لفت نظري وأنا أقرأ صحف أمس الأول، تصريحات أستاذة للفقه في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، خلال ندوة عن "علاقة المرأة بالرجل عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، نظمتها الجمعية الفقهية السعودية بالرياض قبل أيام. ذلك أن الدكتورة الفقيهة طالبت النساء بعدم السير بجانب أبنائهن في الأماكن العامة، حتى لا يقيس الآخرون شكلها، بشكل ابنها "الوسيم"! أصدقكم أني قرأت التصريح مرات ومرات، وفركت عيني أكثر من مرة لأتأكد من صحة الكلام، ودخلت موقع الصحيفة، فوجدتها أرفقت تسجيلاً صوتياً للأستاذة المذكورة، بصوتها وهي تتحدث عن حيائها من السير مع ابنها اذا كان جميلاً! وفي غمرة الصدمة والقراءة والنفي والتأكيد، غفوت فتخيلت أننا امتثلنا التوجيه الذي طالبت به الدكتورة، فإذا بنا نجد مجتمعنا وقد منع الامهات من المشي بجانب ابنائهم "المملوحين"، وحث بمفهوم المخالفة الأم إذا كان ابنها "شيفة" بالسير مع ابنها، فهذا مظنة زوال الفتنة. صارت المجمعات التجارية تعج ببر الشيون بأمهاتهم، وبات المزيونون يسيرون ونظرات الألم تبدو عليهم، لأنهم لم يستطيعوا أن يرافقوا أمهاتهم في جولات التسوق! باتت أم "الشين" تتبختر في مشيتها، وهي تطفئ نظرات الفتنة بقبح ولدها. وهب المجتمع المتماسك فخلق مبادرة اجتماعية لمراسلة زوج أم "الشين"، فشكروه في رسائل نصية وخطية على ما تبذله المدام من إطفاء لفتنة الشهوة، وذكروه فيها بأن جزاء صبره على "شين" زوجته، سيكون من وسائل بلوغ الجنان، فالله لا يجمع لمؤمن بين عسر في الدنيا وعسر في الآخرة. واذا كانت رؤية ابنٍ مملوحٍ بجانب أمه وسيلة لتخيل جمال الأم، وهذا وقوع في المحذور، فإن المجتمع المنضبط، أنتج آليات جديدة، لمنع الخيالات المريضة، فالدلفري، أو خدمة توصيل الطعام من المطاعم للبيوت، بات يقوم على طلبات بالرسائل النصية، حتى لا يكون صوت المرأة دافعاً لتخيل شكلها، والولوغ في الخطيئة. وأصبحت شركات الاتصالات، تعلن على صفحات الجرائد وفي لوحات اعلانات الطرق وفي الاذاعات والتلفزيونات، عن خدمات الدليفري النصي، الذي يدرأ الفتنة ويطفئ نار الخيال. وبينما انا اعيش في المدينة الفاضلة، رن هاتفي فإذا بالزملاء بالجريدة، يطالبون بهذه الزاوية!