القنوات الرياضية هضمت حقي والمفرج أنموذج يحتذى به! منذ نشأة الحركة الرياضية في المملكة وحتى يومنا هذا هناك أسماء غادرت الساحة الرياضية بعد أن كان لها صيت، وكما يقال بالعامية: «حنة ورنة»، وجاءت مغادرتها ميدان الرياضة طبيعية، وكسنة من سنن الحياة، إذ إن دوام الحال من المحال، لذا تعاقبت أجيال وأجيال، هناك من غادر، وهناك من أقبل، وحضر من مسؤولين في قطاع الرياضة ورؤساء أندية وإداريين ونجوم كرة ومدربين وأعضاء الشرف تحتفظ بهم ذاكرة الرياضة، ويحفظ لهم التاريخ ما قدموه لرياضة الوطن، و»الرياض» من باب واجبها تجاه هؤلاء ومهنيتها الإعلامية سلطت عليهم الأضواء من جديد رغبة في معرفة أحوالهم وذكرياتهم وانطباعاتهم عن الرياضة بين الماضي والحاضر، وضيفنا لهذا اليوم نجم الأهلي والاتحاد الأسبق خالد قهوجي. * أين أنت حالياً كابتن خالد؟ o موجود، وأعمل مديراً تنفيذياً في أكاديمية رعاية الموهوبين في المدرسة الإسبانية بجدة. * ما بين بدايتك في أسرة اتحادية وبروزك مع الأهلي كما عرفك الناس، أين وجدت نفسك؟ o في كلا التجربتين لي ذكريات ومواقف جميلة ارتبطت بها مع الناديين الكبيرين العزيزين على قلبي ومع جماهير محبة وعاشقة في كلا الفريقين، ولا أزال احترمهم جميعاً وأقدر وقفتهم معي. o ذكرت سابقاً أن البيئة في الاتحاد أفضل من الأهلي؟ o في الأهلي قضيت مدة أطول وعرفني هذا الكيان على الناس، لكنني اصطدمت هناك بشخصيات داخل النادي جعلتني لا أرغب في البقاء، مما جعلني أغادر النادي الذي كنت قد حققت فيه الكثير مما أحلم به كلاعب، ولكن لكل مرحلة ظروفها، وحين تنتقل لبيئة أخرى تستقبلك بالود وتعاملك بمثالية فأنت تدين لها بالحب، وبالطبع لا تلغي حباً كنت قد عشته وهذا باختصار ماحدث لخالد قهوجي في تلك الفترة. * هل يوجد إعلاميون ينتمون للإعلام الأهلاوي شعرت أنهم حاربوك؟ * نعم، ولا أريد الدخول في هذا الموضوع بحكم أنه أصبح من الماضي. * هل تطمح أن تصبح مدرباً في المستقبل؟ o لا.. أنا أفضل العمل الإداري أكثر وكما ترى عملي الآن إداري أكثر منه فني، وأنديتنا بوجه عام ومن دون استثناء تحتاج للعمل الإداري المحلي، أما التدريب والإدارة الفنية فهي في الغالب موكلة لمدربين عالميين كبار على أعلى مستوى من التأهيل، وهذا ما يقلل فرصة المدرب الوطني، عكس الحاجة الفنية الماسة لإداري وطني يفهم اللاعبين ويعرف بيئتنا، ويكون حلقة الوصل بين اللاعبين والإدارة والأجهزة الفنية. o في اعتقادك أن الإداري إن كان لاعباً سابقاً سيكون عمله أفضل؟ o بالطبع، والنجاح أكبر، هناك إداريون نجحوا وهم لم يكونوا لاعبين لكنهم قلة، بينما الإداري المتمكن الأعرف بنفسيات اللاعبين هو من عايش بيئتهم وتفكيرهم، والكابتن فهد المفرج أنموذج ناجح يحتذى به وعمله الرائع في الهلال، وهناك آخرون في الأندية عملوا على تطوير أنفسهم وهم يؤدون عملهم باقتدار من الجيل القريب من اللاعبين. * لماذا استشهدت بفهد المفرج بالتحديد؟ * الأستاذ فهد المفرج يؤكد نجاحه استمراريته في عمله ونجاحه تعرفه من إشادات المدربين واللاعبين والإدارات الهلالية، فقد عمل على تطوير ذاته بدورات عدة أكسبته تميزاأ مع خبرته، وها هو الكابتن زكي الصالح يحترف العمل في الأهلي، والكابتن أسامة المولد يؤدي عملاً كبيراً في الاتحاد وهكذا في بقية الأندية. * ماذا قصدت بالجيل الجديد من الإداريين؟ * الإداريين السابقين فيهم الخير والبركة، ولكن عقلية الجيل الجديد أقرب للجيل الذي سبقها، وهم أفهم من جيل الإداريين الكبار الذين قدموا الكثير لأنديتنا ومنتخباتنا، لكن اختلفت البيئة، والكابتن سامي الجابر عندما عمل في إدارة الكرة بالهلال لم يجاريه أحد، فهو نجم كبير محبوب من الجميع وليست لديه رواسب نفسية، وواثق من نفسه وذكي ومتعلم، مثقف، طموح، ويفهم اللاعبين وقدم عملاً رائعاً، وأقول ذلك للتدليل على أن العمل الإداري أفضل للاعبين ولنفسية اللاعبين الحاليين. * مقالاتك وحديثك في اللقاءات تؤكد أننا أمام محلل مميز له أدواته وخبرته، لكنك لم تطرق هذا المجال الذي دخله الكثير من اللاعبين؟ * التحليل كما قلت له أدواته وطرقه وحضوره مالم يكن المحلل ملماً بالكرة تماماً وبالتدريب فلا يمكن أن يقنع، ولن تنفع الواسطة فيه، وهناك اشتراطات في المحلل جعلتني لا أحبذ العمل فيه، فالجماهير تتطلب ممن يحلل أن يكون لبقاً في حديثه منمقاً، ولا أبالغ حين أقول إنه ينظر له كما ينظر لشخص مسؤول ومتحدث رسمي دولي أو وزير وإلا فإنه سيلقى النقد، ومن الطبيعي أن المشاهد يفترض أن يبحث عن الحديث الفني البحت بعيداً عمن يتباهون بالمفردات وهم ليسوا ملمين بكرة القدم، أمر آخر أكشفه هنا وهو أن لي تجربة لا تشجعني على العودة، إذ عملت مع قنوات وهُضم حقي المادي، مما زادني بعداً عن التحليل. * كيف تتذكر الحقبة التي كانت مع الأمير الراحل محمد العبدالله الفيصل؟ o الذكريات رائعة، وكان جيلاً ذهبياً ينافس على كل البطولات وحقق بطولات وضاعت منه أخرى، كانت مجموعة مميزة جداً، وأقول للجيل الجديد أن الأهلي كان منافساً وبطلاً مرشحاً لأي بطولة، رحم الله الأمير محمد العبدالله فقد كانت له بصمة لاتنسى مع ذلك الجيل، وبقية رموز الأهلي في المرحلة تلك لهم حضورهم معنا. ومن الأمور المستغربة أن بعض الجماهير يرون أننا لم نحقق شيئاً يذكر، والإنسان خلق محباً للجدل ولذلك ما تحقق لم يرضِ البعض ولو لم يكونوا مدركين للظروف، لكن أعذرهم فالجماهير فئات مختلفة وأحكامهم عاطفية. * هل شعرت بأن هناك من لا يحب خالد قهوجي؟ o من الجماهير لم أشعر، وكنت ألقى التقدير من الاتحادي وأنا أهلاوي ومن الأهلاوي وأنا اتحادي، لكن قد يكون هناك من لايعجبه خالد قهوجي، ولم التقه. * ما المباراة العالقة في ذهنك؟ o بصراحة اللاعب يشعر أن المباريات التي لعبها خصوصاً التي تألق فيها وقدم مايرضيه ويرضي الجماهير كأنها ابن من أبنائه لا يفضل أحداً على الآخر، وإن كان للبعض منها خصوصية تعيد ذكراها دوما، والأفضلية وأجمل الأهداف كلها عندي محبوبة، وقد تكون المقاطع المتوفرة حالياً سهلة لمن أراد أن يحكم على أي لقاء كنت فيه الأفضل، لأنني لو قلت اللقاء الفلاني فكأنني نسبته لنفسي مع أن هناك نجوماً برزوا بدءًا من حارس المرمى إلى آخر لاعب. * الجماهير تتذكر أهدافك ضد النصر دائماً مع أنك سجلت في أندية أخرى كبيرة، ما السر في ذلك؟ o هي بصمة إعلامية أولاً وأخيراً من إعلام كان يريد أن يناكف النصر بها في الدرجة الأولى، والفرق بينها وبين أهدافي في الهلال أننا كنا نفوز بتلك الأهداف غالباً، بينما مع الهلال لم يكن الأمر كذلك فكانت الخسارة من نصيبنا، سجلت في النصر 12 هدفاً، وربما سجلت في أندية أخرى أكثر منه مثل الاتفاق وكان قوياً ومنافساً حينها، ولكن ذكريات أهدافي مع النصر لأنها كانت في فترة تنافسية بطولية معه وارتبطت ببعض الذكريات والتحديات، وأعتقد أن التهويل الإعلامي والاهتمام به من قبل الصحافة والبرامج الرياضية حينها هو السبب. o من من اللاعبين الذين كنت تتابعهم ومعجب بهم؟ * طبعاً من جيلي ومن زاملتهم جميعاً كانوا نجوماً في فترة موسومة بالكثير من الموهوبين، لكن ممن سبقوا جيلي كنت معجباً جداً بمروان بصاص وعبدالله فوال، إذ كان لديهما كمية مهارات وأداء رائع، وطبعاً أحمد الصغير – رحمه الله-، أمين دابو، طارق كيال، وإدريس آدم، وكنت أشتري اشرطة ذلك الجيل وأحب مشاهدتها، ولا أنسى مواقف سعيد العويران فهو لاعب محب ومتعاون مع الجميع حتى من لاعبي الفرق الأخرى وهو أطيب لاعب واجهته في حياتي. o هل كان انتقالك للاتحاد عام 2004م نوعاً من الانتقام ممن وقف ضدك في الأهلي؟ o لم أحسبها كانتقام، لكن الظروف كانت تفرض عليّ التغيير لاستمرار تألقي وكان الاتحاد في عز تألقه وحضوره الفني والإداري، فضلاً عن أن البقاء في جدة بين الأهل والأصدقاء ومكان ألفت عليه يساعدك أكثر على البروز، فتشعر أن البيئة لم تتغير عليك، وعرض الاتحاد كان أكثر جدية من العروض الأخرى. * هل شعرت أن هناك من كان يقف في الكواليس خلف عدم استدعائك للأخضر؟ * نعم، كان هناك شعور بأن عدم استدعائي ليس فنياً بحكم أنني من نجوم الدوري، لكن لم يكن من الشخص (اللي طلعوه) وأبرزه البعض أنه خلف عدم استدعائي، ولكن كما قلت ظروف رافقت تلك الفترة وتسببت في ابتعادي عن الأخضر. o استدعاؤك للمنتخب ومن ثم عودتك شكلت لغزاً حينها. هل كانت الإصابة أم الظروف التي تحول دون تمثيلك للأخضر؟ o ليست إصابات وربما عدم توفيق وظروف كانت تحول دون تمثيلي للمنتخب، وكان يتم استدعائي للمنتخب في التشكيلة الأولية ونعسكر ثم أعود مع بداية الموسم ثلاث مرات من دون أن اتمتع بإجازة وراحة، فكان هذا صعباً علي وصلت فيه لمرحلة شعور بكره الكرة، خصوصاً أنني لم أحظَ بمكان أساسي مع "الأخضر" أحقق فيه طموحي، وسر عدم تمثيلي يفترض أن يجيب عليه إداريو المنتخب حينها، وهذا ملخص مشواري مع المنتخب. * كيف ترى تجربة الأجانب الثمانية؟ o قبل الحكم عليها لا بد أن نضع الأهداف التي وضعت ورسمت لاتخاذ القرار تحت التمحيص، هل هي لرفع مستوى الدوري ورفع أداء اللاعبين، وزيادة احتكاكهم بنجوم عالميين، أم لأهداف أخرى حتى نقيم الفكرة والتجربة، فهناك جوانب سلبية وإيجابية في هذه التجربة التي لم تكتمل صورتها بعد لنضع الحكم النهائي، فمن الجانب السلبي رأينا أن الأندية الكبيرة تحديداً اضطرت للاستغناء عن لاعبين كبار لتسجيل محترفين مثل الأهلي استغنى عن تيسير الجاسم، والهلال عن الزوري وأسامة هوساوي والنصر عن السهلاوي والفريدي والشباب ناصر الشمراني، والاتحاد مجموعة من اللاعبين غادروه، لذلك فقد كان هناك نوع من الحراك حدث وتنقلات وغياب في مراكز مثل الهجوم وبروز في أخرى مثل حراسة المرمى، تجربة لها إيجابياتها وعليها سلبيات. o هل أنت مع بقاء الثمانية أجانب أم تقليصهم إلى خمسة فقط؟ o بصراحة وجود أجانب في الملعب يمثلون أكثر من نصف الفريق يعني أن فرصة اللاعب المحلي ستضعف، أمر آخر إذا كان الثمانية أجانب يمثلون أقل من ثلث التشكيلة الكلية للفريق المقدرة بثلاثين لاعباً، ونصف أو أقل أحياناً من النصف في التمثيل الأساسي للفريق في اللقاء، وليس لديك لاعبين محليين ينافسون على المركز ويزاحمون اللاعب الأجنبي عليه يأخذونه بمستواهم فهذا يكشف أن هناك خلل يجب علاجه لاستقطاب وتهيئة مواهب لكرتنا وهذا يحسب للتجربة. * هل هناك محترف لفت نظرك؟ * نعم كثير من لاعبي هذه الفترة يتميزون بمستويات عالية وهي من إيجابيات التجربة، والدعم الكبير الذي فرض اختيار عناصر رائعة، مثلا تألق دجانيني في الأهلي، إدواردو في الهلال، حمد الله في النصر، وتاوامبا في التعاون ومجموعة أخرى بدت بصورة ممتازة في عطائها مستواها. * أنت مع أم ضد تقنية (VAR)؟ o أنا مع أي نظام أو تقنية تحقق العدالة، وتقنية الفار من ضمن هذه الأنظمة التي تحقق العدالة والكل يتجه لها، وبلادنا رائدة في هذا المجال، ولو كانت هناك ملاحظات على من يستخدمها وكيفية استخدامها فإنها لا تلغي التطور الذي أحدثته، فقد لاحظنا كيف أصبح التركيز على التدخل والاحتكاك الذي فعلته التقنية واتخذت على ضوء ذلك قرارات إيقاف أو إنصاف للاعب لم يقصد الإيذاء، وبشكل عام الحكم يجب أن يكون مركزاً 100 في المئة في المباريات، خصوصاً أن دورينا مثير ومتابع وإعلامه مركز على كل كبيرة وصغيرة ونحن مع كل من شأنه تطوير الحكام والتحكيم. * كلمة أخيرة ؟ * أنا أحب الجميع وكل من زاملني أحمل لهم الود والاحترام وخرجت من الوسط الرياضي بكل محبة، لذلك أتمنى من الجميع أن يذكروني بالخير مثلما أذكرهم بالخير. خالد قهوجي ديجانني فهد المفرج سامي الجابر