أثارت نتائج الاختبارات التحصيلية للطلاب التي يجريها مركز «قياس»، تساؤلات حول وجود تلاعب متعمد من قبل بعض المدارس الأهلية في نتائج الطلاب، بعد أن كشفت اختبارات قياس وجود فجوة كبيرة بين الدرجات التي يحصل عليها الطلاب والطالبات في المدارس الأهلية والتي قد تصل إلى 100 % لجميع المواد، وبين اختبارات المركز التي تراوحت درجات نفس الطلاب فيها ما بين 20% إلى 46 % للأقل..ما يشير إلى فجوة في الدرجات تصل إلى 80%..!، وفيما لم يستبعد بعض المختصين احتمال لجوء بعض المدارس الأهلية للتلاعب بالنتائج وتغليب لغة وحسابات «البيزنس» والنجاح التجاري على مقتضيات الأمانة العلمية والتربوية، طالب خبراء بوقفة حاسمة لمعرفة أسباب هذا الخلل وإعادة تقويم شامل للتعليم الأهلي، بينما نفى أحد المستثمرين في المدارس الأهلية وجود أي تلاعب فيها، خاصة أن من يتولى إدارتها قادة تربويون لا يمكن أن يبيعوا ذممهم لصاحب المدرسة. قالت الدكتورة نادية إبراهيم بخاري: وافق مجلس الوزراء يوم السابع من نوفمبر 2016م على الترتيبات التنظيمية لهيئة تقويم التعليم والتي ترتبط تنظيميًا برئيس مجلس الوزراء وهي الجهة المختصة في المملكة بالتقويم والقياس والاعتماد في التعليم والتدريب لرفع جودتهما وكفايتهما ومساهمتهما في خدمة الاقتصاد والتنمية الوطنية، وتساءلت الدكتورة نادية: هل استطاعت الهيئة بعد عام من تأسيسها وضع آليات جديدة لرفع جودة التعليم ليتواكب مع الاهتمام الذي يحظى به من القيادة الرشيدة وليسهم في خدمة الاقتصاد والتنمية الوطنية؟ وأضافت قائلةً: في حال وجود تلاعب من بعض المدارس الأهلية بدرجات الطلاب فإن ذلك سينعكس بالسلب على مخرجات العملية التعليمية ونحتاج لوقفة حاسمة لمعرفة ما أسباب هذا الخلل ؟ وكيف يمكن علاجه ؟ العميري: التعليم الأهلي يحتاج مراجعة شاملة.. و«البيزنس» مرفوض بخاري: وقفة حاسمة لتحديد أسباب الخلل ومعالجته أوضح الدكتور فهد العميري أستاذ بكلية التربية جامعة أم القرى أن التعليم الأهلي في المملكة يحتاج إلى إعادة تقويم شامل وقرارات حاسمة لأنه يتعلق بمستقبل الوطن ومن أولويات المرحلة لدى القيادة الرشيدة، وأضاف: أتمنى أن يحدث هذا التغيير على ضوء نتائج دراسات علمية وموضوعية ومُحكمة تشارك فيها كافة الجهات المعنية وفق خارطة طريق يشرف على تطبيقها مجلس أمناء رافضاً أن يتحول التعليم الأهلي إلى بيزنس وهذا لن يتأتى بدون الاستفادة من التجارب الناجحة في الدول التي سبقتنا في هذا المجال، وقال الدكتور فهد إن التعليم الأهلي في المملكة يفترض أن يوجه لأربع شرائح هم: الموهوبون والمعاقون والجاليات والمدارس الدولية الخاصة. وأشاد بدور مركز القياس مطالبا بتوضيح المعايير التي يعتمدها للقياس وهل هي مناسبة لبيئتنا التعليمية لأن المعايير يجب أن تصاغ وفق مطالب أساسية واستراتيجة للمجتمع ؟ غنيم: لا تلاعب أو مجاملات بالمدارس الأهلية.. والتعليم أمانة نفي الدكتور زهير حسين غنيم عضو لجنة المدارس الأهلية بجدة وجود أي تلاعب في درجات الطلاب في المدارس الأهلية مؤكدا أن التعليم أمانة ونحن كمعلمين ومربين مسؤولين أمام الله عن أداء رسالتنا تجاه الطلاب، مشددا على نفي أي مجاملات للطلاب في المدارس الأهلية وأشار غنيم إلى أن قيادات هذه المدارس هم من قبل وزارة التعليم وليسوا غرباء عن المجال ولا يبيعون ذمتهم من أجل صاحب مدرسة، مضيفا أن عدد المدارس الأهلية تتراوح ما بين 3% إلى 4% من عدد المدارس الحكومية، وأضاف: مع الأسف ينظر البعض للمدارس الأهلية على أنها لا تعلم ؟! في حين أن الواقع عكس ذلك والوزارة لا ترحم المقصر وأطالب الوزارة بإعلان كم نسبة الغش والتلاعب بالدرجات في المدارس الأهلية، وحذر غنيم من احتمال توقف الكثير من المدارس الأهلية في المستقبل القريب بسبب الأعباء المالية الكبيرة الملقاة عليها، ودعا الوزارة لدعمها ومساندتها لتتمكن من أداء رسالتها. القميزي: الأهلية لديها مشكلات ونجاحات.. والتعميم مرفوض قال الدكتور حمد بن عبدالله القميزي أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز أنه يتحتم على المدارس الأهلية أن يكون مستواها متميزا في العديد من الجوانب الفنية والأكاديمية والتقنية، بل يجب أن تكون أفضل من المدارس الحكومية، لكي يكون ذلك عامل جذب للمواطنين والمقيمين لإلحاق أبنائهم وبناتهم بها، وأضاف: تعاني العديد من المدارس الأهلية من مشكلات متعددة، أهمها تدني مستوى الجودة في بعضها، نتيجةً لسياسات بعض المدارس التي تبحث عن المعلم الأقل تكلفة مادية وليس الأكفأ علمياً وتربوياً، كذلك أساليب وطرق التدريس ليست التي تقدم التعليم الأفضل، إضافةً إلى نسبة الغياب المرتفعة من الطلاب نتيجة عدم الحزم والجدية في المحاسبة. وحول السؤال الذي يطرحه أغلبية المهتمين في التعليم؛ هل تتميز مخرجات المدارس الأهلية عن الحكومية ؟ أجاب الدكتور حمد قائلاً: صدر مؤخراً تقرير عن المركز الوطني للقياس والتقويم كشف تفوق طلاب المدارس الأهلية على أقرانهم في الحكومية، حيث اكتسحت الأهلية المراكز العشرة الأولى في أغلب التخصصات، سواءً القدرات أو التحصيلي للبنين والبنات، بينما تفوقت مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات (حكومية) للأقسام النظرية، وقد تكشف هذه النتائج أن النقد المطلق والموجه للمدارس الأهلية غير موضوعي، لأنه لم يعتمد على الأدلة والشواهد. ويتساءل الدكتور حمد قائلاً: هل هذه النتائج التي أظهرها طلاب وطالبات المدارس الأهلية في اختبارات التحصيلي والقدرات تحكي واقع معظم المدارس؟ من خلال خبرتي ببعض المدارس الأهلية هناك مدارس تقدم تعليماً مميزاً وتبذل إداراتها ومعلموها جهوداً كبيرة في سبيل تميز طلابهم وطالباتهم، وفي المقابل فإن هناك مدارس قد تتغاضى عن بعض جوانب التحصيل العلمي والمهاري للطلبة، وعن مدى توافق مستوى الطلبة مع ما يحصلون عليه من درجات.