لعل معظمنا قرأ عن الطفلة جيسي Jaycee التي اختطفت وهي تنتظر باص المدرسة ،حدث ذلك منذ ثمانية عشر عاماً في ولاية نيفادا الأمريكية . جيسي وُجدت الآن وقد كانت تعيش تحت رحمة خاطفها فيليب جارادو Phillip Garrido في وضع مأساوي شنيع . لا أريد أن أركز هنا في حديثي عن الإجرام والجريمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتبر بيت الجريمة الأول ولا حتي في أي مجتمع آخر . ولكن أهدف من موضوعي هذا إلى الإشادة بالشرطيتين اللتين ساهمتا في القبض على هذا المجرم الخطير، وأهمية أن ننمي تلك الحاسة لدينا خاصة ونحن نقول إن قلب المؤمن دليله. لقد وصلت الشرطة إلى بيت المجرم جارادو أكثر من مرة كان آخرها في شهر يوليو 2008، ولم تتمكن من اكتشاف أن الطفلة جيسي ( بالأصح الراشدة جيسي الآن ) وابنتيها ( اللتين أنجبتهما من الخاطف ). كنّ حبيسات حديقة منزله الخلفية، وتشاء الصدف أن يذهب هذا المجرم إلى جامعة بيركلي بهدف إحياء مناسبة دينية في الجامعة ، وبحس الأمومة كما ذكرت الشرطية ألسون جاكوبس Allison Jacobs ،حيث قالت: " عرفت أن هناك شيئاً ما خطأ في علاقة هذا الرجل بالفتاتين اللتين أنجبهما من جيسي . لقد كان مظهرهما غير طبيعي وهو أيضا بدا عليه الاضطراب النفسي". قامت الشرطية ليزا كامبل Lisa Campelبالتحري ومعرفة خلفية هذا المجرم ،عندما تحدث معها عما يزعم عمله. ولولا ذكاء وحس الشرطية، لما حُررت هذه الفتاة بعد خطف ومهانة واعتداء جنسي استمر ما يقارب العقدين من الزمن. لعل الفكرة أو العبرة من هذه الحادثة ،هي أن ندرب ونحترم مشاعرنا، وأن ما يقوله لنا قلبنا قد ينقذنا وينقذ الآخرين .وجميعنا قد يخفق في اتباع حسه ويندم بعد ذلك ففي الصيف كنت في مدينة سان فرانسيسكو ودُعيت من قبل بعض الصديقات لتناول وجبة الغداء في مطعم بسيط جلسنا على طاولة بالقرب من النافذة التي تشرف على الشارع . وخلال تناولنا للطعام توقفت سيارة قديمة بالية ، لوحاتها من ولاية اخرى ومنذ اللحظة التي توقفت فيها السيارة انتابتني مشاعر خوف ورعب خاصة أن أحد الشباب الذي كان في السيارة قد دخل المطعم الذي كنا فيه واستأذن لدخول الحمام وخرج وهو خائف يحمل شيئاً ما ويخفيه يبدو أنه سرقه وكما ذهب زميله الآخر لبقالة على الناصية الأخرى من الطريق والله يعلم ما فعله هو الآخر! . لقد لاحظت وجود فتاة في المقعد الخلفي من السيارة لم يظهر جسمها كاملاً بدأت أتحرك لأخبر من في المطعم للاتصال بالشرطة ولكن أمام إلحاح زميلاتي بعدم التدخل خاصة وأنهم قد يشعرون بتحركي للإبلاغ عنهم . غادرت السيارة ، ولكن لا أخفي عليكم أنه حتى يومي هذا لم يغادرني الشعور بالندم بعدم الإبلاغ. في النهاية قد تجتمع لدينا الأدلة كلها ولكن أكبرها وأصدقها ، هي تلك الحاسة التي تجعلك تشعر وبقوة أن هناك رائحةً ما تفوح من موقف ما، روحاً تنتظر مبادرتك وإن لم تعبر لك ، حساً يخبرك أن هناك شيئاً ما خاطئاً وإن لم يتضح لك فورا.. أحيانا يا سادة يستحق صوتنا أو حسنا الداخلي الالتفات له وعدم إهماله فلن يجانبك الصواب إن قلت أحيانا..هناك أمر ما خاطئ، غير صائب. ما الدليل؟! يسألك الآخرون.. فترد: أنا قلبي دليلي!