إذا كانت المسلسلات التركية في العام الماضي قد أشاعت لدى الكثيرين منا جو الرومانسية إلى ان قيل ان القصر الذي صورت فيه احداث مسلسل نور اصبح مزاراً للسياح السعوديين وان السرير الذي حظي بمعظم المشاهد الرومانسية لنور ومهند حظي بالنصيب الأكبر من المشاهدة فأعتقد ان السائح في هذا العام سيلزم الحذر خوفاً من رصاص أسمر الذي لا يرحم احدا. من الواضح ان لدى كتاب الدراما التركية هوسا بموضوع واحد يركزون عليه في اي مسلسل فمثلا خصام الرومانسية كان هو عنوان مسلسل نور ولكن هوس مسلسل هذا العام (وتمضي الايام) كان البحث عن الأهل. أسمر وغزل وعلي خرجوا من ملجأ الايتام إلى الحياة بحثا عن ذويهم وكبروا والتقوا وبعد ستين حلقة تعارفوا فقررت الطفلة التي كانت تحب زميليها في الميتم أن تستمر ايضاً في حبهما وقد اصبحا رجلين ولهذا تصارعا على حبها وتنازل من قرر ان يقترن بها لزميله الآخر لتذهب كمرافقة له للعلاج لتعود وعلى يدها طفل يعتقد أحدهما أنه ولده بينما هي تجزم بينها وبين نفسها أنه ولد الآخر. الغريب أن الأحداث تدور في مجتمع مسلم فلقد رأينا البطل أكثر من مرة في المسجد لوحده ومع هذا نصدر لمجتمعاتنا قضايا تتقزز منها الابدان ونوصلها بلغة عربية ولكنة سورية لنجعلها أحداثاً طبيعية فلو حدثت لا قدر الله في بيت احد منا لقيل انها موجودة في المجتمع. أسمر وعلي لا يعرفان من أبويهما وهذا بالطبع دليل على أنهما أبناء من ارتباط غير شرعي, وغزل حملت من أسمر قبل أن تتزوجه وذهبت مع علي وعادت بولد اسمر وهذا يعني أنها أقامت علاقة مع علي في أول يوم مغادرة وإلا لما اقتنع أن الابن ابنه. شربكة لا نعلم ما هي فائدتنا منها ولكننا والله نعلم كم من الاضرار ستلحقها بمجتمعاتنا خاصة وان المطلوب منا ان نحب ونتعاطف مع بطل هو (ابن حرام وعضو مافيا وعدد قتلاه لا يمكن ان نحصرهم). لنذهب الآن إلى المسلسل الآخر "الحلم الضائع" فالبنت تتحدث مع والدها المجرم بعبارات غير لائقة ونحن في مجتمع مسلم نعلم ان احترام الابوين واجب ولا يجوز لنا ان نحاسبهم او نتلفظ عليهم بما لا يليق حتى ولو كان الاب مجرماً فليس من حق الابن او الابنة ان يخاطبه بلهجة تخلو من الادب ولا تصدر الا من معتدى عليه ضد مجرم. البنت الأخرى تقيم علاقة مع صديقها وتحمل وتقرر التخلص من حملها دون إبلاغ صديقها فتدخل إلى عيادة مرموقة وتسأل الاستقبال عن رغبتها في الحصول على موعد للاجهاض فتسألها الموظفة عن الاسم فتقولها لها اسماً مستعاراً وتسأل عن هويتها فتقول لقد نسيتها وهنا تقول الموظفة لا مشكلة وتعطيها الموعد وبعدها بقليل تتصل بها لتقول هل بالإمكان أن تأتي الآن لأن أحد المرضى ألغى موعده فتذهب البنت وتجري عملية الاجهاض وتعود إلى منزلها. عجبي ألهذا الحد نستهين بمثل هذه الأمور ونقدمها إلى شبابنا وشاباتنا وكأنها أمور طبيعية في نسيج حياتنا. اذا كان هذا هو المجتمع التركي فليبقَ كما هو وهذا شأنه وإذا كان لابد من أن نشاهد مسلسلاتهم فلنشاهدها بلغتهم مترجمة وليست مدبلجة إلى لغتنا لأن من يدبلج أي عمل الى لغتنا يريد ان يوصل رسالة هذا العمل كاملة ولهذا يقربها منا, فاللاعب الاجنبي الذي يلعب في المملكة يذهب إلى المطاعم الشعبية ليتناول الكبسة ويصور وهو يرتدي الثوب والغترة والعقال ليشعرنا بأنه يحبنا ومعجب بنا وهذا هو بالضبط ما تفعله القنوات التي تبث هذه المسلسلات إنها بكل بساطة تدس لنا الكثير من القضايا والقيم غير الأخلاقية ضمن هذه الأعمال التي تعتمد في تشويقها على هذه الاحداث. مسلسلات تعرض ثلاث مرات في اليوم وتعاد كاملة آخر الأسبوع وأصبحت بديلاً لأطفالنا عن مسلسلات الكرتون خطرها أكبر ولابد أن نتوقف عندها كثيراً.