قال أكاديمون وشرعيون في ملتقى المدينة إن النظام القضائي في المملكة والذي يعتمد في مرافعاته على التعددية في درجات التقاضي يهدف الى تحقيق اكبر درجات العدالة الممكنة للمتقاضين، كما يعطي قدرا اكبر من المراجعة للاحكام والتدقيق فيها، وارجعوا التأخير في سير بعض القضايا الى بعض من صدرت بحقهم احكاما شرعية مشيرين الى انهم عادة ما يبحثون عن مخارج تطيل امد القضايا، فيما انتقد بعضهم الاعباء الثقيلة المناطة بكاهل القاضي واغلبها اعمال ادارية يمكن ان يقوم بها مساعدون له. كما انتقدوا اهدار الاوقات داخل اروقة المحاكم في انتظار جلسات المحاكمة وطالبوا بتقنين المواعيد حفظا لمصالح الناس واوقاتهم. درجات التقاضي للتثبت «المدينة» ما الغاية من تعدد درجات التقاضي؟ البعض يقول بأنها ليست اكثر من مجرد تطويل لمسارات القضية وان الحكم سلفا لن يتغير واشياء من هذا القبيل، انتم بماذا تردون؟ الزهراني : نظام المرافعات يتيح فرص التثبت وحفظ العدالة، وتعدد المرجعيات وتقسيم الأحكام لتوخي العدل من خلال جهة قضائية تناط بها مهام الإشراف القضائي على صحة الأحكام ومدى الالتزام بتطبيق القواعد الاجرائية والموضوعية ويتولى ذلك المحكمة العليا. ولاشك ان التعدد يحمل القضاة على التحري عن الصواب وتدقيق النظر في البيانات والدفوع المترتبة على الدعوى وصولاً إلى الحق، كما أن نظر القضية من جديد أمام محكمة أعلى درجة يحمل القاضي على تتبع حيثيات الدعوى، والحرص على تفهمها بدقة وتروٍ. وأن في ذلك إشاعة للثقة وطمأنينة الناس على دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، كما يتيح ذلك للمحكوم أن يتدارك ما قد يكون فاته من دفوع أمام محكمة الدرجة الأولى فيستكمله على ضوء ما أورده حكمها من أسباب نبهته إلى هذا النقص. فرص للمتحاكمين وبذات النظر يوفق الشيخ الخياط الى ما ذهب اليه الشيخ الزهراني ويرى ان في ذلك فرصة للمتحاكمين وان كان يرى بأن تطويل القضايا بسبب بحث البعض عن مخارج تطيل القضية او تعيقها او تعطلها ويقول: بلاشك هناك درجات للتقاضي فحينما يحكم القاضي على شخص ما ولم يرض بحكم القاضي فإنه يقدم لائحة اعتراضية ترفع إلى جهة أعلى كانت تسمى في السابق (التمييز محاكم الاستئناف)، ثم يصدق الحكم أو يعترض على الحكم لنفس الجهة المختصة (محكمة الاستئناف)، فترجع للقاضي للتنبيه عليه أما أن يصادق على الحكم وإما إعادة النظر ونحو ذلك، فتكون هذه فرصة للخصم أو صاحب القضية بأن يبحث عن حقه ويثبت ما يريد من حقوق له، وبلاشك كما ذكرنا سابقا أنها تمر كلها بقنوات شرعية ليست محاباة في اعتراضه، ولكن كما جاء في الحديث (ادرؤوا الحدود بالشبهات)، ولعل بعض المعترضين لا يرضى بالحكم فيرفع بعد ذلك لجهات أعلى، كما كان في السابق (المجلس الأعلى )، (المحكمة العليا حاليا)، ثم تأخذ في التدرج للوصول للحق باتباع شرع الله لا باتباع الهوى، فلربما يبحث شخص ما عن حكم بغير ما أنزل الله فيحاول ثم يحاول فتطول القضية بسببه هو لا بسبب القضاء، لكن لو حول المرء الخصم هواه إلى القناعة والرضا بشرع الله لكان خيرا له التنوع لغاية العدل وفي ذات المحور يؤكد الدكتور سامي الحازمي أن التنوع في نظام المرافعات هو اولا واخيرا لصالح العدالة ولصالح المتقاضين وقال: عندما ننظر الى اليات التقاضي واصدار الاحكام نجد بأن لدينا ثلاثة انواع من المحاكم ولدينا قضاء فردي وقضاء جماعي ولدينا فرص القبول والاستئناف وقضاة تتفاوت درجاتهم في الفقه القضائي، كل هذا التنوع يرتكز على مبدأ تحري العدل وكما قلت فإن الغرض من تعدد درجات التقاضي هو ضمان تحقيق العدالة بأقصى درجة ممكنة، وإعطاء أكبر فرصة للمتقاضين للاطمئنان إلى عدالة الأحكام، وإلى عدم التحيز في حكم محكمة الدرجة الأولى. ويتسم القضاء الابتدائي في المملكة بأنه قضاء فردي من حيث الأصل فيما عدا القضايا التي يطلب فيها المدعي الحكم بعقوبة القتل، أو الرجم، أو القطع، أو القصاص فيما دون النفس فيكون القضاء منعقدا من ثلاثة قضاة، في حين يتسم القضاء في درجتي الاستئناف والعليا بأنه قضاء مشترك تتكون الدائرة فيه من ثلاثة قضاة، فيما عدا القضايا التي يطلب فيها المدعي الحكم بعقوبة القتل، أو الرجم، أو القطع، أو القصاص فيما دون النفس فيكون النظر فيها مشتركا من خمسة قضاة في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا. إشغال القضاة بالشكليات «المدينة»: دكتور زمزمي من تواجدك الدائم في أروقة المحاكم ما الذي تلحظونه من ملاحظات قد يكون لها التأثير بشكل أو بآخرعلى القضايا والمرافعات؟ زمزمي: الحقيقة أن هناك عبئًا على القاضي في أمور إدارية وشكلية وأشياء من المفترض ألا ينشغل بها، تجد في مكتب القاضي الواحد (8) أو (9) قضايا في يوم واحد، فمتى يستطيع القاضي أن ينظر إلى هذه القضايا كلها خصوصا إن كانت الإنهاءات من الساعة الثامنة حتى الساعة التاسعة والنصف، ومن المفروض في نظام المرافعات أن هذه الأمور الشكلية يقوم بها موظف الإدارة كالخطابات، فلماذا إذن أشغل القاضي؟ ومن هنا يفترض أن يكون هناك مسؤول إدارة يكون مسؤولا عن هذه الأمور الشكلية، ولابد أن نفعل نظاما كل حسب اختصاصه، هذه ناحية شكلية إدارية يمكن أن يقوم بها مدير الإدارة بموجب النظام، والقاضي في الأخير يراجع في نصف ساعة كامل الأوراق ويقوم بالتوقيع عليها، فلماذا نشغل القاضي في هذه الأمور؟، ومن المفترض أن يكون هناك تنظيما للقضاة، بمعنى ألا أشغل القاضي بقضايا كثيرة بل أعطيه قضايا محدودة العدد كأربع قضايا مثلا في اليوم، أو خمس قضايا وهي في نظري كثيرة، وأعطي للقضية الواحدة خمسا وأربعين دقيقة فيما يخص إحضار الشهود والبينات، وبالتالي فتطويل القضايا لم يكن بسبب القاضي نفسه، بل بهذا السبب، وكذلك نوعية التثبت من الحق من القاضي للقضية التي ينظر فيها، قبل الوصول إلى الجهة التى تراقب في الاستئناف مدى تطبيق القاضي لمنطوق حكمه وتسديده، لا تنظر إلى المرافعة، و يعتقد كثير من الناس أن الاستئناف تعيد نفس القضية ونفس الحكم، لا، الاستئناف يرى تسديد القاضي في إعطاء حقوق الدفاع في بعض الأمور، ويبدي ملاحظاته إذا وجد عدم تقديم بعض الدلائل كالشهود في أشياء قد تكون شكلية أو موضوعية، ومن هنا لا يوجد في القضاء تطويل إذا أزيل منه الأعباء الشكلية والإدارية، وهناك جانب مهم ونعاني منه نحن تحديدا معشر المحامين من القضاة في مسألة تأخير الوقت فأحضر للقضية من الساعة التاسعة والنصف ولا أدخل للجلسة القضائية إلا بعد الظهر، وهذا لا يجوز، لأن لدي كمحامٍ جدول مواعيد مع عدة جهات في اليوم الواحد، وغيابي عن الجلسة إلى الساعة الحادية عشرة قد يترتب عليها حكم يفترض أن أكون متواجدا فيه، ولعلي أخرج من قاض إلى قاض آخر أجد القاضي قد حكم في القضية الأولى عقب خروجي من عنده للقاضي الثاني، والمطالبة باحترام القضاة لمواعيد الآخرين حفظا لحقوق المتقاضين في الجلسات. هو أمر في غاية الأهمية. كتابات العدل وإشكاليات الأراضي «المدينة»: ما دمنا قد أخذنا الحديث عن بعض الملاحظات التي قالها الدكتور الزمزمي عن القضاة وهي ملاحظات تتعلق بالنظام وليس بجوهرالاحكام والقضاء دعونا نعرج على كتابات العدل وما يثار من اشكاليات حول التملك والافراغات؟ بن حنش: فيما يتعلق بكتابة العدل: تنقسم إلى قسمين: كتابة العدل الأولى وكتابة العدل الثانية، ولكل إدارة اختصاص، وفيما يتعلق بالإثبات فإن كتابة العدل ما هي إلا جهة توثيقية فيما يتعلق بجانب المبايعات أو التنازلات أو مشاريع الدولة في التعويضات.. أما فيما يتعلق بإثبات الملكيات فهذا عن طريق المحاكم، و فيما يتعلق بالأراضي التي تأتي من أمانة العاصمة بناء على أوامر سامية من أصحاب المنح أو بما يسمى بالدخل المحدود من صلاحية أمانة العاصمة، فهي توثق في كتابة العدل وفق ما يرد إليها من أمانة العاصمة. خياط: بيننا وبين المواطنين أوراق ثبوتية، فإذا جاءني شخص بدعوى أطلب منه إثبات الهوية، وتملكه للعقار بموجب صك، وصك الملكية بموجب إما: استحكام يكون صادرا من قبل القاضي (المحكمة العامة)، وصكوك المنح تكون صادرة من قبل كتابات العدل، والإفراغ هو عبارة فقط عن توثيق أن هذه المبايعة من فلان ببيع وشراء فلان من فلان على هذا الصك، وذلك بالرجوع إلى السجل للبحث عن صاحبه، وأي صك يحفظ لابد أن يستفسر عن سجله، بمعنى أن لهذا الصك أساس لدى كتابة العدل ومطابق حرفيا، وإذا وجد اختلاف ما بين السجل والصك يكون هناك تلاعب وتزوير، وهذا السجل يكون تحت أيادٍ أمينة بإشراف كتابة العدل ورئيسها وموظفيه، فيما يتحول التزوير والتلاعب إلى الجهات المختصة والقنوات الرسمية، ونحن نحرص ونتثبت كثيرا مع اؤلئك الذين يقولون الحلال ما حل باليد.