إن الثقة الملكية بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان، نائباً لوزير البترول والثروة المعدنية لدليل واضح على ما يتمتع به من علم ومعرفة في اقتصاد النفط وخبرة امتدت على مدى 3 عقود من الزمن، وهذا يضيف عاملا منافسا جديدا على الميز النسبية لنفطنا وذلك برؤيته الاستراتجية التي تتضمن رفع كفاءة الطاقة وتقليص استهلاكها المحلي وتحديد العوامل التي تعزز حصتنا السوقية وتعظم إيراداتنا وتقلص مخاطرنا في أسواق النفط العالمية حاليا ومستقبليا. إنه قادر على تعزيز تنافس نفطنا في أسواق تعج بمنافسة المنتجين الأخرين ومازال بعضهم يعتقد عودة السعودية إلى سياسة الترجيح على حساب إيراداتها ومستقبل اقتصادها. فما زال الفكر الإيديولوجي المسيطر على اقتصاديات الطاقة يتسم بالصراع بين الاحتكار والمنافسة في أسواق النفط، بينما معظم المحللين يرفضون الاعتراف بأن بطل المنافسة هو المنتِج الذي يستطيع إنتاج سلعة بأقل تكلفة أو ينتج بكمية أكبر من غيره، وهذا ما يجعل المملكة القائدة التي تمتلك تلك الميزتين في إنتاجها كما أكدت عليه منصة بحوث الاستثمار سيكنج ألفا (Seeking Alpha) في 20 يناير 2015م. ولطالما أطلق معظم الاقتصاديين والدول المستهلكة للنفط في العقود الماضية على منظمة الأوبك اسم "الكارتير" أو المحتكرة لتحكمها في الأسعار أو تأثيرها عليها من أجل تحقيق أكبر عوائد ممكنة، رغم أن السعودية قامت بدور المنتج المرجح (Swing Producer) في أسواق النفط في العقود الماضية وحتى 27 نوفمبر 2014م، مما ساهم في توازن العرض مع الطلب عند أسعار مقبولة لكلا المنتجين والمستهلكين. أما الآن فتم فتح الأسواق على مصراعيها لتحدد أفضل الأسعار القريبة من التكلفة الجدية للإنتاج مع مراعاة خاصية الموارد الناضبة، وذلك عند نقطة التوازن بين الطلب والعرض اللذان يحتسبان إجمالي العوامل المؤثرة على الأسعار النهائية. إن الميزة النسبية الأولى لنفطنا تتركز في تدني تكلفة استخراجه والأقل تكلفة عالميا، حيث تقدر تكاليف استخراج البرميل الواحد بحوالي 1-2 دولار، وإجمالي التكاليف (بما في ذلك النفقات الرأسمالية) 4-6 دولارات للبرميل، وذلك بسبب قرب مكامن نفطها من سطح الأرض واتساع حجم حقولها الذي يسمح باقتصاديات الحجم الكبير، على سبيل المثال حقل الغوار العملاق وأكبر حقل نفط في العالم من حيث الإنتاج وإجمالي الاحتياطيات المؤكدة المتبقية التي تبلغ 75 بليون برميل (وكالة الطاقة الدولية). بينما يبلغ متوسط تكلفة البرميل من نفط الشرق الأوسط 18 دولاراً، روسيا 30 دولاراً، وأمريكا 34-52 دولاراً، والرمل الزيتي الكندي 60-65 دولاراً، وبحر الشمال 50 دولاراً كما تشير إلى ذلك العديد من المصادر النفطية. أما الميزة الثانية فإن المملكة تستطيع إنتاج أكبر كمية من النفط بدون منافس، حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية 12.5 مليون برميل يوميا وبإنتاج يقارب 9.5 ملايين برميل يوميا حاليا أي بفائض قدره 3 ملايين برميل يوميا. فمن يشكك في قدرة المملكة الإنتاجية فعليه العودة لعامي 1980م و2013م ليجد أن متوسط إنتاجها بلغ 10.3 و11.6 مليون برميل يوميا على التوالي، مدعومة باحتياطي يصل إلى أكثر من 260 بليون برميل. كما أكد رئيس أرامكو بأنها تهدف إلى زيادة معدل المخزون من النفط بنسبة 20% مما يضيف 160 مليار برميل للاحتياط الحالية، وهذا يتجاوز الاحتياطي الحالي للولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة والبرازيل مجتمعين (9-1-2014). إن أسعار النفط الحالية المنخفضة لن تثني المملكة عن سياستها النفطية الرشيدة بل سوف تتعامل معها بكل مرونة في ظل ارتفاع الدولار وضعف الطلب بسبب تراجع النمو الاقتصادي العالمي إلى 3.5% والصين إلى 7% وانخفاض معدلات التضخم بنسبة كبيرة في كثير من بلدان العالم (تقرير صندوق النقد الدولي). الأمير عبدالعزيز يدرك أهمية تلك المتغيرات وسوف يسهم في جعل بلدنا منافسا بدون منازع في أسواق النفط العالمية، فلا قلق فلدينا من النفط ما يكفي الأجيال الحالية والقادمة.