ورحلت أميرة العطاء ؟ قال تعالى "ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي وادخلي في جنتي" عندما يحين القدر فلا راد له إلاّ الله والموت مورد سيرده الخلائق أجمعين.. ومصيبة عظيمة يجب على المسلم التحلي فيها بالصبر والاحتساب لينال الأجر والثواب من الله عز وجل. سأكتب عن مصابي الجلل والموقف الصعب الذي عاشته العائلة بفقدان والدتنا الغالية - الأميرة الجوهرة بنت فهد بن جلوي آل سعود رحمها الله - . التي رحلت عن الدنيا ورغم إيماننا بقضاء الله وقدره وان الموت حق ماضٍ على كل حي، إلاّ ان الفراق صعب ويصبح أصعب عندما يكون الرحيل لشمعة البيت والدة الجميع وصاحبة التواصل بين الأقارب والأحباب، وأم الأرامل واليتامى والمساكين فكانت رحمها الله من النساء البارزات في المجتمع ومن المداومات على فعل الخير وحبها للبر والاحسان لذوي القربى وذوي الحاجة وتكون في قمة السعادة عندما تفرج ضيقة محتاج، فمن صفاتها المودة والمحبة والتقوى والمداومة على طاعة ربها والحرص على مصالح الجميع والحث على توطيد أواصر المحبة والألفة. فلقد أكرمها الله تعالى بمحبة الجميع من ابنها صاحب السمو عمي الغالي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن جلوي آل سعود وأحفادها وأبناء أشقائها والجيران والأقرباء والأصدقاء الذين كانوا يلتقون عندها عبر زياراتهم المتكررة والدائمة لها، فعند دخولها الأخير للمستشفى لم تنقطع تلك الزيارات، بل أنها ازدادت بشكل كبير وهو الأمر الذي كنا نواجه معه احراجاً مع إدارة المستشفى في العناية المركزة حيث كانت تمنع الزيارة لأكثر من شخصين، ولكنهم سمحوا لنا - تجاوزاً - تقديراً للمشاعر الفياضة لأحبائها الذين لم يتخلوا عن زيارتها يوماً واحداً رغم أنها كانت في غيبوبة تامة. كنت لا أجد الراحة إلاّ في زيارتها والجلوس معها وبشكل يومي وفي غيبوبتها الأخيرة كنا معها بأرواحنا ومشاعرنا ندعو الله ان يفرج كربتها ويكشف ضرها وان يحسن خاتمتها وان يختار ما فيه الخير لها فهو الأرحم بعباده، ونحمده سبحانه ان أكرمنا بأن نكون بجوارها في ساعاتها الأخيرة حين فاضت روحها ولقيت وجه ربها في يوم فضيل وهو فجر الخميس 1428/5/8ه .لاشك ان الجموع الغفيرة التي حضرت للصلاة على جنازة الفقيدة وشيعتها في الدمام لمثواها الأخير وهي تدعو لها بالرحمة والمغفرة، ومن ثم توافد المعزين للمنزل في الخبر أو عبر الاتصالات أو البرقيات ومن شرائح المجتمع المختلفة خففت عنا ألم المصاب الجلل وأشعرتنا بحجم الحب الذي منحه الله لوالدتنا الغالية وان الجميع يشاطروننا ألم الفراق وكل ما أملكه تجاه تلك الفقيدة العظيمة إلاّ الدعاء لها (فاللهم ارحمها تحت الأرض ويوم العرض اللهم ثبتها بالقول الثابت اللهم اغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأنس وحشتها واللهم اغفر لها وارحمها واعف وتجاوز عنها برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم يمن كتابها وثقل ميزان حسناتها وبيض وجهها وثبتها على الصراط وأجرها من نارك وادخلها جنتك جنة الفردوس الأعلى برحمتك وفضلك اللهم جازها بالحسنات احساناً وبالسيئات صفحاً وغفراناً اللهم اغفر لها ذنبها كله دقه وجله أوله وآخره علانيته وسره اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صارت إليه برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم ارزقها القرآن والصوم والصلاة والزكاة والأعمال الصالحة أنيساً لها في قبرها آمين يا رب العالمين وأكرم منزلها وأبدلها داراً خير من دارها وادخلها الجنة وجميع موتانا وموتى المسلمين". إن ما سبق ذكره غيض من فيض رغبة في عدم الاطالة كما أضيف الغرض من المقالة "اذكروا محاسن موتاكم" والفائدة ليس مجرد الثناء ولا ضير ان نفخر بمن طاعت الله واقتدت بأثر نبيها. والعزاء لوالدي عمي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن جلوي آل سعود - حفظه الله - وأبنائه وبناته وذريتها وهنيئاً لحفيدتها ابنتي الغالية الأميرة الجوهرة بنت سعود بن عبدالله بن جلوي آل سعود التي تحمل اسم والدتنا المغفور لها بإذن الله الأميرة الجوهرة بنت فهد بن عبدالله بن جلوي آل سعود فرحمك الله يا أميرة العطاء. وادعو الله ان يحسن خاتمتنا إذا صرنا إلى ما صارت إليه إنه سميع مجيب. ابنتك المحبة دوماً الأميرة حورية الرويسان والدة صاحبة السمو الأميرة الجوهرة بنت سعود بن عبدالله بن عبدالعزيز بن جلوي آل سعود الصالح فقيد لن ننساه (كل نفس ذائقة الموت)، (وما كان لنفس ان تموت إلاّ بإذن الله كتاباً مؤجلاً). إنه سنة الله في خلقه والطريق الذي يسير عليها الخلق كلهم في هذه الحياة (ان القلب ليحزن وان العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا محمد لمحزونون). فقدنا بالأمس القريب رجلاً من رجال التعليم الذي عرفه طلابي بالتفاني والاخلاص والحب لرسالة التعليم فكان نعم المعلم والأب.إنه الأخ الأستاذ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم الصالح الذي ولد بمحافظة المجمعة وقضى فيها سنوات تعليمه الأولى حيث درس المرحلة الابتدائية بالمدرسة السعودية والمتوسطة والثانوية في المعهد العلمي بالمجمعة وذلك عام 1388ه . وبعدها واصل دراسته في مدينة الرياض بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية الشريعة وتخرج منها عام 1392ه ثم صدر قرار تعيينه مدرساً بمدرسة ابن خلدون المتوسطة الواقعة بمدينة الرياض بشارع الأعشى وقضى في مجال التعليم نحو ثلاثين عاماً حتى طلب احالته للتقاعد مبكراً عام 1422ه وقد تخرج على يده أعداد كبيرة يحملون في ذاكرتهم الأستاذ عبدالعزيز مربياً ومعلماً عرفوا منه حرصه على طلابه وأبنائه. وكان رحمه الله يتصف بحسن السمت ودماثة الأخلاق التي حباه الله إياها وتواضعه وسعة باله وحبه لفعل الخير ومد يد العون في مساعدة المحتاج وقضاء حاجاتهم وتفريج كربهم، بطريقة لا يعلمها أحد إلاّ الله ابتغاء الثواب من الله عز وجل لقد ترك أثراً واضحاً لدى محبيه وطلابه وكل من رأه وجالسه، والحمد لله فقد أثنى عليه القريب والبعيد والكبير والصغير وشهدوا له بالخير. أحسب ان الأستاذ الأخ عبدالعزيز ممن رزقه الله حسن الخلق ولطف العبارة وتسامحه مع الآخرين، كما كان صابراً محتسباً على ما أصابه حتى وافته المنية مساء يوم السبت الموافق 26من شهر ذي الحجة لعام 1428ه وتمت الصلاة عليه في جامع الملك خالد بمدينة الرياض ودفن بمقبرة أم الحمام وقد شهدت جنازته جمعاً غفيراً ممن حضر للصلاة عليه في ذلك الجامع الكبير رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله الصبر والسلوان وجمعنا به في الفردوس الأعلى في الجنة إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (إنا لله وإنا إليه راجعون). صالح بن محمد بن إبراهيم الصالح المستشار بوزارة الشؤون البلدية والقروية رحمك الله يا أبي (أبو عمر) اسم يتردد كثيراً هذه الأيام في جنبات مدينتنا الغالية (حائل).. هذا العلم الاسم الذي فقدناه.. ونعيناه.. فقدناك (يا أبي) وانطفأ النور الذي يشع لنا أركان بيتنا.. قلوبنا تنفطر على فراقك.. وتتحسر على فقدك.. لكن بقلوب ملؤها الإيمان لا نقول إلاّ ما يرضي ربنا (فإنا لله وإنا إليه راجعون). أبي.. لقد كنت نعم الأب ونعم المعين.. ونعم المربي الذي ربيتنا على طاعة الرحمن.. وحسن الأدب والأخلاق.. وكفى بذلك تربية فجزاك الله عنا خير الجزاء.. وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنان فكم أهديت لي ولأخوتي النصائح والمواعظ التي كانت شموعاً نهتدي بها في طريق الحياة المظلم ونبراساً نسير عليه في ملماتنا فكم تعبت لتسعد الآخرين، وسهرت لينام الأهل.. فلم تكن الدنيا أكبر همك ولا مبلغ علمك.. ولم تكن في قلبك مع أنها كانت بيدك. فكم عاتبتك وعاتبك غيري على زهدك الدنيوي وعدم استثمار واستغلال الفرص وجد واجتهادك الدؤوب والعمل خلف الكواليس فكنت تردد (يا وليدي.. سترى قدري غداً) ولم أعي قيمة هذه العبارة ولا مدلولها.. إلاّ هذا اليوم وأنا اسمع ثناء الناس عليك والمعزين فيك فعبارة: (هنيئاً لك إن كنت ابن هذا الرجل).. (ولا تبك يا عمر وأبوك عبدالعزيز).. (لا تبك يا عمر وهذه خاتمته).. وآخر يقول: (أعطيك نصف ثروتي واشتري خاتمته الحسنة).. عبارات ترددت على مسمعي كثيراً وأنا اتلقى العزاء فيك.. فهذه رسائل الجوال تنهال تسابقها الدموع.. وهذه (المقالات) التي ترثيك - يا أبي - في الصحف والجرائد ومنتديات الإنترنت (والمكالمات) التي تنهال من كل حدب وصوب ومن كل مدينة وقرية بل من خارج البلاد تنتحب على فراقك.. وتعدد ما ترك.. فكم تركت من جرح غائر في قلوب المحبين والأهل المقربين. جبل شامخ انهد.. وفارس عظيم ترجل.. وشهادتي فيك مجروحة. يا أبي.. رفعت رؤوسنا حياً وميتاً بسمعتك الطيبة وسيرتك العطرة فكنت ذلك الجندي المجهول خلف كل عمل جبار.. ووراء كل مشروع مبدع. تعمل بصمت.. وتجتهد باخلاص.. وتخرج الكنوز والدرر. لم تهمك الدنيا ولا زخرفها ولا جمع حطامها.. حتى ان راتبك المتواضع لا يبقى منه شيء في نهاية الشهر توزيعاً على المحتاجين أو تيسيراً على معسرين.. أو سد فاقة محتاج وجوعة جائع.. أو إدخال سرور على أهل وأولاد. فرحمك الله يا أبي كم كنت عظيماً.. رحيماً.. عطوفاً.. تدمع عيناك لمشهد طفل محروم.. أو منظر شيخ مكلوم.. ودموعك لا تفارق مقلتيك من أدنى حديث عن أمر يهم المسلمين أو ثناء لمدينتك حائل التي أحببتها وأحبتك. فنم قرير العين - يا أبي - نومة العروس فوراءك رجال سيحملون اسمك ويخلفون رسمك وسنحقق كل أمانيك ما دمنا قائمين بوابجنا تجاه ربنا وبراً بوالدتنا الحبيبة - حفظه الله - ولن ننسى كلماتك التي دائماً ترددها (عيالي لهم الله).. فالله خير حافظاً.. وهو خير معين. ولله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.. وإنا لفراقك يا (حبيبنا) لمحزونون.. ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا (فإنا لله وإنا إليه راجعون). عمر عبدالعزيز السيف، حائل