الدمام، الرياض – محمد المرزوق الشرق تسافر في الدرجتين «العادية» و»الأولى» بين الرياضوالدمام. حقوق المؤسسة ترصدها التذكرة بالتفصيل وحقوق الراكب: الوصول سالماً فقط. توقُّف لعبور قطار آخر.. وجنوح مقطورة يؤخِّر الرحلة في الصحراء 150 دقيقة. كما هي كل بوابات الجمارك السعودية، يودعك موظف الجوازات بتكشيرة يتردد صداها مع فرقعة ختم السفر على الجواز، كذلك بوابة دخول عربات القطار في محطتي المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في الدماموالرياض. وتخضع لإجراءات تفتيشية كمسافر من دولة إلى أخرى، رغم أنك مسافر من الدمام إلى الأحساء أو إلى الرياض. ويدقق رجل أمن في ملامح وجهك ويطابقها مع صورتك على بطاقة الأحوال المدنية، قبل أن تمر على بوابة تجس نبضات قلبك، وتزعق فور اكتشافها معدنا متسللا في ثنايا ثيابك. حزمت «الشرق» بضع أوراق، وسجلت تذكرة ركوب تحمل 12 رقما، ذهاب من الدمام إلى الرياض في درجة القافلة بقطار «عادي»، والعودة من الرياض إلى الدمام في قطار حديث درجة أولى. تتبع المؤسسة مواعيد إغلاق صارمة لبوابة الدخول، وحددتها بخمس دقاق قبل انطلاق القطار، فيما أوصت المسافرين بأن يكونوا حاضرين في صالة الانتظار قبل موعد السفر بساعة، ويظهر أن المسافرين لم يقتنعوا بهذا الطلب، لذلك تغص بهم قاعة الدخول قبل الموعد المحدد بنصف ساعة أو أقل، كما أن انتظار ساعة كاملة في محطة الانطلاق غير مشجع، فلا يوجد ما يلفت الانتباه غير كراسي معدنية، وبوفيه أبدع في تقديم الشاي والقهوة والفطائر! وفي الوقت الفاصل بين انطلاق رحلة أو وصولها تصفر المحطة بالفراغ إلا من خطوات رجل أمن، أو موظف في المؤسسة، أو مسافر جاء ليحجز موعدا لرحلة ما. السفر إلى المحطة ولعدم وجود محطات للقطار في كثير من مدن الشرقية كحفر الباطن مثلا أو الخفجي أو الظهرانوالقطيف، ينحصر السفر بالقطار على سكان حاضرة الدمام والمدن القريبة منها كالقطيف. وتختلف مدة الوصول إلى محطة القطار حسب موعد الرحلة. وفوتت «الشرق» رحلة لها في الساعة الثامنة صباحا، بسبب التأخر في الوصول ثلاث دقائق عن موعد الانطلاق. ولا تحسب المدة في التوجه إلى محطة القطار بعدد الكيلومترات، إنما بما تستغرقه المسافة من دقائق. على سبيل المثال الانطلاق من وسط القطيف للحاق برحلة الثامنة صباحا، يستغرق 60 دقيقة، بسبب زحام السير، فيما الانطلاق من نفس الموقع في الساعة الرابعة فجرا، يستغرق 37 دقيقة، وهذه المدة مشروطة بالتقيد بالسرعة النظامية التي تتراوح بين 60 – 80 كيلومترا في الساعة. سجائر الخامسة فجراً تُفرغ عشرات السيارات ركابها في الخامسة فجرا، أمام محطة القطار في الدمام، وأغلب الخارجين منها طالبات وطلاب، تبتلعهم المحطة سريعا، وترصفهم في صف طويل أمام بوابة الدخول للقطار، يمرر موظف السكة جهازا يقرأ التذاكر إلكترونيا، ويستقبلهم بعدها رجل أمن مدققاً في ملامحهم ومقارنا بينها وبين صورة بطاقة الأحوال، وكذلك يقارن بين الاسم في البطاقة والتذكرة، قبل أن يسمح لهم بالمرور من بوابة تكشف المعادن، فيما حقائبهم تمر على جهاز كشف آخر. وعلى الرغم من كثرة المقاعد في صالة الانتظار، إلا أنها خالية وباردة، يمر عليها المسافرون سريعا نحو عربات القطار، كلٌ عَلِم مقعده فيها، رغم أن التذكرة لا تحمل رقم مقعد، وبسؤال الموظف الواقف أمام إحدى العربات عن أي المقاعد نختار، قال «أي مقعد فارغ اجلس عليه»، ربما عملا بالحديث الشريف «اجلس حيث ينتهي بك المجلس»، لكن سياسة «المقعد محجوز» تخرج من أفواه بعض الركاب، حين تسأل جالسا عن مقعد فارغ، ما يضطرك للبحث عن مقعد آخر. استغل بعض المسافرين فارق التوقيت بين وصولهم وانطلاق القطار في حكايات جانبية والتدخين على رصيف الانتظار، وبعد أن أغلقت الأبواب واستوى الجميع على مقاعدهم، لم ينطلق القطار في موعده المقرر، بل تأخر دقائق معدودة، وكل دقيقة تأخير تعني تأخراً في الوصول إلى المحطة الأخيرة. عائلات وعزاب تحمل كل مركبة نحو 80 مسافرا. واحتلت طالبات وسيدات ثلاث عربات في فئة «القافلة»، فيما كان حظ العزاب من طلاب وموظفين وغيرهم عربةً في «القافلة» وأخرى في الرحاب. وفضّل ركاب ممَن حجزوا في الدرجة الأولى الجلوس في «القافلة» وبرر راكب في رده على مأمور التذاكر حين أخبره بأن مقعده في الأولى ب»المقاعد لا تختلف وهنا أفضل». مدينة بقيق تعتبر المحطة الفاصلة بين الدماموالهفوف، ولا يستغرق الوقوف فيها بضع دقائق، واستغرقت الرحلة بين الدماموالأحساء ساعة وعشرين دقيقة. ويظهر العدد الكبير من الطلاب والطالبات عند ملاحظة نزولهم في محطة الهفوف، حيث يشق العشرات منهم طريقهم للخروج منها. درجة صفر نجمة عُلقت في عربة «القافلة» شاشتا تليفزيون، وظلتا طول الطريق مغمضتين، ولا يوزع على الركاب ماء أو صحف، ما يجعل حمل صحيفة مع المسافر خيارا جيدا، وفيما يتعلق بالترفيه في العربة، سيكون الحاسب الآلي المحمول أفضل ما يمكن تخيله، وفي ظل انعدام كل ذلك ليس هناك علاج سوى النوم لقطع المسافة، وإذا لم يأت النوم «سولف مع جارك النائم». ولن يمر على المسافرين مأمورو القطار لسؤالهم عن أي شيء يحتاجونه، سوى التأكد من حملهم تذاكر السفر. يفصل بين درجة القافلة والرحاب والأولى المطعم، ولا يمكن تصنيفه ضمن أي نجمة من النجوم الخمس. في بداية العربة مصلى يحدد مساحته سياج حديدي، ويعقبه أربع طاولات حديدة، التصقت بها المقاعد. ولأن المطعم استراحة المسافر، سيكون رؤية أحد موظفي القطار يقرأ «القرآن» أمرا غير مستغرب، فيما يجلس إلى طاولة قريبة منه مسافران يتبادلان الحديث.وتتعدد الوجبات في مطعم القطار، وتشمل القائمة: فطيرة كروسان بالجبن، وسندويش جبن سائل، وسندويش جبن شرائح، وسندويش جبن شذر، وسندويش دجاج، والمشروبات تشمل: مشروبات غازية ومشروبات غير غازية، فيما المشروبات الساخنة هي: شاي، شاي أخضر، قهوة سريعة التحضير. ولسبب ما يستخدم البائع براداً صغيراً للماء الحار. استراحة محارب يُجبر القطار في ذهابه وإيابه على التوقف عدة مرات، بعضها مبرر للركاب، وبعضها الآخر يصبغهم بحالة ملل عميقة، لعدم معرفتهم متى يتحرك القطار مرة أخرى. توقف القطار في طريقه إلى الرياض ثماني دقائق، وبحسب مأمور في القطار فإن التوقف ضروري لإتاحة الفرصة لمرور قطار آخر مقبل من الرياض. ويكشف ذلك عن أن خط سكة الحديد واحد، فيما العمل يجري على إكمال خط مزدوج، ما سيساهم في عدم توقف القطارات إلا في المحطات التي تقصدها. يفترض بالمسافرين أن يصلوا إلى الرياض في الساعة التاسعة و21 دقيقة، ولكن القطار وصل في التاسعة و42 دقيقة، وفي مثل هذه الحالة من التأخير لا تلتزم المؤسسة بدفع أي تعويض أو إبداء أي تبرير لموقفها، بحسب التعليمات الواردة في تذكرة السفر، وبحساب بسيط: حين يتأخر المسافر عن اللحاق بالقطار يتحمل خسارة تذكرته، ولكن حينما يتأخر القطار في الوصول أيضا يتحمل المسافر التأخير. قهوة باردة تقديم التمر لركاب الدرجة الأولى تتشابه محطة قطار الرياض مع الدمام، كلتاهما خالية حتى يحين موعد انطلاق الرحلة. ولا يحصل ركاب الدرجة الأولى على امتيازات قبل الدخول إلى صالة الانتظار، يمرون، كغيرهم، بالإجراءات نفسها. ويحمل القطار الحديث، 280 مسافرا، فيما القطار العادي يصل عدد ركابه إلى 500 راكب تقريبا. تنقلب الصورة في القطار الحديث وفي الدرجة الأولى بالذات، تسمع صوت المأمور يرشدك إلى بعض ما ستواجهه في الطريق، أول تحذير يتمثل في منع التدخين، سواء في الممرات أو الحمام، وأن العربات مزودة بكاشفات إلكترونية. ويمنع التدخين في القطار العادي لكن لا تسمع تحذيرا، ولا وجود لكاشفات دخان. ممر القطار واسع، أرضية نظيفةٌ من الخشب، مقاعد جلدية، مزودة بشاشة صغيرة، ومكبس للكهرباء، وإنترنت مجاني، وشاشات عرض تعمل، وليس مثل التي في القطار العادي. وتتبع المؤسسة في قطارها الحديث نفس الإجراء في القطار العادي، عربات للعوائل وأخرى للعزاب. ويفترض في قطارٍ حديث أن يصل في الوقت المحدد، لكنه توقف أكثر من مرة في طريقه إلى الأحساء، لكن مع إطلاع المسافرين على سبب التوقف. وصادف المسافرين في ذلك اليوم (السبت، 2 مارس) أن خرجت عربة قطار مقبل من الأحساء عن سكة الحديد، ما أدى إلى توقف دام ساعتين ونصف الساعة، في وسط الصحراء. ويظهر أن الحداثة في القطار انعكست على الطاقم، حيث وزعوا مشروبات غازية «مجانا». وسمع الركاب اعتذارا من الطاقم، تردد مع توقف القطار أكثر من مرة. القبلة إلى الشرق أدخلت العلامة المشيرة إلى جهة القبلة المسافرين في حالة إرباك، حيث صلى كثير منهم وقبلتهم الشرق، فيما صلى آخرون إلى جهة الغرب، وبين الفرضين نقاش حول صحة الاتجاه، قطعه أحدهم ب»أن رجال الأمن في القطار صلوا في (اتجاه الشرق)، وهم أعلم بالقبلة». ويتميز مطعم الدرجة الأولى في القطار الحديث، مع سندويشات الجبن، بتقديم بيتزا، يمكن تسخينها في «ميكرويف». كما يتميز بديكور جميل، لكن المقاعد محدودة. ورغم أن القطار مزود بإنترنت مجاني، لكن المسافر سيستغني عنه لبطئه الشديد. وفيما كان موعد الوصول الأصلي لرحلة القطار في الساعة الثانية و40 دقيقة ظهرا، ظهرت أنوار مدينة الدمام في الساعة السادسة، وبسبب التأخر نُقل مسافرون كانوا ينتظرون في الأحساء بالحافلات إلى الدمام. حقوق المؤسسة فقط في تذكرة السفرة عدة بنود، تُظهر حفظ المؤسسة حقوقها كاملة، فيما للراكب حق الوصول سالما غانما. ومن بين البنود الحضور للسفر قبل ساعة من الانطلاق، والدخول إلى القطار قبل خمس دقائق. الحالة الوحيدة لاسترجاع كامل التذكرة عندما تلغي المؤسسة الرحلة، فيما المؤسسة غير مسؤولة عن تعويض الراكب في حال تأخرت الرحلة عن موعد وصولها. ولا يسمح للمسافر إلا بحمل حقيبة واحدة، ويمنع شحن أي أمتعة على متن القطارات الحديثة، وتشترط المؤسسة أن يلتزم المسافر برقم المقعد، لكن هذه الفقرة لا يمكن تطبيقها في القطارات القديمة، حيث يعمل الطاقم والركاب بقاعدة «اجلس حيث ينتهي بك المجلس». والتعليمات كلها باللغة العربية، وأي مسافر غير عربي يبحث له عن مترجم. القطار السعودي * انطلقت فكرة إنشاء السكة منتصف الستينيات الهجرية، بسبب حاجة شركة أرامكو السعودية إلى نقل البضائع إلى مستودعاتها. * بدأ العمل في المشروع عام 1366ه، وافتتحه الملك عبدالعزيز عام 1371ه. * بقيت السكة تحت إشراف أرامكو، ثم ارتبطت بوزارة المالية. * عام 1386ه، صدر نظام تأسيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدة. * افتتح الميناء الجاف في الرياض في عام 1401ه. – يبلغ مجموع أطوال الخطوط الحديدة 1481 كيلومترا، تربط ميناء الملك عبدالعزيز في الدمامبالرياض، مرورا ببقيق والهفوف وحرض والتوضيحية والخرج. * طول خط نقل الركاب 449 كيلومترا، بين الدماموالرياض. * طول خط الشحن السريع 569 كيلومترا، ويبدأ من الدمام إلى الرياض، ويمر ببقيق والخرج وحرض والتوضيحية. * تبلغ مسافة الخطوط الفرعية 400 كيلومتر، تربط مواقع إنتاج صناعي وزراعي ومواقع عسكرية، بموانئ التصدير وبعض المناطق السكنية. * بُنيت المحطات الرئيسية الثلاث «الدمام، الرياض، الهفوف» في عام 1401ه. * يتكوّن أسطول المؤسسة من 59 قاطرة ديزل تشمل ثماني قاطرات جديدة. * عدد عربات الشحن 2497 عربة مختلفة الاحجام والانواع. في انتظار رد المتحدث وجهت «الشرق» عددا من الأسئلة إلى مدير العلاقات العامة في المؤسسة محمد أبو زيد، لكنها لم تتلق أي إجابة رغم الاتصالات المتكررة. النوم في عربة «القافلة» الخيار الأفضل مقاعد جلدية وإنترنت في قطار حديث موظفون وركاب في مطعم القطار العادي