيها ودعاك للتقديم لها مما لم تره في غيرها؟
- "بنات الرياض" عمل روائي مشوِّق كُتب بأسلوب جديد يتميز بالعفوية والشفافية ويتقمص روح العصر، ولهذا انتشرت في كل مكان، ولو كانت الكلمات التي اكتبها كافية لرواج أي عمل أدبي لما بقي عدد من مؤلفاتي رهن الطبعة الأولى!

* "أجل نحن الحجاز ونحن نجد".. "ضرب من الحب لا درب من الحجر".. كلمات سهلة ممتنعة, لكنها شديدة التأثير, جميلة المبنى, هل لمكانة الشاعر الاجتماعية دور في تلقف القارئ والإعلام له بشكل مختلف؟
- المكانة الاجتماعية وضع مؤقت زائل, والحفاوة الإعلامية, بدورها, وضع مؤقت زائل, وعلى المدى البعيد لا يبقى إلا الأدب الحقيقي. هل نعجب اليوم بشعر ابن المعتز أكثر من إعجابنا بشعر غيره؛ لأنه كان ولي عهد, أيام الدولة العباسية؟ هل نطرب لشعر بدوي الجبل؛ لأنه كان ذات يوم نائباً ووزيراً؟ أعتقد أنك تعرف الإجابة!

* قصيدة "القاهرة" التي نشرت في صحيفة الجزيرة منذ عام أو أكثر, فتحت حواراً ما زال دائراً حتى اليوم بين محمد عبده يماني الوزير السابق, وأبي عبدالرحمن ابن عقيل.. تداخل فيه عدد من الكتاب والمثقفين, حيث عتب عليك يماني كم الغزل الصريح في القصيدة.. هل من تعليق يغلق باب الجدل؟
- لا أعتقد أن هناك جدلاً. هناك ضرب من المداعبات والمشاغبات لا أرى ما يدعو إلى تدخلي لإنهائه.

* على ذكر الوزير يماني, كان لك موقف كريم تجاهه حينما ترك الوزارة وكتبت له رسالة مؤثرة، ما هي خلفيات هذا الموقف؟ وكيف هي علاقتك به الآن؟ وأي صورة له تحتفظ بها؟
- عرفت الدكتور محمد عبده يماني في مطلع الشباب حين كنا زميلين في الجامعة, ثم تحولت الزمالة إلى صداقة في فترة الوزارة, وما زالت الصلة بيننا قوية ووثيقة, وأنا, كما قلت في "حياة في الإدارة" لا أرى أن خروج وزير من الوزارة مأساة تتطلب وقوف أحبائه معه خلالها ولا توجد أي حاجة لأن يتخذ الأصدقاء مواقف "كريمة" أو "نبيلة" إزاءها. على أية حال, نشاط "أبي ياسر" لم يتوقف بعد الوزارة بل تضاعف, وهو الآن مشغول بأعمال خيرية واجتماعية لا حصر لها، ومن فضل الله عليه أنه يقضي معظم وقته في قضاء حوائج الناس, ممن يعرف ولا يعرف.

* الرياض والبحرين يراهما غازي القصيبي أنثيين جميلتين, كيف ستعدل بينهما متجاوزاً مأزق "استحالة العدل ولو حرصت"؟
- "بدو وبحارة.. ما الفرق بينهما والبر والبحر ينسابان من مُضَرِ؟"
* قالت عنك إحدى المثقفات السعوديات: "غازي القصيبي في علاقته بالمرأة ليس إلا "طاؤوساً شرقياً", ما رأيك فيما قالت؟ وهل أنت مع من يقول إن الرجل الشرقي مستعد للتخلي عن شرقيته إلا حينما يتعلق الأمر بامرأة؟
- لا أدري إلى أي مثقفة تشير, ولم أقرأ ما قالت, وموقفي من المرأة نابع من نظرتي إليها باعتبارها مخلوقاً متساوياً معي في الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات, ويفوقني جمالاً ورقة, وفي هذه النظرة لا توجد طواويس من أي نوع وأنا أحكم على تحضرّ الرجل أو همجيته انطلاقاً من موقفه من المرأة, سواء كان الرجل شرقياً أو غير شرقي.

* قلت عن أشجان هندي "إنها أفضل شاعرة عربية"... ألا تظن أن هذا الحكم القطعي قد يكون مجحفاً أن يصدر من قامة ثقافية عربية كغازي القصيبي؟ ولماذا أشجان هندي تحديداً؟
- أنا لست محكمة تصدر أحكاماً قاطعة, أنا قارئ انطباعي يعبرّ عن رأيه الشخصي, وما زال رأيي الشخصي في شعر أشجان هندي لم يتغير, ولو دلّني أحد على شعر نسائي سعودي أو غير سعودي أجمل من شعرها فسوف أكون له من الشاكرين.
لماذا نبخل على الموهوبين والموهوبات بكلمة حق لمجرد أنهم مواطنون ومواطنات؟

* عبدالقادر القط في كتابه "الشعر الوجداني" قبل أربعين عاماً كان أول عربي يتحدث عن غازي القصيبي الشاعر, كيف كان وقع حديثه آنذاك؟ وماذا تتذكر من ذلك الزمن عن القط وكتابه؟

- رويت في "سيرة شعرية" بالتفصيل كيف ذهبت إلى الدكتور عبدالقادر القط وأنا طالب في الجامعة أطلب رأيه في مخطوطه ديواني الأول, ورويت بالتفصيل ما حدث, وأشرت إلى الكتاب الذي تشير إليه, ولا أرى فائدة من أن أكرر هنا ما يوجد في الكتاب.
بالمناسبة, كان أستاذنا الكبير الشاعر العملاق إبراهيم العريض, رحمه الله، يرفض رفضاً باتاً أن يجيب على أي سؤال سبق أن تعرض له في كتاب من كتبه، وأنا أحاول أن أنهج النهج نفسه (أحياناً!).

* المخالفون لك والمختلفون معك, كيف يرونك من وجهة نظرك؟ وكيف تراهم أنت؟ وبماذا يتقاطعون معك؟

- لم أقم بدراسة تحليلية للمختلفين معي, ولا أنوي القيام بها الآن, وأسال الله أن يتجاوز عن زلاتي وزلاتهم ومن منّا بلا زلات؟

* غازي القصيبي: أديبٌ مثير، ومفكر مثير أيضاً، ووزيرٌ أكثر إثارة... ما سبب اقتران الإثارة باسمه أينما حل؟ وما سر الوهج ملازماً له منذ عقود؟
- لا أدري. ببساطة وبصدق أقول: يبدو أن هذا قدري!

* رغم اختلاف الكثيرين على القصيبي إلا أنهم يتفقون على أنه "مبدع، شاعر، روائي، كاتب" هل هذا إبداع فطري أم مكتسب، وكيف يمكن أن يتحقق للمبتدئين؟
- الإبداع طفل ينتمي إلى والدين، أحدهما الموهبة والآخر الاطلاع، والكاتب الحقيقي يقرأ مئة صفحة قبل أن يكتب صفحة واحدة، والشاعر الذي يستحق اسم الشاعر يقرأ مئة قصيدة، قبل كتابة قصيدة واحدة، وأنا لست استثناءً من هذه القاعدة، يؤسفني أنه لا توجد "وصفة" للمستعجلين والمستعجلات. لا توجد "نسكافيه" جاهزة في الأدب للمبتدئين.

* الأكاديمية... الوزارة... الدبلوماسية... إلى أيها يأخذك الحنين؟
- هي " كالغيدِ .. كل مليحة بمذاقِ" كما قال شوقي.

* "عين العاصفة" ما الذي بقي منها في نفسك، مرحلة، ومنهجاً، وذكريات؟
- من أقوال شيخ الإسلام أبن تيميه الجميلة" إن للحرب مقالاً وإن للسلم مقالاً"، وكانت "في عين العاصفة"، في مجملها وتفاصيلها، من "مقال الحرب ولا يمكن فهمها إلا في سياق الحرب، الآن نحن في مرحلة سلم ولا أرى ما يبرر اجترار تلك المرحلة.

* استخدمت "الكاسيت" للرد على أحدهم.. كثيرون حينها رأوا أنك أسأت إلى "بريستيجك".. لِمَ لجأت إلى هذه الوسيلة؟ وهل حققت الهدف؟
- لا يفلّ الحديد إلا الحديد، ولا "الكاسيت" إلا "الكاسيت" ولا أعتقد أن "للبرستيج "، كما تقول، أي علاقة بالمسألة. وأعتقد أن الهدف تحقق جزئياً رغم أن كل محلات بيع الأشرطة رفضت بيعه!

* قبل سنوات قليلة قال أحد القريبين منك: " لا تنتظروا أن تسمعوا من غازي القصيبي في قادم الأيام إلا الرثاء"، ما بال الحزن يترصدك في أيامك الأخيرة ؟
- أعتقد أنك ستجد الجواب عند الشاعر عزيز أباظه:
من يعمّر يجد أحبّاءه في الأرض أوفى ممن عليها وأحنى

* ذات الشخص قال أيضاً: " في داخل غازي القصيبي مفسر عظيم يكاد يفسر القرآن كله"، أين هو غازي المفسر؟ وهل سنقرأ له يوماً في هذا الجانب؟
- الأوقات التي أقضيها في دراسة القرآن وتأمله من أكثر الأوقات ثراءً في حياتي، ولكن رحم الله امرأً عرف قدر نفسه. تفسير القرآن الكريم مهمّة جليلة لا يستطيع مثلي أن يسمو إليها حتى في أحلامه.

* في عصر الحكومة الإلكترونية والإنترنت.. لا يزال غازي القصيبي تقليدياً في ممارساته الإدارية الإجرائية، فهو يفضل المكاتبات الورقية حتى في علاقاته الشخصية.. حتى الهاتف لا يحبذ التعامل معه ويسميه "الثعبان"! هل لأنك ترى في الخطاب المكتوب بُعداً إنسانياً، وفاعلية محسوسة، تغّيبهما تقنيات الاتصال الحديثة؟ وماذا تعنى ب "الهاتف الثعبان"؟
- بكل خجل أعترف أني متخلف تقنياً ولولا الأولاد في المنزل والأعوان في المكتب ما تمكنت من القيام بأعباء عملي. للكتابة بالقلم واليد نكهة خاصة لا أعتقد أنها توجد في رسائل (ال أي ميل- وأخواتها). وأنا أحمل عواطف سلبية نحو الجوال نظراً لما يشكله من عدوان على الخصوصية والحرية الشخصية تتضح أبعاده وآثاره يوماً بعد يوم، أما الهاتف الثابت فليس بيني وبينه أي عداء. ولا أذكر أني وصفت أي نوع من أنواع الهاتف بوصف "الثعبان". فمن أي ثعبان جئت بهذه المعلومة؟!.

* متى يتحرر "الغزاة القصيبيون" الآخرون من هيمنة غازي الوزير؟
- صدق أولا تصدق أن الغزاة القصيبيين الآخرين يعتبرون غازي الوزير أضعفهم وأقلهم شاناً ولا يلقون له بالاً.

* يقال إنك منعزل خارج مملكتك الإدارية، أدبياً وثقافياً وحتى اجتماعياً.. هل هذا صحيح؟ وإن كنت كذلك.. ما السبب؟
- من مطلع صباي وحتى هذه اللحظة كانت أنشطتي الاجتماعية مقصورة على الحد الأدنى، الرسمي في الغالب. لولا ذلك لما تمكنت من تخصيص الوقت الذي أخصصه للقراءة والكتابة. لو جرب عشّاق الولائم والمآدب حذفها من برامجهم لفوجئوا بالوقت الطويل الذي يمكن إنفاقه فيما هو أجدى من "الطباخ والنفاخ".

* القصيدة المشهورة التي نشرتها "الجزيرة"، وكانت نهاية المرحلة الأولى من وزارة غازي القصيبي، ما الذي تتذكره منها وعنها بعد كل هذه السنين؟
- كانت القصيدة وليدة زمنها، وكان زمنها مشحوناً مليئاً بالعواصف والأعاصير والضغوط من كل نوع، لقد قلت عن القصيدة وملابساتها كل ما أريد قوله عند الحديث عن تجربتي مع وزارة الصحة في "حياة في الإدارة"، فأرجع إليه هناك.

* بين غازي القصيبي الشاعر والأديب وبين ثلة من مشاهير الدعاة "عتب" و"خصام" و"جفاء" ...، أما آن له أن ينتهي؟!
- سبق أن قلت لك إن للحرب مقالاً وللسلم مقالاً، ونحن الآن في فترة السلم وقد ألقت الحرب كل أوزارها. فلا خصام ولا جفاء.

* رسالتك للشيخ عائض القرني "حتى لا تكون فتنة" ماذا تبقى منها بعد أن رأينا الفتنة وقد وقعت من أناس حملوا السلاح ضد الدين والوطن؟ وماذا عن علاقتك الآن بالشيخ عائض القرني؟.
- هذه الرسائل "حتى لا تكون فتنة" أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تاريخ المرحلة وأثارت جدلاً طويلاً لا أرى أي فائدة في تكراره. وعلاقتي بالشيخ عائض القرني ممتازة وبيننا تواصل هاتفي وعن طريق الرسائل، وأنا أتابع طروحاته باهتمام وأراها بعيدة كل البعد عن الطروحات التي كنت أخشى أن تثير الفتنة في تلك المرحلة. أتمنى أن يتحدث كل الدعاة كما يتحدث عائض القرني وسلمان العودة.

* قال أحد الدعاء في محفل عام "لا أجد من يؤيد غازي القصيبي لا في فكره ولا في رؤاه" ولم ترد على القول؟ ألا تخشى أن يعدّ سكوتك إقراراً لهذا القول؟!
- لا أعرف من تقصد ولم أسمع ما قاله ولو عرفت وسمعت لما تغير شيء، فأنا أعتبر العمر أثمن من أن أضيعه في سجال عقيم مع كل من يبدي رأياً سلبياً في شخصي الضعيف.
* تاريخ طويل، ونجاحات متوالية.. ما الذي حققته من أحلامك وما الذي بقي؟ وما مشروعك القادم؟
- كانت هناك إنجازات وإحباطات وطموحات ونكسات وضحكات ودمعات ولم يبق إلا: "ربّ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقيا".

* في أماكن أخرى يسمون الإنترنت العالم الافتراضي، بينما يرى البعض أن الإنترنت لدينا هو العالم الحقيقي، ومعاليكم لكم رأي في كتاب الإنترنت أغضب البعض، فقد شبهتهم بالجرذان أو تشبيه قريب من هذا، هل ترانا نخلع أقنعتنا أمام الكمبيوتر؟
- أقول، ولا فخر، إني كنت من أوائل الكتّاب العرب الذين تنبؤوا بما ستحدثه ثورة "الإنترنت" من تغييرات قبل أن يسمع معظم العرب بهذه الكلمة. قلت قبل سنوات إن المعلومات المتوافرة لطالب صغير، بفضل الإنترنت، لم تكن متاحة عبر التاريخ لأحد، لا للعلماء، ولا للباحثين، ولا للملوك ورؤساء الدول. من حيث المبدأ أنا أؤمن أن الزمن يعمل لصالح المخترعات الحديثة، وأي معارضة لها تذهب أدراج الرياح. بقي أن أوضح أني عندما تكلمت عن "خفافيش الإنترنت" لم أكن أقصد كل من يكتب في الساحات والمواقع، بل كنت أقصد فئة معينة من الكتاب الجبناء الذين يستخدمون أقذع الألفاظ والصفات في مقاومة كل إصلاح ثم يختفون وراء أسماء مستعارة. لا أزال أرى أن هذا هو الاسم اللائق بهم، وإذا غضبوا، فلا بأس، هي غضبة خفافيش!

* في زمن الإنترنت والوسائط الإلكترونية.. هل تخشى على مصير الكتاب، والكاتب والقارئ التقليدي؟
- نحن الآن بصدد تنبؤات، ولا أعتقد أن تنبؤاتي تفوق تنبؤات غيري حكمة أو دقة، والذي أتصوره أن الكتاب التقليدي سيبقى معنا خلال المستقبل المنظور، قرابة جيل واحد، أما بعد ذلك فلا أجرؤ على التّنبؤ.

* أصبحت كلمة "هيئة" مقرونة بالإثارة أينما حلت، كيف ترى دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وما رأيك في الدعوات التي يطلقها بعض المثقفين بين حين وآخر لإلغائها أو ضمها إلى الأجهزة الأمنية؟
- أنا أؤمن، من حيث المبدأ، أن للحياة الشخصية حرمة مقدسة يجب ألا تمسّها سلطة عامة أو سلطة خاصة أو أفراد ينصبون من أنفسهم أوصياء على المجتمع، فيما عدا ذلك أعتقد أنه كتب عن الهيئة، مدحاً وقدحاً، ما يملأ مجلدات ضخمة ولا أرى أن بوسعي أن أضيف شيئاً نافعاً إلى هذا السجال.

* لأول مرة تدخل الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد تعيين رئيسها الجديد الشيخ عبدالعزيز الحمين، فما العلاقة التي تربطك بالرجل؟ أم أنه إعلان مرحلة جديدة في التعامل مع الهيئة؟
- لا هذا ولا ذاك. في التشكيلات الأخيرة عُيّن عدد من الزملاء في مناصب قيادية كان من بينهم معالي الشيخ عبدالعزيز الحمين، وقد قمت بزيارتهم جميعهم للتهنئة ولأتمنى لهم التوفيق. لأمر ما استأثرت زيارتي للشيخ الحمين بالاهتمام دون بقية الزيارات. لو كان هناك شيء غير هذا لما أخفيته عنك!

* المرأة يثار حولها الكثير من القضايا وأصبحت قضية نزاع شائك ما بين الممانعين والمطالبين بدخولها المؤسسة السياسية وقيادتها للسيارة وأمور أخرى حدثنا عن رؤيتك لواقع المرأة في مجتمعنا؟ وكيف ترى مستقبلها؟
- من حق المرأة أن تتمتع بالكرامة وبكل ما يتبعها، وأن تحقق ذاتها بكل ما يستلزمه ذلك، وأن تكون شريكة الرجل في كل مناحي الحياة، وواقع المرأة في مجتمعنا لا يحتاج إلى وصف، وأنا متفائل بمستقبلها. كانت المرأة مهدورة الحقوق في كل مكان أما الآن فحقوقها مكفولة في كل مكان (تقريباً!). التاريخ يقف في صف المرأة وأعداء المرأة يعادون التاريخ، والتجارب تثبت أن عداء التاريخ قصير الأجل.

* السينما في السعودية يقدمها الحالمون على أنها نافذة ثقافية على المستقبل, ويراها المحافظون باباً يشرع دفتيه لريح ستذرو الماضي, وتأتي على المستقبل.. أنت كيف تراها؟
- نحن نقول اليوم باستغراب "يوماً ما كان هناك قوم يعارضون تعليم المرأة" ونقول بعجب: "يوما ما كان هناك قوم يعارضون اللاسلكي والراديو. "ونقول بدهشة: "ذات يوم كان هناك من يعارض القنوات الفضائية". أنا واثق أنه سيجيء يوم يقول فيه القائلون "عجباً! ذات يوم كان هناك قوم يعارضون السينما"، كما أنه لا شك عندي أنه ذات يوم سيقول الناس "هل كان هناك بالفعل من يعارض قيادة المرأة للسيارة؟".
* في أحد كتبك مررت بمعلومة مفادها أن الانقلاب في أي دولة عربية يكلف 500 مليون دولار، ألا ترى أنك سربت معلومة لن تفيد سوى الانقلابيين وكأنك تذكي ثقافة الانقلاب؟
- لا تقل لي, رجاءً لا تقل لي, رجاءً رجاءً, إنك صدقت كل ما قرأت في "العصفورية "!!

* يقال إن بعض مؤلفات غازي القصيبي ممنوعة من دخول المملكة.. هل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً.. أين نفوذ غازي القصيبي الوزير؟
- للأمانة أعتقد أنه لم يبق سوى كتابين أو ثلاثة خارج التداول (بعد أن كانت القائمة طويلة جداً)، أما عن نفوذ الوزير فيجب أن يسخر لخدمة الناس لا لفسح كتب الوزير!

* قصيدة "الشهيدة آيات الأخرس" هل تسببت في نشوء حساسية في العلاقة السعودية البريطانية؟ وهل عجلت برحيلك من لندن؟ وكيف تلقى المتدينون وفق ما وصلك من أصداء؟
- سامح الله صديقنا محمد حسنين هيكل إمبراطور الوثائق والتوثيق والموثوقية فقد كان أول من أشاع أن القصيدة أدت إلى خروجي من لندن بأمر من واشنطن (كذا) خلال 24 ساعة (كذا). الحقيقة إنني بقيت في لندن عدة شهور وغادرت موقعي فيها بصفة طبيعية إلى موقعي في وزارة المياه. أما عن أصداء القصيدة بين المتدينين فلا أعرف عنها شيئاً, وإن كنت أستغرب كلمة (المتدينين)، فالغالبية الساحقة من المسلمين متدينون.

* الصحافة الإلكترونية كيف تقيمها؟ وهل ترى أنها تقدم نفسها بديلاً للصحافة الورقية؟
- لا أتعامل مع الصحافة الإلكترونية ولا أستطيع تقييمها، ولكني أعتقد أن الصحافة الورقية سوف تبقى معنا بعض الوقت شأنها شأن الكتاب.

* ما رأيكم في صحيفة "سبق" الإلكترونية, نطمح بكلمة توجيهية تستنير بها الصحيفة في قادم أيامها؟
- لا أعرف الكثير عن سبق ولا أتابعها (إلا بطريقة غير مباشرة) وأتمنى أن تكون سباقة إلى الحقيقة, متخاذلة عن الإشاعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.