انتقد خبراء اقتصاديون السياسة التي تتبعها المنتديات الاقتصادية في المملكة، حيث تشمل عددا من الأمور التي تقلل من أهميتها وفائدتها المرجوة، وذكروا أنها تركز فقط على الأسماء النخبوية من حيث المشاركة، وتنحصر فقط في المدن الرئيسة، ما يجعل قدرتها أقل على استيعاب كل القضايا المهمة التي تهم الوطن، وأوضحوا أنها تنشط في فترة معينة، حيث تأخذ طابع الازدحام، مما يفوت على المختص متابعة بعضها، وأكد الاقتصاديون أن المنتديات أخذت الطابع التقليدي، وأصبحت نسخا مكررة، حيث إن الدراسات والتوصيات تعد مستنسخة من بعض الدراسات السابقة. يؤكد عميد كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم الدكتور إبراهيم العمر أن “المنتديات الاقتصادية واللقاءات العلمية والتشاورية تعد لأرباب الأعمال والاقتصاد والساسة ورجال الأعمال أحد مظاهر النهضة التنموية للاقتصاد الحديث، حيث تتم مناقشة الأحداث السياسية والاقتصادية الأكثر تأثيراً في مجريات الساحة المحلية والعالمية، وتثار القضايا ذات التأثير العام في حوارات فكرية غالباً ما تنتهي بتوصيات يمكن أن يكون لها أثر إيجابي في مستقبل التشريعات والتنظيمات لقطاع العمل والتنمية الاقتصادية”. آليات لفحص التوصيات وأضاف “على الرغم من أهمية هذه المنتديات الحوارية كونها ظاهرة إعلامية متميزة، فإن آثارها الإيجابية تتعزز مع تحولها لتظاهرة علمية تنتقل مخرجاتها لقاعات المحاضرات ولحلقات النقاش والمجلات والدراسات العلمية في الجامعات، كما تتعزز آثارها حينما تكون هناك آليات لفحص التوصيات والنتائج لهذه المنتديات وبحثها وإدراجها ضمن خطط عمل الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة”. النظرة لتفعيل المنتديات ويرى العمر أن هناك تباينات ورؤى حيال مدى نجاح المنتديات الاقتصادية، فبينما يرى البعض أنها مجرد ظاهرة إعلامية محدودة الفائدة، فإن النظرة الموضوعية ترى أن عملية تحويل نتائج المنتديات الاقتصادية إلى برامج عمل وتفعيل توصياتها بعد بحثها ودراستها ليست من أهداف هذه المنتديات، بل شدد أنه يجب على الوزارات المعنية والمؤسسات الحكومية الأخرى وغير الحكومية -الربحي منها وغير الربحي- ذات العلاقة أن يكون لها برامج عمل مستمرة للاستفادة من المنتديات والمؤتمرات والندوات العلمية التي تزخر بها المملكة مع اتساع التنمية البشرية والعمل العلمي بشكل أفقي ورأسي. القدرة على استيعاب القضايا وانتقد عميد كلية الاقتصاد والإدارة السياسة المتبعة في المنتديات الاقتصادية، حيث أنها توغل في النخبوية من حيث الأسماء المشاركة فيها أو من حيث تركزها في المدن الرئيسة، ما يجعل قدرتها على استيعاب كل القضايا الهامة التي تهم الوطن بأكمله أقل مما لو كانت أكثر انفتاحاً على المستوى الشخصي أو الجغرافي. وتمنى أن تزداد ظاهرة المنتديات الاقتصادية على أن تكون أكثر شمولية وانفتاحاً واتساعاً من الناحية الجغرافية، وأن يكون للأجهزة الحكومية خاصة وزارة الاقتصاد والتخطيط اهتماماً بمتابعة ودراسة نتائج وتوصيات المنتديات الاقتصادية واللقاءات العلمية الأخرى والندوات والمؤتمرات في الجامعات ومراكز البحث. المغلوث: خطوة جيدة رغم ضيق المحاور ورأى عضو اللجنة العقارية في غرفة الرياض الدكتور عبد الله المغلوث أن “المنتديات الاقتصادية المحلية خطوة جيدة رغم محدوديتها وضيق محاورها، مما ينعكس على انتشار توصياتها ومقترحاتها على الرغم من أهمية القضايا التي تتناولها اقتصادياً و اجتماعياً وثقافياً في مجتمعنا هذا المتدين اقتصادياً” وتابع “المنتديات دائماً ما تعزز حلولاً وتوصيات ومتطلبات الأزمة لتطويرها وازدهارها، وهي ليست بظاهرة جديدة أو حكرا على بلد دون آخر، بل إنها موجودة في كافة المجتمعات الاقتصادية، وتنشط في اقتصاديات الدول المتطورة والمتجذرة اقتصادياً، وتأخذ طابع خصوصية في عدة بلدان بناء على نشاطاتها ومنتجاتها التي تقدمها من ناحية سياسية وصحية ورياضية واقتصادية شاملة وغيرها، مما يعكس دافع المجتمع ويسعى للتنمية”.وأوضح المغلوث أن “المنتديات الاقتصادية تنشط في المملكة لفترة تمتد بين 4 و6 أشهر من سنة ثم تتلاشى لتعود العام المقبل، وتأخذ طابع ازدحام خلال أشهر معينة، مما يفوت على المختص متابعة بعضها، وتنحصر في المناطق الرئيسية للمملكة العربية السعودية، مما يؤثر سلباً على مناطق أخرى، كما طالب الجهات المختصة بتنظيم المنتديات بشكل جيد، وأن يتم تنسيق بين الجهات المسؤولة والوزارات والهيئات التي تنبثق عنها هذه المنتديات، وعزا ذلك إلى أن الأهداف الموجودة من إقامة المنتديات الاقتصادية هي زيادة الاستثمارات في القطاعات التي تروج لها عبر تقديمها لفرص استثمارية ناجحة، واستشهد عضو اللجنة العقارية بالمنتديات العقارية، حيث قال “إنها أخذت الطابع التقليدي بحيث أصبحت معرضا سنويا ذا نسخة مكررة لمعرض سابق، فلا جديد في مشاريع جديدة وملتقيات جديدة بوجوه جديدة دون دراسة مسبقة لحاجة السوق، إضافة إلى ورش عمل لا تقدم حلولا جزئية أو جذرية”.وعن قدوم معرض “سيتي سكيب” النسخة السعودية قبل عامين في جدة والعام الماضي في الرياض، أكد المغلوث أنه على الرغم من الاسم الكبير، إلا أنه لم تكن هناك تلك المشاريع العملاقة التي يستدعي الحضور لها والمهتمين، كما لفت إلى أن المشاريع لم تلب حاجة السوق والعملاء، ولم تجد الآثار الإيجابية لكثير من المعارض على أرض الواقع بعد انتهاء فترة المنتدى، وخلص عضو اللجنة العقارية إلى أن المنتديات الاقتصادية والعلمية والتجارية والطبية، ماهي إلا اجتماع يفرز رؤى وتطلعات وتحقيق آمال عن المشاركين، وما يصبون إليه، ويأمل أن تحقق تلك المنتديات آمال وتطلعات المشاركين في النهوض والرقي بما يحتاجون إليه، والقضاء على المعوقات السلبية كي يظفر بنجاحات باهرة لتلك المنتديات. العالي: المنتديات تلفت أنظار المستثمرين الأجانب للاقتصاد السعودي ويتطلع نائب رئيس لجنة شباب الأعمال في غرفة الخرج عبد العزيز العالي إلى أن يرتفع مستوى هذه المنتديات أكثر في المستقبل، وذلك لما تحتويه من رؤساء دول وخبراء ورجال وسيدات أعمال ومسؤولين لمناقشة القضايا التي لها تأثير عالمي أو محلي، كما يتم مناقشته في منتدى جدة الاقتصادي أو ما يكون متخصصا في الاقتصاد السعودي فقط، كما يحدث في منتدى الرياض الاقتصادي، وأضاف أن هذه المنتديات تسهم في معالجة القضايا الاقتصادية، ولها جدوى اقتصادية في لفت انتباه المستثمرين العالميين؛ لكي يتجهوا للاستثمار في السوق السعودي، وهي وسيلة تسويقية قوية، وذلك لوجود تغطية إعلامية مكثفة من قبل الإعلاميين الذين يتوافدون من جميع أنحاء العالم لتغطية مثل هذه المنتديات، وعن عدد المنتديات الاقتصادية، أفاد العالي أنها تعد كافية، والأهم ليس الكم وإنما ما يطبق من توصيات، وما تحقق من فوائد للاقتصاد السعودي على المدى البعيد والقريب، وتساءل العالي عن قوة الدراسات والتوصيات التي رفعت من هذه المنتديات، وعن مدى تفعيلها، وذكر أن مثل هذه الدراسات والتوصيات إذا طبقت بشكل صحيح ستكون حلولا جذرية للمعوقات التي تقابل رجال الأعمال وموظفي القطاع الخاص أو المعوقات، التي تقابل هيئة الاستثمار في جذب المستثمرين من أنحاء العالم للاستثمار في السوق السعودي. واقترح نائب رئيس لجنة شباب الأعمال أن يتم التركيز أكثر على مواضيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تطوير هذا القطاع لما له من أهمية لكثرة عدد هذه المنشآت مقارنة بالمنشآت التجارية الكبيرة ولكثرة العاملين فيها، وأن توضع هيئة رقابية فاعلة ولديها صلاحيات قوية لتتابع ما تم بشأن تلك التوصيات من إصدار قرارات من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة، وتابع “بذلك نكون قد حصلنا على قرارات من دراسات صحيحة 100 % وموثقة، وعملت من قبل القطاع العام والخاص الذي فهم كلٌ منهما مشاكل ومعوقات الطرف الآخر وتم وضع حلول متفق عليها”.