مع انتهاء فعاليات ملتقى المثقفين السعوديين الثاني يوم الخميس الماضي، ما زالت الأصداء تتفاعل حول ما صدر في ختام الملتقى من توصيات، فقد رأى عدد من المثقفين والمثقفات أن التوصيات الصادرة جاءت مهمة، ولكن المطلوب الآن هو البدء في تنفيذها. أسعدتني الفنون التشكيلية والآدائية بداية يقول أستاذ النقد بجامعة الملك سعود الدكتور صالح زياد: أول ما يخشاه من يقرأ هذه التوصيات ومن يبتهج بها هو ألا تلقى من الحماس لتطبيقها ما لقيته من الحماس في اقتراحها وتدوينها وإعلانها.. كل التوصيات تحمل أهمية ناتجة عما طرحته الأوراق المقدَّمة في الموضوعات المختلفة من إلمام بما تواجهه الثقافة من تحديات وما يعتريها من علل وما تطمح إليه من قوة ومنافسة، ولم يكن النقاش الذي أثارته هذه الأوراق والذي أذكى ما تترامى إليه من أهداف إلا وقودًا تشتعل به هموم الثقافة وتبحث عن حلول، وفي التوصيات حلول وآليات ذات تبلور واقعي وتجسُّد عملي. وأضاف الدكتور زياد: لقد لفتني بشكل أكبر ما أشارت إليه التوصيات عن الإستراتيجية الثقافية للمملكة.. هل من المعقول أننا إلى الآن بلا استراتيجية تخطِّط لنهضة الثقافة وتباشر تطويرها؟! كيف يمكن أن يستمر عمل أجهزة الثقافة لدينا مثل الأندية الأدبية وجمعيات الفنون.. إلخ من دون أن ينتظمها وعي استراتيجي بما تنشط له؟! أليس الحديث عن مجلس أعلى للثقافة وهيئة عامة للكتاب ونقاش لجدوى المراكز الثقافية ومفهومها متأخر جدًا؟! كيف يمكن أن نعالج مفهوم المركز الثقافي ووظيفته وقد شرعت بعض الأندية الأدبية في إنشاء مقرات لها بالملايين من الريالات وفق تصاميم إرتجالية من أعضاء النادي ودون حساب لمناشط غير الشعر والقصة؟.. لا شك أن التوصيات في مجملها تشعرني بالرضا وتجد في نفسي نوعًا من الانسجام والتطابق مع ما أثارته الأوراق المقدَّمة، ومعظم الأوراق المقدَّمة على درجة من الأهمية والإلمام والقدرة على استبصار أسئلة الثقافة وإشكالياتها، وكان من أكثر ما أثار في نفسي المتعة ما أتاحه الملتقى للفنون التشكيلية والأدائية والتراث ولثقافة الطفل ودور المرأة الثقافي، وأعني أن هذه الموضوعات تبدو شبه منسية في اهتمامات المؤسسة الثقافية الرسمية، أو قليلة الاهتمام والحضور. على المثقفين الصبر والانتظار أستاذة الأدب بجامعة تبوك وعضوة نادي تبوك الأدبي الدكتورة عائشة الحكمي قالت: التوصيات أُستخلصت من رؤى وأفكار المشاركين والمداخلين وهي توصيات هامة وكبيرة تداعب أحلام كل مثقف، لكن هيهات أن ترى النور في المستقبل القريب نظرًا لاتساع أهداف كل بند فيها وحاجته إلى دراسة مستقلة للبدء بالعمل فيه، ففصل الثقافة عن الإعلام لتصبح وزارة مستقلة وتأسيس مجلس أعلى للثقافة وتخصيص جائزة لكل فرع من فروع المعرفة وإنشاء هيئة عامة للكتاب وإنشاء أكاديمية للفنون وإنشاء مراكز ثقافية في كل المدن والمحافظات والاهتمام بثقافة الطفل والشباب.. وهذه بعض من الأحلام العميقة التي تجاوز عددها الخمسة عشرة حلمًا كل واحد منها سيتثاءب فترة من الزمن وقد تتدخل سياسة الانتقاء وتنفذ جوانب وتؤجل أخرى. وتضيف الدكتورة عائشة: نحن نعرف أن تنفيذ هذه التوصيات سيصطدم بالبروتكول الإداري المعتاد وسيواجه تأخيرًا لا حدود له وما على المثقفين سوى الصبر والانتظار حتى يحل موعد المؤتمر الثالث والرابع لتعاد الموضوعات بصيغة أخرى ثم تنتهي بنفس التوصيات! والمهم ألا تيأس عزيزي المثقف فقد يفوتك أن تفرح برؤية هذه البنود ماثلة على الواقع في حياتك لكن أتوقع أن يحضرها أحفادك، وهذا ليس تشكيكًا في عزم قيادات وزارة الثقافة والإعلام وإلا لما دعت إلى ذلك التجمّع وسمحت بكل شفافية طرح كل الرؤى مع الوزارة أو ضدها على مرأى ومسمع القيادات العليا ووسائل الاعلام، وهذا دلالة على عزم هذا الجهاز المهم على ترك بصمة تاريخية ثقافية، وبطبيعة الحال فإن بداية التنفيذ لا بد من إنشاء وزارة الثقافة ثم الأكاديميات الفنية وإنشاء المراكز الثقافية، إذ تحتاج هذه الأفكار إلى وقت طويل، لكن هذا لا يمنع من تزامن بعض التوصيات الأخرى مثل التسريع في البت بوضع خطة لرعاية الطفل والشباب ثقافيًا. تحويل الأندية لمراكز ثقافية من جانبها، قالت الدكتورة ثريا العريض: التوصيات التي صدرت أجدها على وجه العموم توصيات تقليدية، والتوصيات التي يمكن تفعيلها حالًا هي إنشاء رابطة للأدباء السعوديين وتحويل الأندية الأدبية إلى مراكز ثقافية.