عام على بصمات لن تنسى وعلى مواقف باتت خالدة لتلك الأميرة المتواضعة «البندري بنت عبدالرحمن الفيصل رحمها الله»، التي لم ينقطع ذكرها حتى بعد عام من الوداع، لقد استلهمت الأميرة العظيمة «البندري» روح العطاء والبناء من رجل أعطى لشعبه فؤاده وروحه وترك في نفوس الأجيال أثرًا خالدًا لن ينسى أو يغيب.. إنه الملك الصالح «خالد بن عبدالعزيز «طيب الله ثراه». الملك الذي لن تُمحى صورته من ذاكرة السعوديين والعرب والمسلمين، لقد خلد خالد العطاء صورة ملكٍ تواضعَ لشعبه وأحبهم وأغدق عليهم من كل خير، وسهرت عيناه لأجل بلاده ومواطنيه وقضايا المسلمين، لقد خلّف الملك خالد - رحمه الله - ذريةً مباركة طيبة أحيوا بعطائهم سيرة «خالد الخير» فامتدت أيديهم بالخير ليكونوا خير خلفٍ لكرم والدهم وإحسانه وعطائه. إن ملامح الملك خالد تراها اليوم في أبنائه وأحفاده، فلقد أخذوا صفاته الحميدة والنبيلة، وحققوا بأفعالهم ومبادراتهم في كل الميادين شهادة استمرار مكارم خالد. ولما للأثر الخالد من قيمة عظيمة، أجمع أبناء الملك خالد على إنشاء (مؤسسة الملك خالد)، التي ترسّخ كل المعاني التي حملها، بدءًا من الاهتمام بالضعفاء إلى عمارة المساجد والقيام عليها، وبناء الإنسان وصناعة الأبطال وتنمية المجتمع، كانت هذه العناصر محل اهتمام المؤسسة ومنتسبيها. وفي مطلع عام 2001م أولى مجلس أمناء المؤسسة (لبنة) بنائها إلى حفيدته «البندري بنت عبد الرحمن الفيصل»، التي حملت الأمانة على عاتقها، فسهرت وتعبت ليكون هذا الكيان والصرح شامخًا معطاءً من يومها الأول في المؤسسة حتى غابت روحها الطاهرة عام 2019م، بعد 18 عامًا حافلةً بالخير والنماء شهدت لها أرجاء الوطن كافة بأنها أيقونة التحول في كثير من الجمعيات ومرجع لمنتسبيها ترشدهم وتدلهم بما حملته من خبرة علمية وممارسة عملية. وكانت وصيتها الدائمة (أنزلوا بأنفسكم لتشاهدوا الواقع)، عملت بوصية الملك خالد بالاهتمام بالضعفاء قبل الأقوياء، لقد شهد لها ميدان العمل الخيري على طاقتها التي لم تفتر، وشغفها الذي لم يهدأ، وفكرها الذي لم ينضب في سبيل الوصول إلى الريادة على أكمل وجه وأمثل أسلوب ليكون ما يبذله أبناء الملك خالد - رحمه الله - في مكانه الذي يرجون ويأملون فيه. أعوامٌ عديدةٌ انقضت بأمجاد حفظها التاريخ لن يختزلها هذا المقال القصير بالحديث عن (رائدة العمل الخيري في المملكة)، لكننا نذكر جزءًا يسيرًا من سيرة كبيرة، علها أن تكون قبسًا من نور للعاملين في مجالها. إنني في ختام هذا المقال لأتذكر وأشهد على دعمها لبرامج وأنشطة جامع الملك خالد بالرياض، وكيف رسمت خطط تطوير الجامع وزيادة برامجه وتسخير كل الإمكانيات لخدمة ضيوفه، من خلال إقامة حلق تحفيظ القرآن والمحاضرات والدروس، وبرامج لتوعية الجاليات؛ تحقيقًا لأهداف ورؤية مجلس أمناء المؤسسة في أن يكون الجامع صرحًا شامخًا ومنارة للعلم والخير. نسأل المولى تعالى أن يثقل بما قدمته وعلمته موازينها، وأن يجعل القرآن العظيم شافعًا لها، وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأن يفيض عليها بكرمه وإحسانه.