لم يكن مفاجئا، أن تقرر السعودية افتتاح دور للسينما، لتؤكد أن إنسانها قادر على كتابة تاريخه بقلمه وكلمته وشاشته، بلغة سلسة، يفهمها القاصي والداني، ما يضع المملكة على خريطة العالم، وتشكل من خلاله مآثر ثقافية سعودية قادرة على خوض غمار العالم بقوة ناعمة، بتوقيع صانع مبادرات المستقبل، محمد بن سلمان، ليحقق بذلك وعدا قطعه على نفسه، بعودة المجتمع السعودي إلى ما قبل 1979، مع رفضه أن تضيع 30 سنة أخرى من حياة السعوديين، دون أن تعود إلى ما كانت عليه، مستردة بذلك موقعها الحقيقي بين دول العالم من أوسع الأبواب. ومع بزوغ فجر 2018، تعود السينما السعودية إلى السطح، لتدخل المملكة عصرا أكثر انفتاحا، فلا ريب أن الحركة السينمائية، تكتب تاريخ المجتمعات، إذ إن صناعة فيلم سينمائي تشبه تماما كتابة رواية من ألف صفحة، بينما تجسدها الكاميرات أمام المتلقي في 120 دقيقة لتصبح أكثر سهولة في الوصول إلى هدفها، ناهيك عن توثيقها الحقب التاريخية باقتدار. صور 625788_304 وليس جديدا، أن السينما في السعودية اغتيلت في نهاية السبعينات، إذ كانت تتوزع أكثر من 30 قاعة سينما تجارية في المدن الكبرى بالمملكة. وكانت عبارة عن أفلام تسجيلية تنتجها شركات النفط في المنطقة الشرقية للتوثيق، إضافة إلى بعض الأفلام القصيرة، مثل أفلام المخرج السعودي عبدالله المحيسن. كما أن السفارات الأجنبية في المملكة فتحت أبوابها لمحبي السينما من السعوديين، إضافة إلى سينما «باب شريف» و«أبوصفية» في جدة، فيما شهدت مدينة الطائف دور سينما أقيمت في فناء واسع بأحد المنازل أو أرض فضاء، توضع فيها المقاعد وشاشة للعرض السينمائي. بينما تخضع لجولات تفتيشية من جانب الهيئة، للتأكد من خلو الأفلام من المقاطع الخادشة لحياء المشاهد. وخطت السينما السعودية أولى خطواتها في 1977، حين أنتج أول فيلم سعودي بعنوان «اغتيال مدينة»، للمخرج عبدالله المحيسن، وتناول فيه قصة اغتيال مدينة بيروت والدمار الذي لحقها جراء الحرب، وعُرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي وحاز على جائزة «نيفرتيتي الذهبية» لأحسن فيلم قصير. بعدها أغلقت دور العرض السينمائية في كل مدن المملكة، وأوصدت السفارات أبوابها أمام أبناء المجتمع، وأصبحت فكرة تصوير فيلم في ذلك الوقت بنظر البعض «جريمة أخلاقية». صور 625789_304 وعن قرار افتتاح السينما خلال 90 يوما، يقول مدير جمعية الثقافة والفنون في الدمام أحمد الملا، إن فترة غياب السينما عن المشهد الاجتماعي طيلة أربعة عقود كانت فترة قاسية على المجتمع السعودي، خصوصا أن السينما جزء من الثقافة الاجتماعية والإنسانية، مضيفا: تحتاج المجتمعات إلى فن إبداعي وبصري، ما يتيح لصناع الأفلام إحداث نهضة اقتصادية ومعرفية وثقافية ضخمة. كما يبرز الجانب الإيجابي للسينما من خلال الصورة الحقيقية التي ستظهرها عن مجتمعنا وهذه هي القوة الناعمة التي ستقدم إلى العالم كله بدون خطاب فوقي، وإنما بعمق وجداني ثقافي، لاسيما أن المملكة تمتلك كافة المقومات لتكون منافسا في العالم، بما لديها من إرث تاريخي عميق. (حسب العربية). وأعلن الملا في وقت سابق، إنشاء بيت للسينما يديره الفنان إبراهيم الحساوي، بهدف عمل خطوط متعددة تتلاقى وتتفرد بجهود فرق مختصة ومتطوعة لكل منها، تعد وتخطط وتنفذ وتراكم المعرفة الإدارية والشراكات الإستراتيجية لتقدم خلاصتها "فتح نوافذ من الحب على الجمال والإبداع وتهدف أيضاً إلى تقديم البرامج والتدريبات الخاصة في الموسيقى والسينما".