تشكِّل المنظفات المنزلية ما يقارب 30 % من قيمة استهلاك الفرد في السعودية، وتعدُّ اليوم ثالث أكبر مستهلك بعد الغذاء والسكن، لكنها لم تكن كذلك قبل أقل من عقدين من الزمن! خلال ال20 سنة الأخيرة جرت تغييرات نوعية كبيرة على سوق المنظفات المنزلية، وشهدت العديد من التطوُّرات، بعد حالة الركود التي لازمتها طيلة الحِقب الماضية. وفي الآونة الأخيرة تسارعت وتيرة التطوُّر؛ إذ أخذت هذه السوق أبعاداً جديدة، انعكس تأثيرها بشكل ملحوظ على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أيضاً. ولمعرفة أبرز التغيرات في قطاع المنظفات المنزلية، ولماذا وكيف حدثت؟ وما آثارها على حياة المستهلك بشكل خاص، والسوق السعودية بشكل عام؟ وتساؤلات أخرى عديدة، توجهنا إلى واحدة من الشركات السعودية الرائدة في صناعة المنظفات المنزلية؛ فهي تطرح قرابة 60 منتجاً من المنظفات في الأسواق، وتشير حصتها السوقية إلى أنها إحدى أكثر الشركات قدرة على مواكبة سوقها المتغيرة.. والتقينا مديرها العام. المهندس عبدالله البرجس المدير العام لشركة (موبي) يكشف لنا الكثير من التفاصيل خلال هذا الحوار: * بدايةً، لا شك أن (موبي) علامة تجارية معروفة، لكن نود أن تعرّف القارئ أكثر بمنتجاتكم.. وأين تجد موبي نفسها ضمن شركات إنتاج المنظفات المنزلية؟ - لدينا ما يقارب ال60 منتجاً من مختلف مواد التنظيف؛ فنحن ننتج جميع المنظفات المنزلية السائلة، ابتداءً من منظفات الملابس، مروراً بمنظفات الأرضيات والأسطح والأواني المنزلية بأنواعها، وحتى المنظفات الشخصية، وتنظيف اليدين والجسم. * لماذا تركزون على إنتاج المنظفات السائلة؟ - في ظل التطور الذي نعيشه حالياً حدث الكثير من التغيرات في مجتمعنا، وطالت هذه التغيرات سلوك الناس في منازلهم.. ومن نتائج تلك التغيرات أن الأشكال الأخرى من مواد التنظيف مثل المساحيق والصابون اللوحي الصلب أصبحت من الماضي، والمنظف السائل هو القادم المستقبلي؛ لذا كان التركيز عليه من باب تلبية متطلبات السوق، وثقافة المجتمع. * برأيك، متى وكيف حدث هذا التحوُّل؟ - بدأ هذا التحول منذ نحو عشرين سنة تقريباً، فقد كان الناس قبل ذلك لا يستخدمون سوى نوع واحد لجميع أغراض التنظيف في حياتهم اليومية، تنظيف الأدوات المنزلية، الملابس، وحتى نظافة اليدين والنظافة الشخصية، كلها كانت تتم بنوع واحد من المنظفات، هو (المسحوق). أما في الوقت الحالي فقد قلّ استخدام المسحوق بشكل واضح، وأصبح استخدامه لا يتعدى «طلعات البر» ونحوها، وفي حدود ضيقة، مواكبة لتطورات الحياة وإيقاعها المتجدد. * كيف استطاع المنظف السائل الدخول إلى المنزل؟ أقصد ما هي الحاجات التي دعت إلى استبدال السائل بالمسحوق؟ وما الفروق التي أحدثها السائل؟ - نقطة البداية في دخول المنظف السائل إلى المنزل كانت من (المطبخ). ولكي أضع يدي على الفروق التي أحدثها المنظف السائل يجب أولاً أن أشير إلى تعريف مبسط للمنظفات المنزلية. المنظفات المنزلية بكل أشكالها هي مادة تخزن في المنازل، وعند استخدامها تضاف إلى الماء، فيتحول الماء إلى سائل منظف. وبعد الانتهاء من عملية التنظيف تتم إزالة المادة المنظفة بالماء.. وإذا أردت التحدث عما تتميز به المنظفات السائلة فسألخصها في أن السائل فعَّال في التنظيف، وسهل في الحفظ والاستخدام؛ إذ يمكن إضافته إلى ماء غسيل الأواني المنزلية أو الملابس، وإزالته منها بسهولة. وفي المقابل، المساحيق لا يمكن التعامل معها بالسهولة ذاتها؛ فهي تتضرر بالرطوبة أثناء التخزين، وتتكتل في قطع صغيرة وصلبة؛ فتفقد جزءاً كبيراً من قدرتها على الذوبان في الماء؛ ما يصعب إزالتها بعد الانتهاء من الغسيل؛ ويفقدها مفعولها الأصلي في التنظيف أيضاً؛ فتصبح غير صالحة للاستعمال. لتلك الأسباب حققت المنظفات السائلة نجاحاً مبهراً في المطابخ، وشاع استخدامها خلال فترة قصيرة نسبياً. وبعد ذلك غزت المنظفات السائلة منظفاً آخر في المنزل، هو الصابون الصلب، الذي كان استخدامه شائعاً في تنظيف اليدين. واستطاع الصابون السائل التغلب على الصلب عند الكثير من المستهلكين بسرعة وسهولة، وهو في طريقه إلى غرف غسيل الملابس، وأعتقد أنه سيشيع استخدامه في غسيل الملابس خلال فترة قصيرة. * هناك من يعتقد أن المنظفات المسحوقة أكثر فعالية من السائلة، ما رأيك؟ - هذا اعتقاد خاطئ؛ فالمنظفات المسحوقة صُنعت بهذا الشكل في الماضي ليسهل نقلها وتخزينها؛ إذ لم تكن العبوات البلاستيكية متوافرة آنذاك. أما عن الفعالية فالمنظفات السائلة تتفوق بجدارة. ومن نواحٍ عدة، فالمساحيق -كبقية المنظفات - تضاف إليها مواد مركبة لزيادة فعالية التنظيف. ولطبيعة المادة المسحوقة، فإن المواد المضافة إليها تخلط بطريقة بدائية وبسيطة، حتى أنك تستطيع أن ترى الحبيبات المضافة في المسحوق بالعين المجردة! ولهذا الأمر تبعات سلبية على الملابس والبشرة أيضاً؛ فالمادة المضافة إذا لم تمتزج وتذوب في الماء بشكل كامل أثناء الغسيل فإنها تعلق في قطع الملابس، وهي مواد كيميائية حارقة؛ تُحدث ثقوباً في أقمشة الملابس، وتسبِّب حساسية في الجلد إذا لامسته، خاصة بالنسبة للأطفال. بينما في المنظفات السائلة يتم مزج كل المواد المضافة وإذابتها بشكل كامل قبل أن يستخدمها المستهلك؛ لذلك فالمواد السائلة تعطي نتائج تنظيف فعالة بلا أضرار جانبية. * لماذا تنتج (موبي) منظفاً خاصاً بملابس الأطفال إذا كانت منتجاتها الأخرى -كما تفضلت- خالية من أضرار المواد الكيميائية؟ - هناك اختلاف في تركيبة المنظف الخاص بالأطفال عن الكبار، بناءً على الطبيعة الخاصة التي ينفرد بها الأطفال؛ فهم في حياتهم اليومية يتعرضون للبكتيريا والجراثيم أكثر من غيرهم؛ لأنهم لا يستطيعون التمييز بين الأشياء التي يتعرضون لها أثناء اللعب؛ لذلك فتركيبة المنظفات الخاصة بالأطفال تضاف إليها مادة مضادة للبكتيريا، كما أنها خالية من مادة «الفلورسنت». والفلورسنت مادة تضاف إلى تركيبة سائل تنظيف ملابس الكبار بغرض إعطاء الملابس بريقاً لامعاً بعد الغسيل، وهذا ما لا يحتاج إليه الأطفال. * بالعودة للحديث عن (موبي) الشركة.. ما أبرز خططكم لهذا العام؟ - هذا العام نحن بصدد تنفيذ مشروع ضخم، يتضمن افتتاح خمسين معرضاً خاصاً بمنتجات (موبي) التي تغطي احتياج المنزل بالكامل. وستكون معارضنا منتشرة في أنحاء المملكة كافة خلال السنة الأولى من المشروع. ونهدف من خلال هذه الخطوة إلى تعريف المستهلك بمنتجاتنا التي لا تتوافر في جميع نقاط البيع حالياً. كما نهدف إلى المساهمة في توظيف الكوادر السعودية؛ إذ سيكون جميع الموظفين في هذه المعارض من الشباب السعودي. * «معارض موبي» مشروع تسعى فيه الشركة لتحقيق نسبة السعودة بما يواكب مكانتها، بوصفها واحدة من الشركات السعودية الرائدة، أتتفق مع العبارة؟ - أتفق معك وأختلف. فبدون شك نحن في شركة موبي نستشعر واجبنا الوطني، والسعودة على رأس أولوياتنا، ولكن واجبنا الوطني يتطلب أكثر من ذلك، وتطلعاتنا أيضاً. فنحن بهذا المشروع نتطلع إلى توسيع حصتنا في السوق، ومن جانب آخر نتطلع لأن يكون العمل في معارضنا فرصة ذهبية للباحثين عن الوظائف، ولمن لديهم الرغبة في دخول مجال التجارة، لكنهم لا يملكون الإمكانيات اللازمة. ويمكن القول إننا لا نهدف لتحقيق نسبة السعودة فحسب، بل نسعى لخلق كوادر سعودية ناجحة في مجال التجارة؛ بدليل أننا ندرب الشباب السعودي في هذا المجال بالمجان؛ لتعم الفائدة شركتنا، شبابنا، وسوقنا الاقتصادية بشكل عام. * قلت إنكم تدربون الشباب السعودي بالمجان. حدثنا أكثر عن هذا الأمر؟ - نحن نهتم كثيراً بما نقدمه للشاب السعودي، ونحرص على خلق بيئة عمل ناجحة لجذبه؛ إذ نقدم للشاب السعودي فرصة التدرّب على أيدي خبراء مختصين في مجال التسويق والمبيعات (مجاناً)، وبعد انتهاء التدريب سيجد المتدرب أننا قد هيأنا له معرضاً متكاملاً ليطبق فيه ما تعلمه، ويحصل على نسبة مجزية من مبيعات المعرض، إضافة إلى المرتب الشهري. * كم عدد الوظائف التي سيوفرها مشروع المعارض الجديد للشباب؟ وماذا عن الفتيات؟ - نخطط لتوظيف مائة شاب سعودي في معارضنا الجديدة؛ إذ سنوفر في المعرض الواحد وظيفتين على الأقل. وبالنسبة لتوظيف الفتيات فلقد بدأنا فعلياً، ولدينا الآن نحو أربعين موظفة سعودية، يعملن في إدارة الجودة، ونسعى لزيادة العدد خلال هذا العام؛ ليصل إلى مائة موظفة، أسوة بالشباب. * تدريب الشباب وتوظيفه بادرة طيبة تشكرون عليها.. ولكن أليس من الممكن للشاب الذي يعمل معكم أن يتجه بعد أن يكتسب التدريب والخبرة لعمل مشروعه الخاص؛ ألا تخشى موبي أنها بهذا تصنع لنفسها منافسين جدداً؟ - بل تتطلع موبي إلى صناعة منافسين جدد، وأنا لا أخشى المنافسة في السوق؛ لأنها دائماً ما تشكل العامل الذي يدفع الشركات لتطوير منتجاتها بشكل مستمر ودون توقف، وهذا أمر ضروري، لا تستطيع أي شركة ناجحة الاستغناء عنه.