تطغى عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي على مناقشات قمته التي تفتتح أعمالها الإثنين المقبل في أديس أبابا، فيما يبرُز أيضاً النزاع في جنوب السودان وانتخاب رئيس لمفوضية الاتحاد، بحسب ما أوضح أمس الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «فرانس برس». وانسحبت الرباط من الاتحاد الإفريقي في 1984 احتجاجاً على قبوله عضوية «الجمهورية الصحراوية» التي شكلتها جبهة «تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)». وقضية الصحراء الغربية هي الملف المركزي في السياسة الخارجية للمغرب، وهو يَعدّ هذه المنطقة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه. وفي يوليو الماضي؛ أعلنت الرباط رغبتها في العودة إلى الاتحاد الإفريقي. ومنذ ذلك الحين؛ زاد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، من المساعي الدبلوماسية في هذا الصدد. وأعلن عزمه حضور قمة العاصمة الإثيوبية. لكن عودة المغرب ما زالت موضوعاً يثير انقساماً في الاتحاد الإفريقي، إذ تعارضها الجزائر. ويتخوف مراقبون من أن تقترن هذه الخلافات بالتباينات في وجهات النظر حول المحكمة الجنائية الدولية، والتنافس التقليدي للتكتلات الإقليمية فيما يتعلق بانتخاب الرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد. ولاحظت المحللة لدى «مؤسسة الدراسات الأمنية»، ليسل لوو-فودران، أن «التوسع الاقتصادي في القارة مهم للمغرب». واعتبرت أن «الاتحاد الإفريقي يزداد أهمية. ويدرك المغرب أن من المتعذر عليه تطبيق أجندته على صعيد القارة دون أن يكون عضواً في الاتحاد». ورأت المحللة، من جهة أخرى، أن العودة المغربية قد تكون مكسباً للاتحاد الذي يسعى إلى الاستقلال على الصعيد المالي، لكنه خسر متبرعاً سخياً بمقتل الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي، في 2011 إبان انتفاضة أطاحت بحكمه. لكن لوو-فودران قالت إن «القضية لم تطو». وذكّرت بأن الجزائروجنوب إفريقيا، العضوان واسعا النفوذ في الاتحاد، يعارضان أو يبديان تحفظاً على عودة المغرب. وتؤيد الجزائر وبريتوريا منذ فترة طويلة مطالبات جبهة «البوليساريو» بفصل الصحراء الغربية. ويرى المحلل السياسي المقيم في السنغال، جيل يابي، أن «المسألة الآن هي هل يعود المغرب، وفي الوقت نفسه هل سيتم استبعاد الصحراء الغربية من الاتحاد. ثمة انقسامات واضحة جداً في الاتحاد حول هذه النقطة». وقد تثير معارضة بعض دول القارة للمحكمة الجنائية الدولية نقاشاتٍ حادةٍ أيضاً في قمة الإثنين. وقررت بورونديوجنوب إفريقيا وغامبيا في 2016 الانسحاب من المحكمة (مقرها لاهاي في هولندا)، متهمةً إياها باستهداف الدول الإفريقية حصراً. وهددت كينيا، التي تتخذ مواقف متقدمة جداً في هذه المعركة، بأن تحذو حذو الدول الثلاث، فيما تبدي السنغال وبوتسوانا، من بين دول أخرى، دعمهما الصريح للمحكمة. في الوقت نفسه؛ ستؤدي المصالح الإقليمية المختلفة إلى تعقيد انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي، خلفاً للجنوب إفريقية، نكوسازانا دلاميني- زوما. ولاقى طرح الأخيرة مسألة حقوق النساء للبحث التأييد، لكن حصيلة أدائها على صعيد السلام والأمن تعرضت للانتقاد. وكان هذا الانتخاب مقرراً في يوليو الماضي، لكنه أرجىء في نهاية المطاف، لأن عدداً كبيراً من أعضاء الاتحاد اعتبروا أن المرشحين «يفتقرون إلى العلاقات الواسعة». ومنذ ذلك الحين؛ ظهر 3 مرشحين جدد يُتوقَّع أن يكون الفائز واحداً منهم، وهم وزيرة الخارجية الكينية، أمينة محمد، ورئيس الوزراء التشادي السابق، موسى فكي محمد، والدبلوماسي السنغالي، عبد الله باتيلي. بدوره؛ سيقدم الرئيس الرواندي، بول كاغامي، اقتراحاته الإصلاحية، بعدما طُلِبَ منه مراجعة سير عمل الاتحاد الذي يتسم بالبيروقراطية. إلى ذلك؛ سيتضمن جدول أعمال القمة عدداً كبيراً من الأزمات في القارة، مثل الفوضى في ليبيا، ومجموعات التطرف العنيف في ماليوالصومال ونيجيريا، والتوترات السياسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويُتوقَّع أن يكون موضوع جنوب السودان، الذي تسببت الحرب الأهلية فيه في سقوط عشرات آلاف القتلى وتهجير أكثر من 3 ملايين منذ ديسمبر 2013، في صلب الاهتمامات مجدداً. وأعمال العنف الإثنية تتواصل في هذا البلد، ولم تُرسَل إليه بعد القوة الإقليمية المؤلفة من 4 آلاف رجل، والتي تقررت في القمة الإفريقية الأخيرة لمؤازرة 12 ألفاً من عناصر الأممالمتحدة. والمسؤولية عن التأخير تلقى على «مماطلة الرئيس سالفا كير». ورغم أن مسألة وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولاياتالمتحدة ليست مطروحة رسمياً في جدول أعمال القمة الإفريقية؛ إلا أنه من المتوقع أن يستأثر الموضوع بعدد من المناقشات، بحسب ما رجَّحت لوو-فودران. ويثير وعد ترامب بالدفاع عن «أمريكا أولاً» مخاوف في الواقع تتعلق بمستقبل علاقته بإفريقيا. والولاياتالمتحدة واحدٌ من أبرز المساهمين في التصدي لعناصر حركة الشباب المتطرفة في الصومال. وتأثرت بعثة الاتحاد الإفريقي في هذا البلد من تراجع التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي.