"بنات القطار" مجموعة من الطالبات يصل عددهن قرابة 300 طالبة يدرسن في جامعة الملك فيصل بالأحساء، ويتكبدن معاناة السفر اليومية من "الدمام" إلى "الأحساء" ذهاباً وإياباً عبر قطار الركاب؛ كونهن يبحثن عن التخصصات الدراسية التي يرغبنها، وهي غير متوافرة في "جامعة الدمام"، فيما اضطرت آخريات للدراسة في "الأحساء"؛ بسبب ارتفاع نسبة القبول في "جامعة الدمام"، مما جعلهن بين خيارين إما دراسة التخصصات التي يردنها وتحمل مشقة التنقل من الأحساءوالدمام؛ بسبب رفض أغلب الأهالي أن يستقر بناتهن في السكن الجامعي بالأحساء، أو يدرسن تخصصات أخرى في الدمام. م.الحقيل: نحافظ على خصوصيتهن ونعدل مواعيد الرحلات لخدمتهن وننسق لفتح مكتب حجز لهن في الجامعة بنات القطار! شرحت "ملاك" معاناتها وزميلاتها الطالبات في ذهابهن وإيابهن يومياً من التنقل يومياً عبر القطار من مقار مساكنهن ب"الدمام" إلى "جامعة الملك فيصل بالأحساء"، حتى أصبح يطلق عليهن "بنات القطار" في أوساط الجامعة، مبينة أن رغبتها الدراسية جعلتها تدرس في "الأحساء"؛ بسبب عدم توفر تخصصها الجامعي المفضّل في "جامعة الدمام"، وعدم رضا أهلها أن تسكن في الأحساء. وقالت: "أغلب بنات القطار يؤيدن الاستقرار في السكن الجامعي للطالبات، ولكن مشرفات السكن قالوا لا يوجد مكان، بالرغم من أن الزميلات الساكنات في السكن الجامعي ذكروا لنا أن هناك غرفاً متوفرة، وأسرَّة كثيرة". معاناة يومية و«أعصاب مشدودة» خوفاً من التأخر على «المحاضرة» أو «رحلة العودة» ساعة و40 دقيقة وأوضحت "هند" أنها تعاني الأمرّين، بسبب طول مدة السفر عبر القطار من "الدمام" إلى "الأحساء" حيث تبلغ المدة ما لا يقل عن ساعة و40 دقيقة، ناهيك عن التأخير المستمر في انطلاقه، إلى جانب قيمة التذكرة ذهاباً وإياباً بقيمة 20 ريالا بعد التخفيض. وقالت:"تبدأ رحلتي عند الساعة الثالثة فجراً، واذهب مع السائق إلى محطة القطار، متحملة نظرات المجتمع المستغرب من خروجي في هذا الوقت برفقة السائق، ورغم ذلك اتحمل لرغبتي الشديدة في الدراسة"، موضحة أنهن يقفن كل صباح في طابور طويل لقص التذاكر، في مكان مزدحم بالرجال وغير مخصص للنساء. إشعاع خطير! وأضافت "هند" أنهن يتعرضن يومياً، طوال أيام الدراسة للإشعاع في غرفة التفتيش، مبينة معرفتها بخطورته مستقبلاً، حيث إن كثرة التعرض له قد تسبب أمراضاً بالغة، مضيفةً: "نجلس قي قاعة الانتظار إلى حين فتح الباب المؤدي إلى القطار، وغالباً يكون مفتوحاً، ثم نسارع لأخذ مقاعدنا بعد أن نمشي أمتاراً عدة للوصول إلى بوابة القطار، وبعد عشر دقائق يأتي إلينا المأمور؛ ليتأكد من تذاكرنا"، موضحة أنهن لا يستطعن النوم أو الأكل بسبب عدم خصوصية الركاب. تأخير وزحام ووصفت "زهرة" رحلتهن اليومية إلى الجامعة، قائلةً: "بعد وصولنا نسير عدة أمتار للوصول إلى الحافلة المؤدية إلى صالة الخروج، في مختلف الأجواء، حيث نعبر من بوابة حديدية أمامها حافلة تم تخصيصها للموظفين رغم أن المسافرين أولى منهم، ونكمل سيرنا حتى ندخل المحطة ونجد حافلاتنا"، مؤكدة على أن رحلتهن لا تتوقف عند هذا الحد فحسب، بل أن وصولهن يصادف ذروة الازدحام في "الأحساء" بسبب ذهاب الموظفين والطلاب، حيث يستغرق وصولهن إلى الحرم الجامعي ساعة ونصفا، حتى أصبح "التوبيخ" على التأخير الصباحي عادة يومية بالنسبة لهن. واضافت:"بعض المحاضرات تأخذ منا وقتاً طويلاً، وإذا تأخرنا فاتنا القطار.. ونحن في سباق مع الزمن وأعصابنا مشدودة طوال اليوم"، مشيرة إلى أن معظم الطالبات يعدن إلى الدمام في رحلة قطار العصر، والتي يصاحبها صعوبة في الحصول على مقعد، بل أن هناك طالبات لا يجدن مقعداً، ويضطررن للعودة على رحلة الساعة التاسعة مساءً!. مصروفات متعددة وطالبت "إلهام" "المؤسسة العامة للخطوط الحديدية" و"الجامعة" بالنظر في سعر التذكرة (20 ريالاً)، قائلة: "ربما يكون سعر التذكرة معقولاً، ولكن مع المصروفات الأخرى نضطر إلى صرف ما لا يقل عن 50 ريالاً، بالإضافة إلى راتب السائق وغيرها من مصروفات الجامعة والمصروفات الشخصية، وهذه التكاليف لا تغطيها مكافأة الجامعة"، مبدية خشيتها من أن يذهب تعبها سدى دون أن تجد وظيفة بعد تخرجها. ونادى عدد من الطالبات مسؤولي المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بتوظيف نساء مختصات في قسم الحجز، إلى جانب تخصيص عربات قطار تخصص للطالبات بشكل عام، مطالبات بتوفير حافلات لنقلهن من قبل جامعة الملك فيصل بالأحساء. وأفاد معالي "م.عبدالعزيز الحقيل" - الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية - أن المزايا التي تنفرد بها القطارات بين وسائل النقل الأخرى، الأمان والسرعة، والقدرة على استثمار وقت الرحلة في القيام بأي نشاط، والخصوصية التي يشعر بها المسافر، وهي عوامل مهمة تجعل القطار الوسيلة الأكثر جاذبية وشعبية، مشيراً إلى أن الإحصائيات خلال عام 2010 كشفت أن قطارات المؤسسة نقلت أكثر من مليون ومائة ألف راكب، وأكثر من 40% من هؤلاء الركاب سيدات، خاصةً من فئة الطالبات اللواتي يفضلن استقلال القطار في الذهاب إلى الجامعات والعودة، وتعد هذه النسبة كبيرة بالقياس إلى حجم سفر النساء بشكل عام في وسائل النقل الأخرى، مرجعاً سبب الزمن الطويل للرحلات إلى قيام المؤسسة حالياً بتنفيذ عدد من المشروعات التي تستهدف تعزيز بنية الخط الحديدي وتأهيله، ومن بين هذه المشروعات مشروع ازدواج الخط الحديدي بين الهفوف والرياض، ومشروع بناء 35 جسراً ومعبراً على امتداد الخط الحديدي، لافتاً أن هذه المشروعات في حال اكتمالها ستعمل على إلغاء المقابلات والتقاطعات، وفصل حركة القطارات عن حركة السيارات والمركبات الأخرى، ما سيمكن من تسيير قطارات بسرعات عالية تختصر الكثير من زمن الرحلة الحالي. قضاء وقت السفر إما بقراءة الكتب أو توسدها وأضاف:أن القطارات تنفرد بين وسائل النقل الأخرى بمزايا وعوامل تؤثر في اجتذاب العائلات والنساء لاستخدام القطار في تنقلاتهن، ومن أبرزها الخصوصية التي يوفرها القطار للمرأة، حيث تم تخصيص عربة للعائلات على درجة القافلة، وتم تخصيص المقاعد الأمامية في درجة الطليعة للسيدات، وذلك بُغية توفير خصوصية للمرأة، وإعطائها أكبر قدر من الراحة أثناء وقت الرحلة. وأشار إلى أن القطارات وسيلة نقل عمومية مثل الطائرات والحافلات، ولا يمكن فصل النساء عن الرجال بشكل كامل في الأماكن العامة، وإذا ما أخذنا في الاعتبار سعي المؤسسة إلى التوسع في الجانب الترفيهي وإدخال خدمات جديدة في القطارات مثل خدمة الانترنت التي يتم الإعداد حالياً لتشغيلها، فإننا نتوقع أن يسهم ذلك في إضفاء طابع مريح على الرحلة، يمكّن المسافر من الاستمتاع بقضاء وقت الرحلة بالأسلوب الذي يفضله". م.عبدالعزيز الحقيل تخفيض الطلاب وأكد "م.الحقيل" على أن تعرفة النقل بالقطارات تعد الأقل بين وسائل النقل الأخرى، موضحاً أن التخفيض الممنوح للطلبة والطالبات يتم بناء على الأمر السامي الكريم الذي يقضي بمنحهم تخفيضاً مقداره 50% من قيمة التذكرة، مشدداً على أنهم يحرصون على تيسير إجراءات الحصول على خدمات الحجز وشراء التذاكر، كاشفاً أنه تم إطلاق خدمة الحجز وشراء التذاكر عن طريق بوابة المؤسسة الالكترونية عبر الانترنت، إلى جانب توفير هذه الخدمة من خلال مكاتب الوكيل المعتمد، مكملاً: "سيتم قريباً ادخال نظام الرد التفاعلي (IUR) الذي يمكّن الركاب من الحجز آلياً عن طريق الهاتف دون الحاجة للتحدث للموظف، إضافة إلى خيار الخدمة المتكاملة الذي يقدم بواسطة موظفي الحجز بالمحطات"، نافياً أن يكون هناك طوابير طويلة في شراء التذاكر، موضحاً أنه تقدم بطريقة منح الأرقام وتوجد مقاعد انتظار حتى يأتي الدور، مبيناً أن بوابات الدخول في المحطة مقسّمة إلى قسمين إحداهما للعوائل، والآخر للعزاب. حجز جامعي وبيَّن "م.الحقيل" أن المؤسسة تقوم بين وقت وآخر بمراجعة جدولة رحلات القطار، وتعديل بعض المواعيد بناء على نتائج استبانات استطلاع آراء العملاء من جميع الشرائح خصوصاً الأكثر سفراً، ومن بينها الطلبة والطالبات، موضحاً أن المؤسسة تنسق حالياً مع "جامعة الملك فيصل بالأحساء"؛ لفتح مكتب للحجز وشراء التذاكر داخل الجامعة؛ لتيسير الحصول على هذه الخدمة بمقر الجامعة، وبالتالي إتاحة الفرصة أمامهن للحصول على أولوية في الحجز، ومن شأن هذا الإجراء أن يوفر الوقت والجهد على أبنائنا وبناتنا طلاب وطالبات الجامعة، مشيراً إلى أن المؤسسة فتحت منذ فترة طويلة قنوات تواصل مع "جامعة الملك فيصل في الأحساء" ويتم التنسيق معهم فيما يتعلق بتوفير حافلات للطالبات وتخصيص مواقف لها عند مدخل المحطة، منوهاً أن المؤسسة تعمل حالياً على إعداد شروط ومواصفات خاصة لطرح منافسة تنفيذ مشروع تطوير محطات الركاب لتتمكن من تقديم خدمات عالية الجودة تسهل على المسافرين الدخول والخروج من المحطات وفق آلية مرنة. وقال: "أدخلت المؤسسة العنصر النسوي في وظائف تقديم خدمات الحجز الآلي، حيث إن جميع العاملات في مركز الحجز هن نساء، ويتم حالياً دراسة توفير فرص وظيفية للمرأة في المجالات ذات المناسبة لطبيعتها ومؤهلاتها العلمية".