مع انطلاق أي مسابقة شعرية تتعالى أصوات الساخطين ويتجدد الانتقاد لأعضاء لجان النقد والتحكيم فيها من حيث مستواهم ومدى استطاعتهم تحقيق الهدف الذي وضعوا من أجله، وتتنوع الانتقادات بين مُلاحظات ضعيفة تحمل دلالة على عدم فهم طبيعة النقد كالقول إن هذا العضو أو ذاك لا يمتلك موهبة الشعر وبالتالي لا يمكن أن يستطيع الحكم على قصائد الشعراء بطريقة جيدة ومُنصفة، وبين ملاحظات أخرى عديدة قد تُلامس بعض السلبيات التي تعتري عمل لجان التحكيم في المسابقات الشعرية بشكل دقيق ومُباشر. ومن أبرز الملاحظات التي تنتمي إلى الصنف الثاني ما يُلاحظ من جنوح كبير لدى بعض أولئك النقاد نحو ذكر ملاحظات سطحية أو شكلية واضحة للجميع وليس لها أدنى تأثير في الارتقاء بقيمة القصيدة أو الحط منها، كتلك الملاحظات التي تُشير إلى البحر الذي كُتبت عليه القصيدة دون أي حرص على الربط بينها وبين موضوع القصيدة أو فكرتها أو العناصر الفنية الأخرى فيها، أو الحديث عن القصيدة بأسلوب إنشائي عام لا يكشف عن سماتها الخاصة ومن الممكن أن يتحدث به أي شخص عن أي قصيدة..! أضف إلى كل ما سبق مُلاحظة التباين الشاسع بين حجم الثناء الذي يكيله الناقد لقصيدة الشاعر وحديثه عن جودتها وجمالياتها وبين درجة التقييم التي يمنحها لها، ففي أحيان كثيرة يُفاجأ الشاعر (والمتلقي أيضاً) بأن استحسان أعضاء اللجنة للقصيدة يُقابل بمنحها درجة تقييم متواضعة ولا تتوازى أو تتناسب مع حجم ذلك الاستحسان الذي يستوجب أن تُمنح درجة تقييم عالية، ما يجعل المتلقي في حيرة سببها عدم إدراكه للمعايير النقدية التي وضعت اللجنة درجة التقييم على أساسها ..! والأمر الذي يزيد من حيرة المُتابع هو قبول الشخص -سواء أكان شاعراً أم غير شاعر- لدعوة المشاركة في تحكيم مثل هذه المسابقات وهو لا يمتلك الجرأة على النطق بالحكم على القصيدة التي تُعرض أمامه بصدق وشجاعة، فبعض أولئك المُحكمين تُعرض عليه عشرات القصائد وتنتهي المسابقة دون أن تخرج منه أي ملاحظة نقدية مفيدة ومُقنعة تشفع له بالجلوس على كرسي التحكيم وتقييم إنتاج المبدعين .. ناهيك عن استحقاقه للقب (ناقد) ..!!