في زمن ساد فيه الاستهبال وبيع المُشط في حارة (الصلعاء)، يغيظني إعلان تبثه فضائية سودانية ثلاث مرات عقب كل وجبة وتسريحة شعر وتنهيدة يأس من وداد وحنين يتدفق من جداول حبيبة عصية النوال. يقول الإعلان: (امسح كريم نُقط نُقط، غمّض عينيك عشرين دقيقة وافتح، ستختفي صلعتك للأبد، عاود الحلاق بسرعة)! عشرين دقيقة بسْ يا مفترين، هذه لا تكفي بُصيلات الشعر نفسها أن تفيق من دهشتها وهي تسأل: (أيه المصيبة اللّي وقعت علينا دي)؟! في ذمتكم.. أليس هذا هو الاستهبال بعينه، وكلّنا على يقين أن صلعة بعضنا (كأنّ ساحتها مرآة فولاذ)، ميئوس منها، على طريقة: (ولو يذبحُ الضَبيّ بالسيفِ لم تَجِدْ/ من اللُؤْمِ للضَبيّ لحْماً ولا دما)، وليس من رجاء في بُصيلة شعر واحدة مُستعدة لترفع رأسها فوق مستوى سطح بحر الصلعة الواسعة ولو استهبل المعلنون.. يعني خلاصْ، انتهينا من حَلْحَلة قضايانا وبقينا على الصلعة؟! كل الدنيا تكافح التمييز بمختلف أشكاله، فمن يؤسس لمنظمة تناهض التمييز ضد الصلع، وكبح الاتجاه النسوي للتعريض ب(الأصالع)، كما كانت تغنيّ فتيات السودان ولهاً بظاهرة الخنافس: (يا باكو السجاير، يا اللي في الحفلة داير، حبيت أبخنافس ويا ريت أبصلعه طاير). عاتب رجل سعودي ابنه لاستخدامه غير المرشّد لكريم (الجل)، ما تسبب في فصل رقبة شعره من رأسه وجعله سراباً بلقعاً (على الزيرو) قال: (هذي توالي الجلْ/ ما تلقى لصلعتك حلْ/ ينتهي موضوع المُشط/ لا تروح بعيد وتشتط/ خلاص تحمّل ما صار/ صرح الشعر انهار/ وخلّك بالصلع معتل/ قالوا لك لا تلطّخ عمرك/ دير بالك على شعرك/ ما سمعت الكلام/ اشبع صلع/ لو تلقى الفانوس السحري/ وتقوله أبي شعر/ يطالعك ويقول/ يالله ول/ هذي توالي الجل).