الرحلة إلى معرض الدفاع الدولي في الرياض عميقة، كونها تشرع أمامنا آفاقاً عديدة، البعض منها ندركه والأخرى نجهله، فالمعرض العالمي لا يشرع أعيننا على إمكانيات الشركات العالمية المشاركة وقدراتها فحسب، وإنما يمنحنا الاطلاع على إمكانياتها وما تحوزه من الأفكار والرؤى التي تمهد بها مسارات طريق المستقبل أمام وطننا في ظل الرؤية السعودية 2030. تلك الرؤى والأفكار تدعونا لأن نتخيل شكل وطننا بعد ثماني سنوات من الآن، وكيف سيكون بعد عقود من الزمن، وكيف سيتم تطوير وتوطين الصناعات العسكرية والبحوث والتقنيات والكفاءات وزيادة مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني، يُظهر لنا التحديات التي ربما قد تواجهنا في مستقبل أحلامنا، ويلزمنا لأن نضع لها الحلول الواقعية والممكنة. أكثر الشركات المشاركة في الحدث العالمي، كشفت عن أفكارها ورؤاها، بعضها يسير تجاه الأمام لعقْد، وأخرى لفترة زمنية أكثر من ذلك، وهو ما يؤكد لنا ما للتخطيط الاستراتيجي من الأهمية، والذي يمنح أصحاب القرار، معرفة المنزلة التي ستكون فيه الدول بعد عقود من الآن، لذلك لا بد أن يجري أيضاً على الشركات وكذلك الأفراد، فالتخطيط دائماً يكون مآله النجاح من دون أدنى شك. الرحلة إلى معرض الدفاع الدولي في الرياض تُظهر لنا إمكانات الرياض ووطننا، والقدرة على تنظيم حدث عالمي بهذا المستوى والحجم، وتأمينه وتوفير كل المستلزمات اللوجستية، ومعها تلبية احتياجات المستثمرين والمختصين والزوار، وكيف بالإمكان أن تتم الاستفادة من هذه التجربة في المستقبل. هذه التجربة من دون أدنى شك خلقت خبرات عديدة كنا بأمسّ الحاجة إليها، ويمكننا الاستفادة منها في المستقبل في تنظيم مناسبات وأحداث وتظاهرات ومؤتمرات ومعارض عالمية ضخمة، لقد كشفت لنا هذه التجربة كيف بإمكاننا أن نتعامل مع التحديات وأن نتجاوزها بطرق متنوعة، وكيف يمكننا أن نوظفها في صالح الحدث والوطن، لذا فالميراث الذي سيتركه معرض الدفاع الدولي في الرياض سيبقى على الأرض، وفي الذواكر أيضاً، هذا الميراث لن يكون مقتصراً على المكان فحسب، وإنما هو بالتأكيد أكبر من ذلك، مما يجعل من التجربة في غاية الأهمية، واستحقاقها الاهتمام والدراسة أيضاً، لما تكتنزه من دلالات جيدة، سواء أكان في الإدارة أو التسويق المثالي أو التخطيط الاستراتيجي وغير ذلك.