عندما نقوم بالمقارنة بمن حولنا في الغالب تقع المقارنة بمن هم أغنى منا فنشعر أننا بحق نعيش في فقر مدقع مقارنة بالبذخ الذي يعيشونه اولئك الأغنياء. فهل نحن بحق فقراء؟!. دعونا نتأمل شيئا مما نملك. فلدى أغلبنا أجهزة ذات تقنية حديثة ومتعددة، ابتداء من الجوالات الذكية والحواسيب المحمولة، وانتهاء بشاشات التلفاز المسطحة وإن كانت صينية الصنع. كذلك لدى أغلبنا سيارة نظيفة وحديثة وشبه جديدة، وإن كنا ما زلنا نقوم بتسديد أقساطها. لدينا كذلك مجلس جميل نستقبل به ضيوفنا. وغرفة نوم ذات فراش وثير، ومخدة مريحة تقوم بإزالة الهموم في آخر اليوم. ماذا لدينا كذلك؟!. نعم فهناك أطفالنا وهم بصحة جيدة، وكذلك زوجة تقوم على شؤون المنزل والعناية بنا، وقبل ذلك نحن نتمتع بصحة جيدة، ولدينا أصدقاء رائعون. فهل نحن فقراء بحق؟!. عرف بعض الفقهاء أن الفقير هو من لا يملك شيئا البتة، إذا نحن أغنياء! لك الحمد ربي. إن الشعور الدائم أنّا فقراء بالقياس إلى الأغنياء أصحاب الثروات هو في الحقيقة عدم الشعور بما نملكه من موارد ونِعم حقيقيه لا نشعر بها أو لا نجيد استشعارها لا سيما أن تركيزنا منصب على الماديات متغافلين عن النعم الأخرى والتي قد يكون حرم منها الأغنياء من وجود أطفال أو الشعور بالراحة والمتعة في البساطة. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مَن بات آمنًا في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنّما حِيزت له الدُّنيا بحذافيرها). يقول أحدهم: في يوم من الأيام، وأنا في طريقي إلى البيت عائدا من العمل شرعت في إحصاء ثروتي. منزلي المرهون وسيارتي العتيقة، رصيد لا يذكر بالبنك، أثاث خشبي لا يتحمل سنة أخرى، وجهاز تليفزيون ذو شاشة بحجم طابع البريد، حتى السجاجيد بليت. وهناك ثوبان لم يعودا يحملان إلا قليلا من الخيوط، وحذاء لكل الأغراض وبحاجة إلى تصليح. وبكل خزي رأيت نكبتي، فبعد عشرين عاما من الكر والفر لا أملك من حطام الدنيا سوى الكفاف، بما في ذلك بيتي وسيارتي وملابسي. ورحت أقود السيارة كالمغشي عليه، وحينما وجدت نفسي قريبا من البيت فجأة! سمعت صوت زوجتي وهي تصيح: «والدكم قد حضر». ورأيت طفلّي يندفعان نحوي جريا، فأخذتهما بين ذراعيّ ودفنت وجهي في شعرهما المجعَّد، وحينها فقط أدركت أنني مليونير.