ظل قطاع الإسمنت معروفا لفترة طويلة بتوزيعات أرباحه السخية نظراً لهوامش أرباحه المرتفعة وإمكانية تحقيقه لميزانيات وتدفقات نقدية جيدة. ويحقق القطاع متوسط عائد على توزيعات الأرباح يبلغ 5.1%، وهو أعلى كثيرا من متوسط مؤشر تداول الذي يبلغ 1.5 % وأكثر من أي عائد لأي قطاع آخر في المملكة. بيد أن القطاع قد شهد انخفاضا في أحجام المبيعات على اثر الإصلاحات التي تمت في الآونة الأخيرة في سوق العمل، مما أدى إلى تباطؤ في أنشطة الانشاءات. وقد أدى هذا التباطؤ إلى التأثير على أداء شركات الإسمنت، مما نتج عنه تدني أداء القطاع مقارنة بأداء قطاعات السوق ككل في 2013. وأثار التباطؤ في أنشطة الإنشاءات وتأثير ذلك على شركات الإسمنت أسئلة حول مقدرة القطاع على المحافظة على سياسته الخاصة بتوزيع الأرباح، وبخاصة الشركات التي لديها معدلات توزيعات أرباح مرتفعة. وقد أجرينا في هذا التقرير الربعي، تحليلا مختصرا لمعرفة ما إذا كانت شركات الإسمنت في وضع جيد للمحافظة على توزيعات أرباحها بنفس مستوياتها للعام السابق. ولغرض هذا التحليل، ورغما عن أننا لا نزال على رأينا بأن القطاع سوف ينتعش في النصف الثاني من 2014 ، فقد قمنا بدراسة وتحليل الأداء المالي المتوقع لكل شركة ) وبخاصة التدفقات النقدية (على افتراض بأن الإيرادات سوف تستمر في الانخفاض خلال الأرباع القادمة من العام. وافترضنا أيضا بأن الشركات سوف تحافظ على إنفاقها الرأسمالي بنفس مستويات إنفاقها السابقة، باستثناء تلك الشركات التي لديها مصروفات رأسمالية مجدولة والتي أخذنا في الاعتبار هذه المصروفات الرأسمالية الاضافية أيضا في تحليلنا. إن النتائج التي توصلنا اليها، تشير إلى أن معظم الشركات التي نقوم بتغطيتها سوف يكون بمقدورها المحافظة على توزيعات أرباح أسهمها لهذا العام حتى لو استمر قطاع الإنشاءات بالانخفاض. إن معظم شركات الإسمنت الكبيرة والراسخة مثل شركة إسمنت السعودية وشركة إسمنت العربية وشركة إسمنت اليمامة وشركة إسمنت القصيم لديها مراكز مالية قوية مما ساعدها على التغلب على الأزمة الناتجة من شح العمالة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن شركات الإسمنت تنعم بإمكانية الحصول على الوقود بأسعار رخيصة وتوفر المواد الخام بسهولة مما مكنها من زيادة هوامش أرباحها لتتجاوز في كثير من الأحيان 50 %. لقد ساعد هيكل التكلفة المنخفض إضافة إلى الإنفاق القوي على البنية التحتية شركات الإسمنت في تكوين مراكز مالية قوية وتحقيق تدفقات نقدية ضخمة خلال السنوات القليلة الماضية، ونوضح في ما يلي وجهة نظرنا حول كل واحدة من هذه الشركات. نظرة على بعض الشركات إسمنت القصيم: تعتبر شركة إسمنت القصيم في وضعية جيدة للمحافظة على مستوى توزيعات أرباح أسهمها خلال هذا العام. وليس لدى الشركة خطط هامة للإنفاق الرأسمالي كما أن ميزانيتها خالية من الديون تقريبا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركة لم تستورد كميات من الكلنكر المرتفع التكلفة من خارج المملكة، مما ساعد في احتواء المصاريف. فحتى لو انخفضت إيرادات الشركة بنسبة 4% خلال هذا العام، فسوف تظل الشركة قادرة على تحقيق حوالي 650 مليون ريال كتدفقات نقدية صافية. وقد أعلنت الشركة عن أرباحها للربع الثاني والبالغة 207 مليون ريال وأعلن مجلس الإدارة عن توزيع أرباح عن النصف الأول من عام 2014 بواقع ثلاثة ريالات للسهم الواحد وهي أعلى من توزيعات العام الماضي والبالغة 2.75 ريال. إسمنت اليمامة: واجهت شركة إسمنت اليمامة انخفاضا بنسبة 22 % في مبيعاتها من الإسمنت خلال النصف الأول من 2014. وفي تحليلنا للشركة، افترضنا بأن الشركة ستستمر في مواجهة الانخفاض في مبيعاتها من الإسمنت بنسبة 14% لكامل العام مقارنة بعام 2013 . ورغما عن ذلك، نتوقع بأن تتمكن الشركة من تحقيق حوالي 742 مليون ريال كصافي تدفقات نقدية تشغيلية مما يمكنها من توزيع أرباح إجمالية بقيمة 603 مليون ريال إذا استطاعت الشركة زيادة نسبة الأرباح الموزعة في ظل تراجع الأرباح الصافية. إسمنت الجوف: كانت شركة إسمنت الجوف واحدة من أسوأ الشركات أدا ء في قطاع الإسمنت. فقد انخفضت مبيعات الشركة السنوية من الإسمنت بنسبة 15 % على أساس سنوي في 2013، وفي النصف الأول من 2014 انخفضت المبيعات بنسبة 14 % على أساس سنوي، مما يشير إلى أن الشركة لا تزال تواجه بعض المشاكل. وقد انخفضت مبيعات شركة الجوف في المنطقة الشمالية بنسبة 40 %، بينما قفزت مبيعاتها في المناطق الأخرى والتي تحقق فيها الشركة %50 من ايراداتها بنسبة 41 %، ولكن ذلك لم يعوض عن تراجع المبيعات في المنطقة الشمالية. وقد ظلت التدفقات النقدية الصافية للشركة في المنطقة السالبة منذ أن بدأت الشركة عملياتها التشغيلية في 2010، ولكنها بدأت في التحسن عاما بعد عام نظرا لتزايد الإيرادات وبدء المصروفات الرأسمالية في الاستقرار في مستوياتها العادية. وإذا ما استمرت مبيعات الشركة بالتباطؤ حتى نهاية هذا العام، فنتوقع بأن تحقق تدفقات نقدية سالبة تبلغ - 84 مليون ريال، وسيتعين على إسمنت الجوف الاعتماد على الاقتراض للمحافظة على مستوى توزيعات أرباحها للعام السابق والتي بلغت 65 مليون ريال. إسمنت السعودية: الأداء التشغيلي لشركة الإسمنت السعودية أيضا كان ضعيفا إذ انخفضت مبيعاتها بنسبة 18 % على أساس سنوي في النصف الأول من 2014 وحتى اذا انخفضت إجمالي المبيعات السنوية بنسبة 9% لهذا العام، فسوف تتمكن الشركة من تحقيق 1.3 مليار ريال في شكل تدفقات نقدية تشغيلية، مما سيمكنها من توزيع أرباح بحوالي المليار ريال، وهو ما يتماشى مع توزيعات العام الماضي. إسمنت العربية: كانت شركة الإسمنت العربية واحدة من الشركات التي خالفت اتجاه القطاع لهذا العام حيث حققت قفزة في مبيعاتها بنسبة 36 % على اساس سنوي في النصف الأول من 2014، نظراً لقربها من مناطق تجمعات الطلب ومواقع المشاريع الضخمة. ونتوقع أن تحقق الشركة أكثر من 600 مليون ريال على شكل تدفقات نقدية تشغيلية صافية لهذا العام، مما سيجعل الشركة في وضع مرن لدفع توزيعات أرباح بنفس مستويات العام الماضي. وباختصار، فإن شركات الإسمنت التي نقوم بتغطيتها، لديها بشكل عام مراكز مالية قوية إضافة إلى استمرارها في تحقيق تدفقات نقدية تشغيلية جيدة مما يمكنها من المحافظة على توزيعات الأرباح المجزية. ولا تزال مبيعات الإسمنت الشهرية مستمرة في الانخفاض ولكن بمعدل أبطأ، وربما تبدأ في الارتفاع بعد بلوغها لأدنى مستوياتها خلال الأشهر القادمة. بالإضافة إلى ذلك، فقد ذكرنا في تقاريرنا السابقة بأننا نتوقع أن ينتعش قطاع الإنشاءات في النصف الثاني من 2014 مدعوما بالإنفاق الحكومي القوي، وبالعودة المرتقبة لأعداد جديدة من العمالة النظامية إلى المملكة. وإننا نعتقد بأن شركات الإسمنت ستتمكن من المحافظة على توزيعات أرباحها المرتفعة والتي ظلت تسهم من الناحية التاريخية في جعل القطاع واحدا من أكثر الخيارات الإستثمارية ربحية في المملكة. استهلاك الاسمنت لقد استمر استهلاك الإسمنت في المملكة في الانخفاض على أساس سنوي. ففي الربع الأول من 2014، انخفضت مبيعات الإسمنت بنسبة 8% على أساس سنوي. بيد أن معدل الانخفاض بدأ في التراجع حيث انخفضت المبيعات في الربع الثاني بنسبة 4% فقط على أساس سنوي. ويعتبر ذلك مؤشرا على أن القطاع يسير الآن في اتجاه الانتعاش كما ذكرنا آنفا، وبأن اختلالات الطلب التي حدثت في الأشهر القليلة الأخيرة كانت تعزى بالأحرى إلى عامل مؤقت "نقص العمالة" وليس تغيرا بعيد المدى في المقومات الأساسية لهذا القطاع. إن مشاريع البنية التحتية الجديدة والتي يتوقع الشروع فيها في المستقبل القريب ومستوى الطلب المرتفع لمشاريع الإسكان الجديدة، ستضمن بأن يكون الطلب على قطاع الإسمنت قويا في المديين المتوسط والبعيد. ومن بين الشركات التي تشملها تغطيتنا، تظل شركة الإسمنت العربية هي الأفضل أداء من حيث مبيعات الإسمنت خلال الفترة من يناير الى يونيو. وفي حقيقة الأمر، فإن الشركة تعتبر من الشركات الأفضل أداء مقارنة بالقطاع ككل، إذا تم حذف الشركات الجديدة من الإحصائيات. فقد حققت شركة إسمنت العربية ارتفاعا بنسبة 36 % على أساس سنوي خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام، مقارنة بانخفاض بنسبة 6% للقطاع ككل. أما الشركات الأسوأ أدا ء في القطاع لنفس الفترة: أسمنت اليمامة - 22 % على أساس سنوي، وأسمنت الجوف - 14 % على أساس سنوي، وإسمنت السعودية - 18 %على أساس سنوي. مستويات المخزون لقد استمرت مستويات المخزون لشركات الإسمنت بالإرتفاع على إثر تباطؤ الطلب وارتفاع مستويات الإنتاج. ونتيجة لذلك فقد شهد القطاع ككل مستوى مخزون مرتفع قياسي من الكلنكر بلغ 16 مليون طن في يونيو 42014 ، بارتفاع بنسبة 270% على أساس سنوي نعتقد بأن الشركات سوف تضطر إلى خفض مستويات انتاجها حتى تستطيع العودة بمستويات مخزونها إلى المستويات العادية اذا لم تتحسن ظروف القطاع في الأشهر القادمة. من ناحية أخرى، تختلف الشركات في الطريقة التي تدير بها الإنتاج ومخزوناتها من الكلنكر. فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من بروز المؤشرات المبكرة لتباطؤ الطلب، إلا أن شركة الإسمنت السعودية رفعت من انتاجها من الكلنكر خلال النصف الثاني من عام 2013 بنسبة 20 % على أساس سنوي، في حين رفعت إسمنت القصيم انتاجها من الكلنكر بنسبة 6% فقط. ونتيجة للطلب الضعيف، فقد قفز مستوى مخزون الكلنكر لشركة إسمنت السعودية بنسبة 330% على اساس سنوي بنهاية 2014، بينما ارتفع مخزون الكلنكر لشركة إسمنت القصيم بحوالي 25 % فقط لنفس الفترة.