طبقًا لخبراء السياسة والاستراتيجية، فإن نهاية وشيكة للصراع في سوريا لا تلوح في الأفق، لكن حراكا على الأرض تديره قوات النظام التي تواصل القتل وقوات المعارضة التي تواصل المقاومة، قد يفتح الباب أمام فرص صياغة تسوية سياسية تضع نهاية لأعمال القتل، وتمنح رموز النظام السوري فرصة للخروج، وتتيح وسيلة لإعادة بناء مؤسسات الحكم بما يتفق وخيارات الشعب السوري. حديث لافروف وزير الخارجية الروسي أمس بشأن زيارة وفد من المعارضة السورية لموسكو قريبًا، وتزامن ذلك مع أنباء عن وصول وليد المعلم وزير خارجية بشار الأسد إلى روسيا الثلاثاء المقبل، بعد يوم واحد من انتهاء مهلة عنان لنظام دمشق، قد يشير إلى انفراجة في الموقف الروسي، وقد يفتح الباب أمام إمكانية انتقال موسكو من معسكر دعم الأزمة إلى معسكر دعم التسوية. قبل يومين قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ردًا على تلميحات سورية إلى أن روسيا تقف بجوار نظام الأسد، إن موقف موسكو يشهد تغيرًا، وأضافت «روسيا عندنا» أي أن موسكو خرجت من معسكر الأزمة وأنها بصدد الانضمام إلى معسكر التسوية، واليوم يبدو أن ما رصدته كلينتون تؤكده مؤشرات انتقال روسيا إلى مرحلة الوساطة أو حفز المفاوضات بين نظام يقتل المعارضين ويرفض الاعتراف بوجودهم، وبين معارضة لا تملك ترف التخلي عن المطالبة بإسقاط النظام الذي ينكر مجرد وجودها. استمرار عمليات قتل المعارضين والمواطنين الأبرياء في حمص وإدلب وحماة، خلال الساعات الماضية، يعكس مسعى النظام السوري ليس إلى تصفية الثورة ضده، وإنما إلى تحسين شروط التفاوض مع الثوار، فيما يأمل بعض الموهومين في دمشق بإمكانية استمرار النظام فيما لو تمكن من توجيه ضربات أكثر عنفا للمعارضة. استمرار النظام السوري بعد كل ما ارتكبه من جرائم، يبدو مستحيلًا، بعد سقوط الآلاف من القتلى وعشرات الآلاف من المصابين والمشردين، وعلى من يحاولون حقن الدماء عبر التفاض أن يستوعبوا تلك الحقيقة، وإلا فإن أية ضغوط على المعارضة السورية لحملها على القبول بأي صيغ للتسوية تسمح باستمرار النظام القاتل، لن يعني سوى فتح الباب أمام دائرة عنف سورية لن تتوقف قبل أن تأتي على الأخضر واليابس.