لم يعد بالإمكان السكوت عمَّا يتداوله بعض المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي من اتهامات وإشاعات مغرضة، وكل هذا شاؤوا أم أبوا، قصدوا أم لم يقصدوا، هي أداة هدم وتدمير للمجتمع الكويتي الذي عُرف تاريخياً بصموده وتراصه مهما تكالبت عليه المصائب والملمات. ولا أعتقد أن أحداً من هؤلاء -أي الذباب الإلكتروني أو الجيوش الإلكترونية- لا يدرك مدى خطورة ما يفعل بوطنه وبأهله في هذه الظروف الحساسة التي لا تقتصر على الكويت فقط بل تتعداها لتشمل العالم بأسره الذي يشهد انعطافات حادة لعالم آخر لا ندري ماذا سيكون عليه وكيف ستكون بلادنا على خريطته. وإذا كان البعض ضيق الأفق ولا يرى بما يفعله إلا عمليات رد ورد مضاد وهجوم وتهجم، فإنه يمهد البيئة النفسية والاجتماعية والسياسية لعملية تدمير ممنهجة وتنفيذ ممعن أو غبي لأجندات خارجية ولتطلعات قوى داخلية للانقضاض على الدولة ومؤسساتها حتى ولو أدى ذلك إلى خراب البلد. لا يستطيع أحد أن يدعي ببراءة عمله وأنه لا يقصد سوءاً أو يمارس حقه في حرية التعبير، فالحرية مهما كانت فإن لها سقفاً وحدوداً. ولن أضيف جديداً في هذا المجال الذي يعرفه الجميع، لكن المستغرب هو الإمعان في تشويه صورة الكويت في الداخل وأمام العالم أجمع لغايات إذا أحسنا الظن نقول إنها مريبة بينما هي في الحقيقة ساطعة الوضوح كالشمس في رابعة النهار. فهل يمكن بعد هذا أن نتعامل مع التقاذف الاجتماعي المسف ببراءة وعفوية وتحت عناوين كاذبة ومضللة، وهي حرية التعبير. فأي حرية هذه التي يمارسها هؤلاء أحياناً بخبث وأحياناً بغباء ونحن نعيش أوضاعاً خطيرة لن توفر أحداً إذا تحققت أهدافها في هذا الوقت العصيب. ليس من عادتي أن أطالب بتضييق الخناق على هؤلاء وتعقبهم، ولكن هذه المرة أرى أنهم في تماديهم ليس فقط على الحكومة بل على القيادة أرى أنهم يجيشون الناس ويشحنون النفوس والعقول والقلوب، ولم تعد أهدافهم خافية على من يريد المعرفة. إن ما يثيره هؤلاء في قضايا عديدة كالنصب العقاري وغسيل الأموال وأداء المؤسسات وحتى في جائحة كورونا التي ضربت البشرية لا يحل عبر السوشيال ميديا، هذا السلاح الأشد فتكاً وتدميراً وتفريغاً للمجتمع من قيمه وعاداته بل ويتطاول على القانون بهدف إلغائه، ويقومون بتصفية الحسابات بين بعضهم البعض بكيدية وحقد لم نشهد لهما مثيلاً في تاريخنا. وهنا لا أقول إنه ليس لدينا مشاكل وأزمات، والكويت ليست مجتمع ملائكة،بل أقول إن على كل واحد منا أن يراجع ضميره ليكون له حكماً في تعامله مع وطنه، وعلى الجهات المعنية أن تضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ على الكويت وقيادتها حتى لا نصحو ذات يوم ولا نجد إلا إطلال وطن، ونحن لن نسمح لأن نبكي كالنساء على وطن لم نحافظ عليه كالرجال. وعلى الجهات المعنية أن تعمل عملها وتقوم بواجبها، ومن لا يستطيع فليذهب إلى بيته فالوقت وقت العمل دون أي عذر، فالعالم يغلي من حولنا ونحن نعيش حالة من ترف الغباء دون أن ندري أننا نسهم في تهشيم بلادنا. حفظ الله الكويت وأميرها وولي عهدها وشعبها من كيد الكائدين. ** **