الفجوة الموجودة بين نتائج اختباري القدرات والتحصيلي وبين نسبة الثانوية العامة معلومة لدى الجميع قبل أن تنشر «الشرق» تقرير وزارة التربية والتعليم، وكنا نستغرب دائما حصول طالب في اختبار الثانوية العامة على النسبة الكاملة %100 بينما تكون نتيجته في القدرات والتحصيلي على مشارف الثمانين مع أنه يكون مستعدا لها وبأكثر من فرصة، وقد أدركت الجامعات ذلك فوضعت كل جامعة خلطتها السرية من النتائج الثلاث حتى تضمن أكبر قدر من الموضوعية والعدالة والكفاءة في قبول الطلاب لديها، ولعل اختبار القدرات والتحصيلي الذي تم إقراره كان مهما بعد أن فاحت منذ سنين رائحة المجاملات والتكييل في بعض المدارس الأهلية والحكومية لطلابها، وكنا نسمع عن مدارس معينة يكون فيها المدير والمدرسون والطلاب من نفس القرية أو المكان ويعتبرونها فزعة الجماعة في خدمة أبنائهم لتسهيل التحاقهم بالجامعات وضمان مقاعد لهم في وقت كان المعياران الوحيدان للقبول هما الوساطة ونسبة الثانوية، وبالدخول الإيجابي للقدرات والتحصيل إلى الميدان خفت آثار المجاملات والتكييل وخاصة في المدارس الأهلية التي تسعى إلى أن تفاخر بالنسب العالية لطلابها حتى تضمن تسويقا أفضل للمدرسة في المواسم المقبلة، وتقرير الوزارة مهم لأنه يعني أنها وضعت يدها بالأرقام والوقائع والمقارنات بين المناطق والمدن والمدارس على هذه الظاهرة السلبية، وأن يصدر التقرير متأخرا خير من ألا يصدر أبدا، والسؤال هو بعد هذا التقرير: ما الخطوة التي ستتخذها الوزارة تجاه المدارس التي يحصد طلابها نسبا عالية في التوجيهية ونتائج أقل بكثير في التحصيلي والقدرات، وهل ستكتفي بلفت النظر عبر خطاب روتيني وزيارة الموجه للمدارس وإبداء ملاحظات تخف حرارتها بعد أول فنجان شاي؟ وقد تكون المسألة أكبر من تساهل في وضع الدرجات وتكشف عن وجود خلل في العملية التعليمية نفسها وأساليب التقويم، وهذه احتمالات لا يحسمها إلا دراسة جادة حول الموضوع، غير أن الغريب في الأمر هو أن هذا التقرير على أهميته وقيمته لكل المشتغلين بالعملية التعليمية مازال يدرج ضمن التقرير السري مع أنه لا يتضمن سرا من أسرار الدولة أو اليورانيوم المخصب!.