أتابع اليوم طرح بعض الأفكار التي أرغب في التفكير فيها معكم بصوت مسموع ومقروء. هذه الأفكار طالما شغلت بالي.. وبال كثيرين منكم. * أول أفكاري لكم اليوم تحوم حول ما يقدم في إعلامنا العربي تحت مسمى الفن!! لقد عجّت قنواتنا الفضائية العربية بمشاهد وأناس وبرامج تطل علينا وقد تمرست على اغتيال الأخلاق في محراب الفن!!. وبرعت في قلب الحقائق وتسمية الأشياء بغير مسماها الحقيقي والصاق تهم الرجعية والتخلف والإصابة بالعقد بكل من لا يقبل شذوذها الذي تقدمه باسم الفن!! إذ أصبحت مشاهد العري فناً!! وأصبحت الفتيات العاريات اللائي يخدشن بخلاعتهن الحياء العام بريئات!! والعيب في من ينظر إلى أجسادهن العارية ولا ينظر إلى عقولهن!! ولا أدري أين نجد العقل الذي يُحترم في فتاة تتعرى ولا تعرف سوى لغة إثارة الغرائز!! ولا أدري إلى متى ستظل البرامج تروج للإنتاج الفاسد فكراً وسلوكاً، وتمرر ما يعبث بكرامة الإنسان ويناهض فطرته السوية بوصفه فناً.. وتقدماً!! متى سنجد برامج إعلامية ذات هوية تحترم عقلية الإنسان وتخاطب جميع فئاته وشرائحه مقدمة فائدة حقيقية ترقى بالإنسان دون أن تظن أن لديها حق الوصاية على تفكيره!!. فالمشاهد العربي محاصر بين رسالة مبتذلة تقدم ترويج الغرائز وبين رسائل الوصاية من الآخرين. التي تفرض عليه وبصورة مستمرة الآراء بفوقية شديدة!!. وإذا تمت مخاطبته كشخص صاحب رأي وفكر واختيار.. فإن ذلك يتم من خلال تكريس السطحية!!. عشرات القنوات الفضائية ومئات من النماذج والبرامج التليفزيونية المقدمة.. ومع ذلك النتيجة هي العجز التام عن الوصول إلى مستوى التواصل الحقيقي مع المشاهد. وبعد كل هذا نسمع عبارة سخيفة من صناع الإعلام التافه.. يرددونها: (الجمهور عايز كده)!! والواقع المتجاهل هو أن الجمهور (مش عايز كده)!!.. لكن للأسف ليس أمامه سوى (كده)!! * فكرة أخرى تشغل تفكيري.. وأود أن أفكر فيها بصوت مقروء معكم.. وهي.. أن بعض الناس -إن لم نقل جميعهم - ينصتون لما سيقولونه هم.. وليس ما يقال لهم!! ويتحدثون أكثر مما ينصتون!!.. رغم أن الخالق أوجد لهم أذنين وفماً واحداً.. لينصتوا أكثر.. وضعف مما يتحدثون!!. ونجد أن أكثر شريحة في مجتمعنا تعاني من عدم الإنصات لها هي شريحة الأطفال والمراهقين إذ إن أصواتهم ليست مسموعة فيما يتعلق بالأمور العائلية حتى لو كان الأمر يتعلق باختيار أماكن تمضية الإجازات!!. الأمر الذي يثبط من عزمهم، ويسحق قدراتهم في المشاركة والتفكير ويرسخ بداخلهم شعوراً قاسياً وهو أنهم لا يستطيعون مساعدة الكبار.. مما يحد من إمكاناتهم الشخصية. ترى ما السوء في أن يستمع الوالدان إلى رأي فرد صغير من أفراد العائلة.. وأن يأخذا به مادام الرأي ليس سيئاً!!. حتى لو كان من الممكن التوصل إلى قرار أفضل. ففي اعتقادي أن إيجاد بيئة تفكير صديقة، وإتاحة الفرص للتعبير عن النفس، والإنصات بتقدير، ودعم روح المشاركة أفضل بكثير من الالتزام الهش بالأخذ بالأفكار الأفضل والقرارات الأصوب الذي يسكننا ويحرمنا متعة المشاركة.. ويحرم أبناءنا أن يشعروا بالمساهمة!!. لم تشغلني هذه الأفكار وحدي.. بل شغلت كثيرين حتى أوجدت لديهم مشاكل يعانون منها.. واحتاجوا لمشورتي.. وطلبوا حلاً لمشاكلهم. فهل فعلاً مشاكلنا لا حل لها.. أم أن الحل لا مجال لرؤيته حينما تزدحم العقول بأفكار مضطربة!!.