اذا قلت وكررت «الجزيرة تكفيك فلا ريب في ذلك.. تكفيني غذاءً فكرياً.. اتلذذ بقراءة زواياها.. كعادتي كل صباح قرأت في عدد يوم الاثنين 17/11/1423ه 20/1/2003م بالصفحة الثانية وفي زاوية لماهو آت ما كتبت الاخت الكريمة/ خيرية السقاف تحت عنوان «الاقبال علي التأليف» فطرقت باب فكري: من يملك الكتابة؟ وقبل ان استرسل في حديثي هذا. آمل من استاذي رئيس التحرير ومن الاخت خيرية عذري ان اخطأت فالكمال لله وحده. عزيزتي الجزيرة.. في البداية يجب ان نتفق على ان الفن ظاهرة خارجة على ظواهر الاشياء وعلى الرغم من خروحه الحديث سواء كان شعراً ام نغماً ام رسماً فهو يهيج القلب ويوقظ الفكر ويهز الكيان فنقف امام روائعه حائرين بين اليأس والرجاء بين السعادة والشقاء، بين الانفعال والهدوء فنشعر في الحالتين بأننا نحيا عالمين عالم الحقيقة والواقع ممزوجاً بعالم الرؤى والاحلام.. فنتساءل هل لهذا الاديب المبدع فطرة وموهبة فقط؟.. كلا بل هناك عوامل اخرى تداخلت في تكوينه وفي بعث قريحته الادبية كالعواطف والانفعالات الانسانية التي مر بها هذا الاديب والمناظر الطبيعية التي رآها والتعابير التي دغدغت اذنيه ثم استقرت في عقله الباطن فنامت ردحاً من الزمن ثم استيقظت لتنير من حولها وتستنير هي بمن حولها.. اما الادب الذي يخرجه ذلك الاديب فهو رحيق فيض شعوره وعواطفه من قول وشعر ونثر فهو كالعسل حلو المذاق وفيه منافع للناس. اذاً فالفن والادب من ينبوع واحد هو الفطرة والموهبة والملكة وصاحبها اديب يغدو مع الايام والدأب والمثابرة ينبوع من ينابيع المعرفة فتفيض فطرته في التأليف والموهبة الادبية في الكتابة.. وكل الكتابة الادبية تنبع اكثر ما تنبع من الاحساس والخيال والوجدان والشعور واللاشعور اي من كيانه الانساني جملة. اما اذا كان الانسان عادياً ولا يملك استعدادات فطرية تؤهله في المستقبل ليكون أديباً وكان يطمح في ان يصبح شاعراً أديباً.. فالطموح شي غير الموهبة.. ولكنه قد يصبح بالدروس والمعاناة والاستمرار ناظماً ينظم الابيات الموزونة المقفاه فلابد ان يقع وفي النهاية لا ينفع الندم. واخيراً فملكة الكتابة الادبية حقا انها نبع ينساب ويفيض ويستمد فيضه وانسيابه باستمرار من الموهبة واذا اجتمع عامل الموهبة وعامل الدراسة كان اديبنا من عباقرة الادباء ونجماً لامعاً في سماء الادب.