قال الباحث في التراث الشعبي الكاتب احمد بن برجس ان اهل الجزيرة عرفوا القهوة قبل الشاي على الأرجح لقرب موطنها (الحبشة) من جزيرة العرب اذ انطلق هذا المشروب العربي الاصيل من اليمن حتى وصل الى معظم دول العالم. وأضاف بن برجس ان القهوة كانت مشروبا يتناوله الناس في اليمن ومنه انتقلت الى الجزيرة العربية ومن ثم الى بلاد الشام ولما جاء الأتراك عملوا على تطوير صناعتها وتفننوا في طبخها وتقديمها وقاموا بنقلها الى بلاد اوروبا وهناك أصبحت المشروب المفضل للجميع. واوضح ان لعمل القهوة وتناولها طرقا وأدوات تختلف من مكان الى آخر "وما يهمنا في هذا الجانب السلة أو المعاميل وهي مجموع أدوات عمل القهوة من دلال وقدور وفناجين ومحماس وغيرها". وذكر ان أول "هذه المعاميل الخاصة بصنع القهوة هو النجر الذي صنع أولا من الخشب ويسمى في نجد موجات ويفضله البدو لخفته وسهولة حمله فكانوا يضعون في نجر الخشب السمن ويترك مدة ستة اشهر حتى يمتصه الخشب وبعد ذلك يوضع في الشمس مدة ثلاثة أيام حتى ينشف من السمن ثم بعد ذلك يطحن المسمار القرنفل والهيل ويغلى بماء ويوضع في النجر لتطييب رائحته وتكرر هذه الطريقة مدة ثلاثة أيام لتصبح بعدها رائحة النجر طيبة زكية" واضاف انه "تم فيما بعد صنع النجر الحجري ويسميه أهل نجد بالنجيرة ثم صنع من النحاس الأصفر (الماو) ومن أدوات القهوة أيضا المحماسة وتستخدم في تنعيم وطحن القهوة ولها أشكال مختلفة ولكن شكلها العام هو المخروطي العميق في الجزء السفلي والضيق في الأعلى وتصنع من الحديد واشهرها المحماسة النجرانية فهي متوسطه الحجم وتجويفها غير عميق". واشار الى ان هناك ايضا "محماسة عليان ومحماسة العرجاني" مبينا ان أسماءها جاءت نسبة لصانعها وكلها تصنع في المملكة العربية السعودية أما المحماسة الديرية فهي كبيرة الحجم ولا يمكن الحمس بها الا على نار الحطب وتصنع في بلاد الشام. وقال "اما الرشاد فهو عبارة عن الأداة التي تستخدم في الدق والتنعيم بالمنحاز ويصنع من الخشب أو الحديد أو النحاس ويعرف أيضا بالهاشمي ويستخدم في دق حبوب القهوة". وعن طرق صنع القهوة قال بن برجس ان هناك عدة طرق منها "توضع كمية بيالة واحدة من القهوة النية في المحماسة لاعداد دلة واحدة وتضع المحماسة على الجمر مع الانتباه بحيث ألا تضعها على لهب النار مباشرة لأن ذلك يؤدي الى احتراق القهوة بدون استوائها". واضاف "ثم تقلب بحيث تكون المحماسة بوضع مائل وترفع القهوة للأعلى ثم تلقائيا تنزل للأسفل ليتم تقليب القهوة بشكل متساو حتى يتحول اللون الى البني الغامق وبعد الانتهاء من حمس القهوة يتم وضعها في المبرد لأنه لا يمكن طحنها حارة ثم توضع بالنجر ليتم طحنها وبعد ذلك توضع على الماء المغلي في الدلة (الملقمة) ثم توضع على نار هادئة مع التأكد أنها تتقلب وتترك مدة من 7 الى 10 دقائق على الأقل". وقال "وبعد ذلك تبعد (الملقمة) وتوضع خارج النار مدة من 3 الى 5 دقائق للتصفية وفي هذا الوقت يتم طحن الهيل في النجر بمقدار فنجان واحد أو أقل أو أكثر حسب الرغبة ثم وضعه في الدلة ويتم بعد ذلك زل القهوة من الملقمة الى الدلة لكن بشرط الركادة (عدم رج الملقمة) حتى لاتتعكر". وعن صناعة الدلال اشار بن برجس الى انها تصنع من "الفخار ولها أسماء عدة مثل (الحساوية - البغدادية - الحمصية الرسلانية - النجدية - الحايلية - العمانية والرسلانية) وسميت كذلك نسبة الى المعدن المستخدم في صناعتها وهو النحاس الأصفر وهناك أيضا الدلة القرشية التي تصنع في مكةالمكرمة والاماراتية وهي عادة ما تكون ذات رأس عريض ومقدمة عالية". واضاف ان "من أدوات القهوة أيضا (المقم) وهو صندوق خشبي أو نحاس يستخدم لحفظ فناجيل القهوة ويسميه أهل نجد والخليج العربي (الشت أو الشتي) وفي بلاد الشام يسمى (المحفاظة). وعن طريقة تقديم القهوه قال بن برجس "هناك تقليد عريق لتقديم القهوة للضيوف يحترمه الكبير والصغير ويبدأ بتقديم القهوه للضيف أولا ثم للجالسين من على يمينه أو للجالسين في المجلس ان لم يكن هناك ضيوف وأيضا من على اليمين ومن العادات الأصيلة المتوارثة عند تقديم المقهوي القهوة للضيف تقديمها باليد اليمنى وبنفس اليد يتناولها الضيف ويستمر المقهوي في تقديم القهوة له حتى يهز الضيف الفنجان هزة خفيفة تدل على اكتفائه وعلى الضيف ان يسلم الفنجان للمقهوي بعد الانتهاء من شرب القهوة ولا يضعه على الأرض لأن ذلك يعد عيبا في حق المقهوي". واضاف ان "من اصول تقديم القهوة للضيف أن تقدم له ثلاث مرات كأمر واجب الأولى عند قدومه والثانية بعد التمر والثالثة بعد وجبة الطعام التي يتم بها اكرام الضيف وليس معنى ذلك أنها لا تقدم في غير تلك الأوقات بل تقدم بعدد غير محدود من المرات". واشار الى ان "لطبخ القهوة لدى أبناء البادية مسميات منها البكر الثنوة العشرة التنخيرة والبكر هي التي يكون كل شيء في تحضيرها جديدا من ماء وبن وبهار أما الثنوة فهي التي يعاد طبخها بعد زيادة الماء ووضع البن والبهارات عليها والسبب في ذلك قلة البن وندرته وشحها في أيدي الناس. واضاف ان "من عادات اهل البادية قديما انهم يسمون الفناجين حسب ترتيبها بدءا بالهيف والكيف وانتهاء بالسيف واول فنجان يسمى فنجان الهيف وهو الذي يتناوله صاحب القهوة أمام ضيوفه وقديما كانت تسري هذه العادة عند العرب ليأمن ضيفهم انها غير مسمومة اما حديثا فجرت هذه العادة ليختبر المعزب جودة وصلاحية القهوة قبل تقديمها إلى الضيوف خوفا من أن تكون صايدة فيلحقه (حق) كبير يقدمه لضيوفه والقهوة الصايدة هي التي لحقها الأذى من طعم غريب او جسم غريب". وذكر بن برجس ان "البدو الأولين يعرفون ويميزون القهوة الصايدة وقلة من الأشخاص في وقتنا الحالي يستطيعون تمييزها".