تشهد المملكة حالياً حراكاً اقتصادياً مهماً لدعم الابتكار التقني وتشجيع الشباب السعودي على الإبداع وثقافة العمل الحر. ويتمثل هذا الحراك في عقد عدة مؤتمرات متخصصة وتنظيم مسابقات تحفيزية ومحاضرات ودورات تدريبية منها على سبيل المثال لا الحصر، مسابقة التحدي الوطني للريادة التقنية التي نظمها برنامج بادر لحاضنات التقنية بالتعاون مع شركة أنتل العالمية، ومؤتمر عرب نت الذي عقد لأول مرة في الرياض باستضافة بادر، وكذلك لقاء ريادة الأعمال تحت شعار «نحو ثقافة المبادرة والإبداع» بالغرفة التجارية في جدة، ومحاضرات تطوير المهارات الابتكارية والإبداعية لدى الشباب في غرفة الرياض، مؤخراً الدورات التدريبية التي نظمتها الاتصالات السعودية بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وبرنامج بادر للمطورين السعوديين لتسويق برامجهم وتطبيقاتهم المبتكرة وغيرها كثير.ولا شك أن مثل هذه البرامج الهادفة والبناءة تسهم بفاعلية في تطوير مهارات الشباب السعودي وتشجيعهم على الابتكار في المجال التقني باعتباره أحد أهم العناصر الأساسية لتطوير الحياة وتقدم الأمم وازدهارها. لأن الناس في هذه الحياة يعملون على درجات متفاوتة في الجد والمثابرة، فمنهم تقليديون لا يملكون القدرة على تقديم الجديد، ومنهم مبتكرون لا يكتفون بالتعامل مع ما هو موجود ولا بتكراره، وإنما يميلون إلى إحداث التغيير نحو الأحسن وإضافة الجديد للحياة وتغييرها نحو الأفضل، فهذا هو الابتكار الذي نريده في مجتمعنا السعودي.فالمملكة التي حباها الله بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، تذخر بمواهب مبدعة وكوادر بشرية مؤهلة من المبتكرين في المجال التقني، حيث تعد المملكة من أكثر بلدان العالم مواكبةً للتطور التقني الهائل الذي يشهده العالم اليوم. ولكن هؤلاء الشباب الطموح في حاجة ماسة إلى من يأخذ بأيديهم ويؤهلهم ويساعدهم بتحويل أفكارهم الابتكارية إلى منتجات ومشروعات تقنية ناجحة تعود عليهم بالنفع والفائدة وتخدم اقتصاد الوطن. وبالطبع هذا الأمر يتطلب توفير مزيد من الدعم للهيئات والمؤسسات الوطنية التي تتبنى دعم الابتكار وريادة الأعمال التقنية مثل برنامج بادر لحاضنات التقنية وغيره من البرامج والهيئات المماثلة، وكذلك اهتمام الجامعات السعودية بتنمية الإبداع والابتكار لدى الطلاب، وزيادة الجامعات التي تهتم بالتخصصات العلمية والتقنية، إلى جانب توحيد وتضافر كافة الجهود المبذولة من القطاعين العام والخاص لدعم التقنية تحت مظلة واحدة حتى نستطيع فعلاً دعم هؤلاء الشباب المندفعين بقوة نحو ريادة الأعمال ومساعدتهم بتحويلهم من شباب باحث عن عمل إلى موفري وظائف لأبناء وبنات الوطن، خاصة إذا وضعنا في الحسبان بأن هناك ابتكارات بسيطة ولكن مردودها الاقتصادي عالٍ جداً، ولعل تجارب فيس بوك وتويتر وغيرهما من الابتكارات الناجحة ليست ببعيدة عن الأذهان. ويمثل الابتكار التقني حالياً توجهاً اقتصادياً مهماً لكثير من دول العالم التي استطاعت بالابتكار أن تكون في رأس قائمة الدول المتطورة والمتقدمة، ولذلك تولي الدولة رعاها الله اهتماماً بالغاً بالابتكار ودعمه، وتهتم جداً بتطوير وتوطين التقنية. حيث قام وزير الاقتصاد والتخطيط مؤخراً بزيارة لكوريا الجنوبية بدعوة من وزير اقتصاد المعرفة الكوري للاستفادة من تجارب هذه الدولة في مجال التطور التقني. بكل تأكيد عندما ننجح في دعم الابتكار التقني نكون قد حققنا كثيراً من خطط الدولة الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوطين الوظائف لأن النتائج الاقتصادية للمبتكر سواء كانت ثروات شخصية، أو نمواً لمشروعه، أو خلق وظائف جديدة ستُحقق جميعها المنفعة لكافة أفراد المجتمع. نتمنى أن يتحقق الدعم الكامل للابتكار لتفجير طاقات الشباب وتحقيق مستقبل أفضل للمبتكرين بالمملكة.