عندما أعلن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه في مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث عن إطلاق أربع قنوات تلفزيونية جديدة أحدها القناة الثقافية.... كان الشعور رمادياً إلى حد كبير.. لسبب بسيط وهو خروج هذه القنوات وتحديداً «الثقافية» منها دون أي مسح بحثي يشمل جمهور الثقافة وينطلق عبر نتائج محددة إلى رسم رؤية القناة واتجاهها وهويتها.. ظهرت القناة بذات التوقع من حيث غياب أبسط معالم التصور.. الغريب أنها إلى الآن لم تظهر ما يوحي بأن لديها فعلاً يتجاوز ممارسات التجريب والمحاولة في زمن بات من يعمل فيه بذات الطريقة التي تعمل بها قناتنا المنتظرة.. يغرد ليس خارج السرب فحسب بل في أللا أفق أصلاً.. اليوم يعيش إنسان هذا العصر في مرحلة التكنورقمية القادرة على خطف الأبصار والعقول والاهتمامات وكل ما يأتي في هذا السياق.. وهذا ما يؤكد أهمية الظهور بناء على رؤية تخطيطية واضحة تحدد الفرص وتتلمس الاحتياجات لتنفذ إلى الأهداف بآلية تتعامل وفق مفهوم صناعة الإعلام الحديث. قلوبنا وأقلامنا «للثقافية» القناة رغم سيل العبث الذي يعتري أداء رحلتها الوليدة.. ولها نفرد هذا الاستطلاع عبر أقلام إعلاميين ثقافيين. وفيما يتبع سيكون لعدد من المعنيين بالشأن الثقافي والمعرفي مساحة ممتدة للتعبير والمساهمة في تصحيح بناء هذه القناة الأثيرة... مرحبين بآراء ومداخلات كل من لديه أية إضافة في هذا المجال عبر عناوين الاتصال والتواصل للمجلة الثقافية. فإلى الإعلاميين: (حلمنا الذي انتظرناه طويلاً) بداية للشاعر والإعلامي محمد عابس.. حيث يقول: القناة الثقافية حلمنا الذي حلمنا به كثيراً وتحقق ولكن الأهم كيف ندعم هذه القناة ونتفاعل معها؟! وللحق لا يوجد في العالم العربي كله سوى قناتين ثقافيتين الثقافية السعودية والمصرية. وللحق ربما تكون البدايات صعبة ومتواضعة ويكتنفها الكثير من الاستعجال أو الاجتهادات أو المحاولات غير المدروسة أو قيام غير المختصين أو المؤهلين بالمساهمة في برامجها، كل ذلك ربما يكون صحيحاً ولكنني أطلب من الجميع عدم التسرع في الحكم عليها وإعطائها سنة على الأقل ثم محاكمتها ومساءلة مسؤوليها. هناك اجتهادات ربما يكون بعضها جيداً وربما يكون بعضها الآخر غير جيد، وبالمطلق يمكن القول إن التطور المنشود ربما يرى النور بعد إطلاق مؤسسة الإذاعة والتلفزيون حتى يتسنى لها الخروج من ربقة الروتين والإعلام الوظيفي الذي لم يعد مجدياً هذه الأيام.. ويضيف الأستاذ عابس: لاشك أن طموح المثقفين ليس له حدود وربما تكون طلباتهم مثالية أحياناً أو لا يمكن تحققها على أرض الواقع، والأهم أن من حق الجميع أن يبدي رأيه وأن يحلم بقناة أفضل وأن يتطلع إلى برامج متميزة ومختلفة، ولكن لابد من النظر إلى الأمر بواقعية ومنطقية إعلامية، القناة حديثة وأخطاؤها كثيرة ولكن لابد من الانتظار عاماً على الأقل؛ لأن البدايات تكون عادة صعبة وقلقة ومشوبة بالكثير من الأخطاء، إلى جانب ذلك العدد الكبير من غير المؤهلين الذين استطاعوا أن يلجوا إلى الإعلام المرئي ولا تسألني كيف؟. الثقافة ليست شعراً وقصة وحوارات ولقاءات هناك أشكال كثيرة من العمل الثقافي يمكن الاهتمام بها وتخفيف حدة البرامج الحوارية المباشرة لأنها كثيرة، والتركيز على البرامج التي تحمل سمة الإنتاج المسبق باستخدام وسائل التقنية الإخراجية المختلفة وتناول الموضوعات المختلفة ضمن منظومة الثقافة الواسعة، كما آمل عدم نقل الفعاليات التي ليس لها طابع ثقافي مثل مناسبات الخيل أو الاحتفالات الخطابية ونحو ذلك فلا علاقة لها بالعمل الثقافي وقد تتسبب في عدم المتابعة للقناة. وحول مقترحات التطوير يقول الإعلامي عابس: في الحقيقة لابد من استقطاب المؤهلين والكوادر المتميزة في مجال الإخراج والتصوير وبقية الجوانب الفنية وعقد الدورات على رأس العمل من خلال معهد إعلامي متخصص، وأن يكون استقطاب المثقفين ليس لتقديم البرامج لأن للتقديم شروطاً قد لا تنطبق عليهم ويمكن أن يكون استقطابهم من خلال الانضمام إلى فرق الإعداد أو كضيوف دائمين للبرامج لأنني رأيت كثيراً من البرامج يقدمها مثقفون وأكاديميون ولكن أسلوبهم في التقديم ركيك جداً ويمكن الاستفادة منهم في الإعداد وترك التقديم للمذيعين المحترفين، ومن ناحية ثانية هناك عدد من المذيعين الشباب وهم ليسوا مذيعين والأجدى أن يكلفوا بأعمال من نوع التقارير والتغطية للأحداث كمراسلين إلى أن يتمكنوا من قدراتهم ويسند لهم تقديم البرامج فيما بعد بعد أن ينالوا من الخبرة والممارسة ما يكفي للظهور أمام المشاهدين. (الحضور المتأخر.. والمنتظر) أما الإعلامية الزميلة أحلام الزعيم..فتقول: القناة كان يجب أن تكون منذ وقت وليس الآن. لكن أن تجيء متأخراً خير من ألا تجيء مقولة قد تخطئ أحيانا؛ لأن المجيء بعد انتظار طويل يجب أن يكون سخياً حتى يضفي مسحة نسيان على تلك المساحات الزمنية التي خلت من تلك الإنجازات. وأن تجيء بعد كل ذلك الانتظار مخيبة للأمل أمر آخر أشد قسوة من عدم المجيء أصلا. أراهن على أن شريحة كبيرة جداً سعدت بخبر إطلاق القناة، وأراهن كذلك أن من تلك الشريحة التي سعدت بالفعل جزء ضخم جداً سعد لكنه لم يتفاءل كثيراً. أن يأتي خبر إطلاق قناة ثقافية (مفاجأة) و(هدية) مرافقة لمؤتمر الأدباء ككتاب إضافي أو برشور يوزع في المؤتمر.. أمر محبط جداً.. لأنه يشير بوضوح - خاصة مع سرعة إطلاق القناة - أن الأمر لم يأخذ حيزه الكافي ولا أقل بكثير من الكافي في التخطيط السليم. القناة موجهة للجميع وللمثقفين خصوصاً فكيف يصبح المثقفون آخر من يعلم بها؟! ويأتيهم خبر مفاجئ عن قناة تهتم بأمرهم وتشاركهم همهم دون أن يكونوا هم لبنة التخطيط المبدئي والأولي لهذه القناة؟ ولعل أوضح الأدلة على ارتجال هذه القناة هو استيراد مقدميها ومذيعيها من القنوات المجاورة حتى دون أي تجديد في أساليبهم. كما أن أغلب معدي القناة كذلك هم معدين يحتاجون إلى (الفزعة)؛ لأن أغلبهم من خارج الإطار الثقافي تماماً عوضاً عن وجودهم في القناة أصلاً (فزعة) أو بطريقة أخرى لا تعتمد إطلاقاً على مؤهلاتهم. وتضيف الأستاذة أحلام: أعتقد أن المشاهدين - أو شريحة شبابية كبيرة منهم - أدركوا من خلال المتابعة أن القناة الثقافية لم تكن العنوان الصائب تماماً لهذه القناة. وأن القناة التراثية أكثر مواءمة لما تعرضه القناة وتحمله في جنباتها. وأنا هنا لست ضد التراث إطلاقا، لكنني ضد الطرق التقليدية جداً التي تتكئ عليها القناة في إعداد وتقديم برامجها ضمن قوالب مصنوعة سلفاً لأجيال قضت نحبها واستقرت خارج خارطة الحاضر والمستقبل. وبصراحة أكبر الحضور الشبابي في القناة بسيط جداً وسطحي جداً في صلاحياته بل وفي اختياراته ومقوماته فكيف نتأمل أن يأثروا تأثيراً بالغاً وملحوظاً وهم محشورون في خانة اليك!. ما يجب أن تدركه القناة أن المسألة لم تعد حكراً على منبر واحد، وأن جيل البريد الإلكتروني لن يعطي فرصة كبيرة للقناة في ظل وجود منافسات قطبية وفي ظل إمكانيات جيل الإيميل التي تؤهله لابتكار قنوات وإذاعات ووسائل مرنة تستطيع أن تواكب مزاجية المبدعين الحقيقيين.. (البدايات.. وسيل الفرص) أيضاً الإعلامية الزميلة أسماء العبودي.. تضيف قائلة: عادة بدايات الأشياء تكون قوية، ورويدا رويدا تبدأ بالأفول.. وتعودنا كما هي ثقافتنا أن نعطي الفرص المتعددة وألا نحكم على البدايات، ولكن واقع الثقافية كما يبدو لم يمنحنا حتى هذه الفرصة، وجدتها منذ البداية لا طعم لها ولا لون ولا أثر لرائحة.. أجدها قناة مجدبة تماماً تحتاج كأرض بلادنا إلى صلوات استغاثة متكررة.. ربما يأتيها الغيث من السماء، فلا يبدو أن البشر لديهم ما يقدمونه لها. وتضيف الأستاذة أسماء: طبعا، حين ننتقد فنحن ننتقد من واقع حرص، وانتقادنا يجب أن يصنف بانتقاد المحبين والغيورين، أنا ممن فرحوا بتخصيص قناة مخصصة للثقافة واستبشرت بالأمر خيراً، فنحن نعيش حالة ثقافية رائعة، والوطن يمر بتحولات حضارية وفكرية وإصلاحية جديدة، وقيادة البلاد تدعو وتوجه لهذا الأمر وتقودنا إلى العالمية، ولكن ما يحدث لا يعطي واقعاً يصور حالتنا وتعطشنا نحو التجديد والتنوير، الثقافية تكرار ممل للقنوات الأخرى في وقت سابق، برامجها لا تحمل التوجهات الجديدة، حوارات مع مثقفين لا تغني ولا تسمن من جوع، حتى الشخصيات المستضافة مقتصرة على الفنون الأدبية إلى حد كبير، ربما ننسى أن الثقافة مفهوم واسع ويشمل كل أمور حياتنا، الثقافة لها علاقة بالسلوك والتفكير والتنمية والعلاقات والظواهر الاجتماعية والصحية والسياسية، لها علاقة بالطفل والمرأة والرجل والمتعلم والأمي كما لها علاقة مباشرة بذوي الفئات الخاصة، فأين برامج الثقافية من هذه الأطياف والفئات التي تمثل مجتمعاً بأكمله؟ أين هي عن ثقافة المعلومات والتقنية والثورة التقنية في الاتصالات وتبادل المعلومات؟ أين هي عن التجديد والإبداع والابتكار؟ مللنا الأحاديث المتكررة والأسئلة النمطية والشخصيات التي نقدمها كل يوم بشكل مكرور وكأن ما في البلد إلا هالولد. وحول مقترحات التطوير تضيف الزميلة العبودي: الحديث في المقترحات لن يتوقف فهو مثل حالة التجديد التي يعيشها العالم وربما أستطيع أن أذكر ما يدور في خاطري من واقع أنني أنتمي إلى صحافة الثقافة ولكنني أنتمي أكثر لواقع المجتمع لكوني في الأساس «أخصائية اجتماعية « وسأذكرها بنقاط مختصرة وهي أننا بحاجة إلى برامج وأفلام وثائقية محترفة تعنى بالتاريخ والحضارة وبحاجة إلى برامج تعنى بالموسيقى العالمية والعربية وتعرِّف بأبرز العازفين ومدارس الموسيقى وربطها بالحياة بصورة عامة كما نحتاج إلى برامج تعنى بثقافة الطفل والتعامل بوعي مع عقولهم التي أصبحت مليئة بمفاهيم واسعة نتيجة التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والحصول على المعرفة من خلال الاتصالات والتقنيات الجديدة والمتلاحقة. كذلك نفتقد برامج خاصة عن المسرح العالمي، وخاصة مسرحيات الأدب الفرنسي والإنجليزي والتي تدرس في أغلب الجامعات لدينا وفي الجامعات العربية والعالمية وشبابنا لا يفرقون بين شكسبير ومارادونا ونحتاج للبرامج التي تعنى بتوجهات الدولة الثقافية مثل تعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان والطفل والمرأة، ومصادقة المملكة عليها، والجمعيات والمؤسسات التي تعنى بهذا الأمر محلياً ونحتاج للبرامج التي تعنى بالسلوك الحضاري للإنسان في تعامله وعلاقاته مع الفئات الأخرى في المجتمع، المرأة والرجل، الطالب والمعلم، شرطي المرور، عامل النظافة، الخدم والعمال ونحوها ونحتاج لبرامج متخصصة تعنى بالقضايا الاجتماعية الإشكالية والجدلية والعلاقات والتفاعلات الإنسانية الراقية ونحتاج إلى برامج تعنى بالفن والسينما العالمية وبرامج تعنى بتاريخ هذا الفن وتأثيره في الحياة بشكل عام وكيف تستطيع السينما توثيق الأحداث العالمية من خلال فيلم..وعن الجوائز السينمائية وتاريخها وأبرز الأفلام التي لم تُمْحَ من ذاكرة الجماهير. (بداية عائمة وخطط غائبة) أما الإعلامي الزميل الشاعر هيثم السيد..فيقول: ليس ثمة بداية واضحة يمكن استيحاء شيء منها، كما أن الفترة الأولى لم تكن تعبر عن رؤية محددة لهذه القناة، خطط برامجية عائمة وفقرات تفتقد لأدنى درجات التركيز أو الارتباط الموضوعي المفترض أن يكون معبراً عن توجه واستراتيجية أي وسيلة إعلامية. بعد خمسة أشهر تقريباً مازال من الصعب معرفة ماتود هذه القناة قوله أو في أي مسار تود التحرك، هل هو في مجال الأفلام التوثيقية المتعلقة بالحياة الفطرية في إفريقيا، أم أنه تبني المسرحيات الخليجية التي بقيت القناة الأولى تبثها خلال سنوات طويلة، فضلاً عن عروض مسرح الأمانة الترفيهية والخالية بالضرورة من الحد الأدنى للمسرح بوصفه ثقافة وفناً عميقاً بالغ التعبير والتأثير. ويضيف الزميل السيد: الحديث عن مواكبة القناة الثقافية لعصر الإلكترون وسرعة الضوء يبقى كلاماً مستبد الإنشائية في نظري، وإن كان يمس جزءاً مؤثراً من صميم عمل أي جهاز إعلامي في وقتنا الحالي، لايمكننا أن نطالب الثقافية في ظل غياب رؤيتها ومحدودية حواسها الخلاقة بأهداف كبرى لم تستطع قنوات أكبر منها تحقيقها، المطلوب ياصديقي وبواقعية بسيطة هو أضعف الإيمان ليس من حداثة الإمكانات بل من حضارية الأسلوب، وإلا فستكتشف أن حديثك عن التجديد النوعي لا يعدو ضرباً من التهويم حين يفاجئك التكرار الممجوج والوتيرة البرامجية المرتبكة وتكريس أسماء سئم منها المشاهد، هذا مالم تدهشك السطحية الثقافية المصاحبة لشعار الكفاءات الشابة، أو تزعجك آلية الإعداد التلفزيوني الطارئة ذات الارتجالية الصارخة حين يتصل بك شخص لا تعرفه ليقول لك إن عليك أن تكون ضيفاً خلال ساعتين من الآن، أو على الأقل رشح لنا ضيفاً «ثقافياً» قابلاً للتتلفز خلال هذا الزمن القياسي، طبعاً مالن ينقله العرض المباشر هو أن الضيف سيذهب وينتظر لساعات دون أن يلتقي بالشخص الذي طلبه، لسبب بسيط هو أنه لا يعرفه، قبل أن يأتي مذيع لايعرف بالضرورة عماذا سيدور النقاش مع ضيف طارئ جديد ! وحول مقترحات التطوير يقول الأستاذ السيد: علينا أولاً أن نقرر ماهو المزاج الجديد الذي نتحدثه ومامدى ارتباطه بما يسمى المشهد الثقافي، إذ لا يمكن تقديم منتج متصاعد الحس العصري مثلا لذهنيات يلائمها النمط الاعتيادي المقولب أو فرض رؤية جديدة عميقة لجمهور متعلق باستيراد التصور المحدود نفسه لمفهوم الإعلام الثقافي وإن اختلفت وسائله، على هذه القناة أن تعيد تكوين خطابها بما يحترم المهنية الإعلامية ويدرك أن الثقافة واجهة حضارية لها مداها الرؤيوي ومتلقيها النوعي وهذا يجعل إعلامها أمام محك المسؤولية ليس ليكون انعكاساً محايداً بل ليكون صنعة إبداعية تتجاوز مايفعله أي إعلام متخصص في أي مجال آخر. (مزاجية العمل والفعل) كذلك الإعلامي الزميل عبدالله الدحيلان.. علق قائلاً: يجب أن نعلم أن القناة تتعامل مع مجموعة من المثقفين والمثقفات ذوي مشارب وأفكار نخبوية، لذلك صعب جداً أن ترضي الجميع وتحظى بقبول الكل في ظل مزاجية المثقفين والمثقفات المعتادة، ومع ذلك علينا أن نتصارح ونقول: إن القناة انطلقت بدون رؤية واضحة لها، والدليل أننا لم نتلمس ذلك حتى الآن، فكل ما يوجد هو ارتجال ومحاولات لإرضاء أكبر من قدر من المثقفين والمثقفات ولكن بشكل عشوائي، وهذا ما لم يكن متوقعاً من قناة تحمل حمل ثقافة هذا الوطن بمفهومها العام وينتظر منها طرق مواضيع حيوية فكرياً واجتماعياً وأدبياً.. وجعل هذا المنبر وسيلة من وسائل التغيير الإيجابي الذي لا بد له من أن يحمل هماً واضح المعالم ويتمتع بشرط المتعة الذي بات محورياً في مجال الإعلام الآن لاستقطاب المتابعين.. وأزعم أن العيب يكمن في الإعلام الرسمي عموماً؛ حيث الأسلوب الصنمي هو المسيطر على اللقاءات وطابع القناة بشكل عام، وهذا في مقاييس الإعلام الجديد لا يدوم ولا يحظى بأدنى متابعة، فالناس تبحث وراء من يتفاعل معها وليس أن يكتفى فقط بتلقي المعلومات والإرشاد، لذلك آمل أن تتحرك القناة في إطار الروح الشبابية في التقديم والفقرات المقدمة، وأن يكون هذا داخل ضمن خطة سير القناة، ولا ننسى كذلك إشراك الجمهور في الاستديو والاتصالات والمداخلات من أجل تعزيز الدعوة الوطنية للحوار عبر إعطاء الجميع الفرصة لإبداء وجهة نظره. على القناة أن تعيد هيكلتها راسمة رؤية واضحة لها ومنهجاً تسير عليه توائم من خلاله بين الكم والكيف وبين تنوع المحتوى فتارة لقاء حواري وآخر توثيقي وآخر عرض مسرحي أو فيلم أو محاضرة أو مناظرة أو إتاحة الفرصة للمواهب الشابة، وكذلك ينبغي الاهتمام في مسألة الطاقم الفني سواء المذيعين وتأهيلهم مهنياً وثقافياً أيضاً، وكذلك انتقاء طاقم الإعداد المميز وإعطائه حقوقه المالية والمعنوية، خاصة في ظل أن القناة حتى الآن تعتمد على العنصر الشاب المتعاون. (قناة ثقافة جديدة.. عقل ثقافي جديد) أما الإعلامي الزميل عبدالله آل وافيه.. فيقول: استحداث قنوات ثقافية من أهم الوسائل الحديثة لمخاطبة المجتمعات المتغيرة، وهذا ما انطلقت منه « القناة الثقافية « وتأتي أهمية وجود قنوات ثقافية أو بث ثقافي فضائي من حاجة المجتمع إلى تفعيل ظاهرة الإعلام الفضائي وحركة الإعلام الثقافي والتي يعتقد بأنها لا تزال دون المستوى المطلوب، بحيث لازال الإعلام الثقافي يعاني من عقدة «الوجاهة الأدبية»، ويظل لكل قناة فضائية إيجابياتها وسلبياتها مهما اجتهدت في إرضاء المتلقي ولكن من الضروري أن نعرف كيف نوظف إمكانات كل قناة لخدمة البرامج الاجتماعية والثقافية من خلال منطلقات وأهداف واضحة. وهو ما يتطلب طرح أسئلة أكبر وأشمل عن الدور الثقافي المتوقع أن تحدثه قناة ثقافية ناشئة. بالرغم من هذا فإن تجربة « القناة الثقافية « هي تجربة إعلامية رائدة نالت شرف المتابعة الحقيقية خلال الفترة الماضية. ولكن ظل محتوى الخطاب الثقافي الذي تبثه القناة دون مستوى الطموح المنشود، ولا يتعدى تبادل مواد إعلامية محدودة أوتغطيات محلية موسمية. وظهرت طريقة تغطية هذه الفعاليات الثقافية بحيث تخضع لمبدأ العفوية، ويخلو الكثير من برامجها من المضمون الجيد، مما يجعل اجتهاد أو إمكانات القناة الثقافية تعاني من إخفاق حقيقي يحول دون كسب ثقة الجمهور. الشباب يمثل أحد أهم الشرائح الاجتماعية الواسعة وتميزهم بأنهم أكثر الشرائح في المجتمع استهلاكاً للمادة الإعلامية وتأثراً بها؛ لأنهم في مرحلة التشكيل والتكوين على المستوى الروحي والثقافي. وعليه فإن على القناة الثقافية أن تطرح أسئلة مثل: ما القناة الفضائية التي يفضلها الشباب؟ ماالبرامج أو الرسالة الإعلامية المحببة لدى الشباب؟. أرى أنه في ظل التطور النوعي التقني والمعلوماتي وانعكاساته على عولمة الإعلام، وما لهذه الوسائط من دور كبير في عملية توجيه المتلقي بما يتماشى وينسجم مع الإطار الفكري لصانعي ومنتجي هذه الوسائل. فإنه لابد من مراعاة جيل الشباب الذي يتحرك في عالم معلوماتي كبير لتقديم ما يتناسب والتطور المعلوماتي المتسارع؛ فهناك تحدٍّ كبير يواجه الإعلام الثقافي المرئي والمقروء والمسموع وهو التدفق المعلوماتي اللحظي عبر شبكة المعلومات « الإنترنت « وهو المزاج العصري الجديد الذي لايمكن إغفاله. التخلي عن الذهنية القديمة ومواكبة المعرفة وتطوير الثقافة والتحرك ضمن مناخات الواقع وأن نقبل على الثقافة الجديدة والعقل الثقافي المتجدد ورسم وقبول التغيير والابتكار واستثمار المعلوماتية هي أهم متطلبات قناة ثقافية ناجحة. لتصبح أحد المنارات الثقافية المتميزة. (أساليب حوارية مملة) أما الإعلامي الزميل نايف البقمي.. فيقول: أعتقد أنه من الظلم والإجحاف الحكم على أي مشروع في بداياته بشكل دقيق؛ لأنه غير مكتمل الرؤى والتخطيط في هذه المرحلة، وهو ما ينطبق على القناة الثقافية السعودية، إلا أن ما أخشاه أن تتحول إلى قناة حوارية بمعنى أن جميع البرامج التي تقدمها القناة تأخذ الطابع الحواري التقليدي الذي يتم من خلاله استضافة عدة شخصيات وإلقاء الأسئلة عليها. وهذا أمر يقودنا إلى الملل فهو أسلوب أكل عليه الدهر وشرب في عصر السرعة والإنترنت، وهذا ما نراه من خلال ما تقدمه الثقافية؛ لأن البرامج الحالية تعتبر برامج جامدة تفتقد الحيوية والحركة فنحن بحاجة إلى برامج ثقافية شبابية تمثل روح الشباب بعيدة عن الجمود والتخشب الذي نراه من كثير من مقدمي البرامج، وهو الأمر الذي نستطيع الحكم عليه في الوقت الحاضر على الأقل، فالقناة تفتقد للاختيار الدقيق للمذيعين ومعدي مواد البرامج، فهناك الكم الكبير من الأخطاء اللغوية والتعبيرية، إضافة إلى الخلفية الثقافية المضمحلة لدى الكثير منهم، إلا أن ما رأيناه من حماس واجتهاد واضح من قبل المسؤولين في القناة هو ما يعطينا أملاً بالتحسن في مستوى البرامج ومقدميها. كما أتمنى أن يتم تقديم برامج حيوية أكثر مثل العروض المسرحية المتكدسة في مكتبة التلفزيون وبرامج تحمل ثقافة المرحلة بعيداً عن العودة إلى تكرير المواضيع المعهودة. كما أتمنى أن تشارك الثقافية في صنع الثقافة لا أن يقتصر دورها على تغطية المناسبات الثقافية وتقديم البرامج الحوارية.