شارك المخرج السعودي عبدالله المحيسن كضيف شرف رئيس في الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان هونغ كونغ الدولي للأفلام والتلفزيون، ذلك ضمن فعالية "حوار الحضارات بين الصين والعالم العربي"، التي نظّمتها "China Daily"، حيث قال المحيسن: "لسنا بحاجة إلى مترجم حين تكون العدسة صادقة، فالصورة تنقل ما تعجز عنه الكلمات". وفي مداخلة حملت بُعدًا فكريًا وفنيًا، أشار المحيسن: إلى أهمية التلاقي بين الشعوب ليس من باب المجاملة، بل من باب "التواصل الثقافي الإبداعي"، داعيًا إلى شراكات عربية - صينية في مجالات السينما والتدريب والمهرجانات. وأكد المحيسن أثناء المهرجان: إلى أن السينما السعودية لم تعد في طور التجريب، بل بلغت مرحلة النضج"، في ظل الدعم الكبير الذي تلقاه القطاع من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- واهتمام سموه الكريم بالمجالات الثقافية والفنية وتسخير كافة الإمكانات لدعم المبدعين السعوديين. ويجسد هذا التصريح صورةً واقعية وصوتا مبدعا عاش تقلبات المرحلة بالسعودية، ويشهد اليوم على اكتمال المشهد. كما عبر المحيسن عن رغبته في التعاون مع صناع الرسوم المتحركة في الصين، ليعكس ذلك قراءة ذكية من المخرج السعودي لطبيعة المرحلة، حيث أصبح الفن مساحة حقيقية للتلاقي والتفاهم. قالها بوضوح: "الصين تملك طاقات مذهلة في هذا المجال، وأتطلع لتعاون يعبر الثقافات ويصل للجمهور العالمي". وهنا، تتجلى الدبلوماسية الثقافية في أوضح صورها، حين يكون المخرج سفيرًا، والعدسة جسراً، والمحتوى رسالة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها المحيسن بلغة تتجاوز الفن إلى التعليم والسياسة الثقافية، حين أشار إلى أن إدراج اللغة الصينية في التعليم السعودي يجسد التقارب وبُعد نظر القيادة السعودية لأهمية إدراج اللغة الصينية رسمياً بالمناهج التعليمية السعودية، كأول دولة تدرج ذلك بمناهجها رسمياً في دول الشرق، كما أنها تعتبر خطوة تعكس "ثقة متبادلة ورغبة في بناء تواصل حضاري طويل الأمد"، هذا الربط بين الفن والهوية والعلاقات الدولية هو ما يجعل وجوده في المحافل الدولية ضروريًا، ومؤثرًا. ولأننا في زمن تتغير فيه أدوات التأثير، وتعيد الدول رسم صورتها عبر الثقافة، لا بد أن نلتفت لهذه النماذج التي تمثلنا بهدوء، فحضور المخرج العالمي المحيسن هو صورة من صور السعودية الجديدة: واثقة، ناعمة، ذكية في رسائلها، وعميقة في تأثيرها. كون المشهد الثقافي السعودي لم يعد محليًا، ولا طارئًا، وما يقوم به المحيسن اليوم، هو امتداد طبيعي لما بدأه قبل نصف قرن. المحيسن أثناء مشاركته أشار لأهمية التعاون لإنشاء مركز في السعودية يُستخدم كمحطة لجذب المواهب الآسيوية للعمل والتعاون في إنتاج برامج تتناسب مع الجيل الجديد، مؤكدًا أهمية سد الفجوة بين الأجيال من خلال إنتاجات سينمائية تتواصل مع الشباب وتستفيد من تبادل المواهب والمعرفة. وأثناء حضوره مع صناع السينما ورواد الأفلام الآسيويين شارك المخرج المحيسن في قمة أعمال محتوى آسيا (ACBS) والتي دارت حول دور الذكاء الاصطناعي والتقنية في تشكيل مستقبل صناعة الأفلام والمحتوى في آسيا، حيث جدد دعوته المتمثلة بالتركيز على الإبداعات في المحتوى. وفي ذات السياق أكد فريد وانغ تشيونغ يوي، رئيس مجموعة "سالون فيلمز"، على أهمية تبني الأفكار الجديدة المتعلقة باستخدام التقنية والذكاء الاصطناعي في إنتاج الأفلام، مشيرًا إلى أن التعاون مع المخرج عبدالله المحيسن يمثل خطوة نحو تطوير مشروعات سينمائية مشتركة بين السعودية والصين ودول أخرى، أبرزها فيلم (الطريق إلى مكة) والذي يمثل في فكرته انطلاقة رحلة البشرية وأهمية مكةالمكرمة دينياً واقتصادياً واجتماعياً على مر السنين منذ نشأة الكون. ويعكس الحراك، التوجه السعودي نحو تعزيز العلاقات الثقافية والسينمائية مع دول آسيا، والاستفادة من التقنيات الحديثة في تطوير المحتوى، بما يسهم في تقديم سرديات جديدة تعبر عن التنوع الثقافي وتعزز من الحوار بين الحضارات، فالسينما حين تمثّل الوطن، لا تكون مجرد فن.. بل تصبح خطابًا حضاريًا بأدوات ناعمة وصوتٍ يصل إلى حيث لا تصل البيانات الرسمية. وأخيرا بينت المشاركة أن السينما عند معالي المستشار الأستاذ عبدالله المحيسن، ليست ترفًا بصريًا، بل أداة مقاومة ناعمة، ولغة للحقيقة، ورسالة سلام نحتاجها أكثر من أي وقت مضى. وما حضوره في هونغ كونغ إلا تأكيد على أن الفن الحقيقي لا يعرف الجغرافيا، بل يعرف الإنسان. معالي المحيسن، هو حامل لذاكرة طويلة من المحاولات، وهوية فنية صاغها، حين لم يكن للسينما السعودية منصة ولا صوتا.