(غفر الله لك) أو (غفر الله ذنبك) ما الذي يتبادر إلى ذهنك عندما يبادرك بها شخص ما ؟! وهل ستحملها على محمل الدعاء فحسب؟! بالعودة إلى أدبيات الاستغفار لدينا نجد أن القرآن دعا الاستغفار للنفس وللآخرين (واستغفر لذنبك) (واستغفرو الله) (فاغفر لنا) (إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول)... فيما لم يرد الاستغفار للمخاطب إلا في مواضع محددة كما في سورة يوسف (قالوا يا أبانا استغفر لنا... قال سوف أستغفر لكم ربي) وكما في سورة مريم (قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم... قال سلام عليك سأستغفر لك ربي...) وسورة غافر (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك) وفي سورة محمد (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك). ولعل الملاحظ فيما سبق أن خطاب الاستغفار لا يكون إلا لذنب ثابت، ثم إنه يكون بالفعل السداسي وهو لازم يطلب الاستغفار من المخاطب نفسه وفي ذلك رجاء الخير منه. وعودًا على بدء فإن قولك (غفر الله لك) غير أنه يحتمل إثبات الذنب في جانب المتلقي؛ فهو يحتمل جانبين فيما يخص الداعي؛ أولهما تزكية الداعي لنفسه وتنزيهها عن الخطأ إزاء الآخر، أو إن ذلك مما يشي بسيطرة عقدة الذنب عليه وبالتالي محاولة إسقاطها على الآخرين دون وعي، وكلا الاحتمالين غير مقبولين.. من هنا احتاط بعضهم عند الدعاء بمثل هذا التعبير - تأدبا - كقولنا (غفر الله لنا ولقارئ السطور).