ندرك ونعلم أن العمل أمانة.. فالشاب «شرف» متقلب الأطوار يروغ كما الثعلب أينما كانت وجهته بعد تخرجه من أحد المعاهد التجارية، وجه للتدريب في المؤسسة الأم وفي إدارة لا علاقة له بها لكون تخصصه يختلف، لكنه كان يبحث عن الأسهل الكرسي والتكييف لكي ينهي التدريب. بنجاح ويحصل على تقدير عال بدأ يمارس أسلوبا فيها من الذكاء والمكر الشيء الكثير.. فلا يكتنفه إلا الأذكياء أو المكارون الذين يشابهونه سلك طريق يشبه المثل الشعبي «أطعم البطن تستحي العين» حيث أصبح كل يوم يشغل والدته المسنة لكي تعد له حافظتي القهوة والشاي ثم تضع معهما التمر، ليحضره للمدير المشرف عليه. وبحكم كبر سن ذلك المدير لا بد من صحن التمر لكي تعدل القهوة مع التمر الرأس والكيف ما يثبت مكره هو أنه لم يكن كعادات السعوديين الكرم ودعوة جميع الموجودين لتناول القهوة كان يقصد فقط ذلك المسؤول طبعاً هناك طفيليون وما أكثرهم لا يحتاجون لدعوة فهم دعوتهم أو لم تدعهم فسوف يعزمون أنفسهم ولا ينتظرون دعوتك. فقد استمر «شرف» على ذلك طوال الثلاثة أشهر فترة التدريب وكان من النتائج الطيبة للقهوة والتمر و»حافظة الشاي» أنه يحضر متأخراً ولا يحاسب كذلك لا يمكن أن يداوم بعض الأيام ولاسيما آخر الأسبوع.. وشيء أكيد يلحق بداية الأسبوع بهم ويحضر في أي يوم يريد حاملاً معداته طبعاً لم تنس والدته أن تحلي الأمور مع التمر بالكليجا لكي يتجه النظر بعيداً كما أن ثمار المعاميل أثمرت عن تعيينه في تلك الجهة ليستمر مسلسل الخروج والدخول متى شاء.. لكن بعد انتهاء التدريب والتعيين توقف عن تصرفاته في تقديم القهوة والشاي للمدير وكأنه قد قطع الماء والكهرباء عن ذلك المسئول بل الطامة والأدهى والأمر أنه أصبح يكره ذلك الرجل الطيب (المدير) حينما تم تعيينه في إدارة أخرى.. فكلما ذكر أمامه ولم تدخل الإدارة منذ لحظة التعيين وانتهاء فترة التدريب أي معدات قهوة أو شاي.. فقد بدأ الرجل يمارس أسلوب التلاعب فقد رزقه الله بمدير جديد استطاع أن يحتويه بالكلمات المنمقة والهدايا والتظاهر بالوفاء له ليحصل على كل ما يريد من تكليفات وانتدابات ودورات ومع ذلك لا بد من التسيب في الدوام، وعد الانضباط بالعمل. فكان عندما يهم بالخروج بعد أن يبصم يتلثم وكأنه يعيش أجواء الشمال الباردة أو رياحا ترابية عاصفة فيخشى أن يعرفه أحد من الزملاء متناسين أن هناك من لا يخفى عليه حتى دبيب النملة في الظلمات وهو الرقيب والحسيب ثم إن هناك بشرا يرونه ويعرف أنه فلان.. فقد أصبح مع الوقت بارعاً في التحايل إلا أنه مكشوف أمام الجميع.