لا يزال الإنسان بحاجة إلى بعض الفوضى في داخله حتى يتمكّن من ولادة الروعة والبراعة التي يمتلكها، خصوصاً عندما يتحكم في مشاعره ومحاولة بقائه في مزاجٍ جيد، بوجود أصدقاء إيجابيين حوله، ومختلطاً بنماذج مُلهمة.. هناك من يحاولون كل يوم، تحطيم رقم اليوم السابق بخدمة أشخاص أكثر أو تعلّم مهارات مختلفة، وهناك من يقتحمون مغامرات جديدة لصناعة تجارب حديثة، فما هي دوافعهم يا ترى؟ ما الذي يدفعك لرفع طاقتك وتجاوز التحديات من أجل إكمال المسيرة والإنجاز؟ سؤال طرحته على مجموعة من أصدقائي ومعارفي في قطاعات مختلفة، ممتنة لهم كثيراً تفاعلهم الكريم، أشارككم المُتعة في التعرف عليها.. ومقارنتها بما يدفع طاقاتكم لإكمال المسيرة! نسبة كبيرة ذكروا أن إيمانهم بالله وحُسن ظنهم به والتوكل عليه سبب رئيس في رفع طاقاتهم وقوة تدفعهم لتحمل المصاعب وتجاوزها بسهولة ويُسر. وأن الصبر نِعمة من نِعم الله على عباده، (وبشّر الصابرين) أقوى كلمة من الخالق سبحانه لعباده فيها طاقة مُحفزة، إضافةً إلى قراءة القرآن. البعض الآخر يرى المُحفز الأساسي له إيمانهم بقدراتهم وشعورهم بالمسؤولية، تجاه الأسرة والمجتمع والوطن وولاة الأمر بالحُب والدعم المتبادل بينهم، لأن في نظرهم المسؤولية والحُب من أقوى الدوافع. بينما رأى آخرون أن مفهوم التحفيز الذاتي، يحتاج حُسن إرادة، والإرادة تحتاج عزيمة، صبرا، تأنيا، إصرارا، يعتمد ذلك على اتساع مساحة الحُلم والتفاؤل في أعيننا وشعورنا برغبة عارمة لتعلّم الجديد، (ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحُفر)، بل إن المحصلة والمردود والعائد ورؤية الأثر كان الأهم عند البعض لرفع الحافز وإكمال المسيرة. وأعجبني هذا التعليق المُلهم، إذا أصبحتُ في قالب أصغر من جناحي، وكنت على يقين أن هناك أشياء لم أُنفذها بعد، وهي سبب وصولي لمبتغاي، يستوجب عليّ تحدي نفسي، فأرفع من طاقتي لعمل المزيد، لأُحلّق في مُتعة تعدّي الصعوبات ولذة الفوز بالمنافسات ونشوة الانتصار. بينما يرى كثيرون منهم أن أحد أهم المُمكنات لتجاوز أي تحدي، يكمن في أن تكون بيئة العمل مُمتعة، بالتناغم والتفاهم مع المدير المباشر فتزيد الراحة النفسية، المشاركة في صنع القرار ووضع السياسات وإعطاء المسئوليات، والوثوق بالموظف وتقدير عمله، يُعطي طاقة إيجابية قوية، كما أن أخذ يوم راحة بعد الانتهاء من مشروع كبير، يُقلل من الاحتراق الوظيفي، وطبعاً المُحفزات المادية ضرورة لغلاء الأسعار! والأهم العدل بين الموظفين من حيث، الترقيات والانتدابات والمرونة في العمل بالتساوي، مع الاهتمام بعقد الدورات والابتعاث لتطوير مهارات الموظف، وتعينه في المكان الذي يستحق خبراته. من وجهة نظري، إنّ تجاوز مخاوفنا واختيار تحدياتنا، تُساعدنا على تعبئة طاقاتنا الذاتية بالوقود الذي يُناسبنا، ومعرفتنا بقدراتنا، تُعيننا على "اختيار تحديات على مقاسنا" متجاوزين منطقة راحتنا، فنعتمد على أنفسنا فقط، بهذه التجارب الجديدة، سنجد أن قناعاتنا ستقودنا على المثابرة حتى النهاية، دون التراجع مهما كان الثمن، لأن من يملكون هدفاً للعيش، يمكنهم تحمّل أيّ شيء يعترضهم في الحياة، فالامتنان لله على كل ما أنعم به علينا، واعتدناه، يُجدد الشكر لله (بالشكر تدوم النِعم)، ولا يزال الإنسان بحاجة إلى بعض الفوضى في داخله حتى يتمكّن من ولادة الروعة والبراعة التي يمتلكها، خصوصاً عندما يتحكم في مشاعره ومحاولة بقائه في مِزاجٍ جيد، بوجود أصدقاء إيجابيين حوله، ومختلطاً بنماذج مُلهمة، لأنهم كالمنشطات الذهنية للتفكير البنّاء والإدراك الفعّال. فالإنجازات هي دوماً، آفاق ومِعيار لتقدم الشعوب وحضارتها، لخلق وطن طموح، بمجتمع حيوي واقتصاد مُزدهر.