يتنافس أكثر من 2500 فوال من أصحاب محلات الفول بجدة على بيع الفول مع دخول أول أيام شهر رمضان المبارك حيث يبدأ الازدحام في مدينة جدة حول جرة الفول، تلك الوجبة التي يحرص عليها الكثير من أهل جدة على تواجدها ضمن الأصناف الرئيسة اليومية على سفرة الإفطار، والبعض منهم لا يحلو له الإفطار بدون هذا الصنف. وقد تفننت مطاعم جدة في تقديمها بعدة خلطات يعتبرها البعض منهم سرية تحافظ على سمعة المحل وتعتبر سر نجاحه. يقول المشرف على مطعم أبو زيد نايف العبدلي يتم يومياً طهو نحو800 كيلو من الفول على النار لمدة تتراوح بين 10 و12 ساعة، وعلى عدة جرات تحمل كل منها نحو 150 كيلو جراما من الفول ومجروشة. ويضيف العبدلي أن طهو الفول يحتاج إلى عناية خاصة ومهارة فائقة تتوفر في معلمين خاصين له، وبإشراف مباشر طوال 12 ساعة يستغرقها الفول للنضج من نار مشتعلة إلى هادئة مع تزويده بالماء، وتحريكه داخل الجرة. ثم تصفي الماء حتى يصبح جاهزا للتقديم. وأكد أنه عندما يحدث خطأ ولو بنسبة بسيطة أثناء عملية طهو الفول، فقد يتعرض للاحتراق ويصبح بعدها تالفا. وقال إن «الغراف» يحرص على تحريك الفول حتى لا يتحول إلى عصيدة. ويقول وليد الغامدي مالك محلات الغامدي للفول: «تأسس محلنا في مكةالمكرمة عام 1941 وأننا على مدى السنوات قد اكتسبنا شهرة واسعة تعدت حدود مكةالمكرمة قبل أن ننقل نشاطنا إلى جدة قبل سنوات قليلة» ويضيف «لدينا عملاء وزبائن معروفون يرتادون محلاتنا منذ زمن طويل ولا يرضون بديلاً عن ما نقدمه من طبق فول ونحن لسنا وحدنا من نتمتع بهذه السمعة في عالم الفول، فهناك أسماء معروفة إذا استثنينا الأولوية». ويتابع قائلا «في الفترة الأخيرة دخل المهنة أناس أفسدوا كل شيء وأصبحوا يتاجرون بأسمائنا». وقال «إن من يشاهد التزاحم في محلات الفول خلال شهر رمضان يعتقد بأننا نجني أضعاف ما نجنيه في الأيام العادية، وهذا غير صحيح لأن ما تغير هو التوقيت فالزبون الذي كان يتناول وجبة الفول صباحاً أو المساء تجد إقباله انحصر في ساعة أو ساعتين قبل موعد الإفطار، وهذا يترك انطباعا لدى المشاهد بأن هناك ازدحاما وتزاحما في محلات الفول وبالتالي هو اعتقاد خاطئ». وأكد الغامدي أن الفول هو عبارة عن ثمرة نباتية هي نفسها في كل مكان وزمان، ولكن ما يميز فوال عن آخر هو طريقة التحضير، فالغامدي مثلا له طريقة في التحضير والآخرون لهم أيضاً طريقتهم الخاصة، وهكذا ولكن في النهاية الفول هو نفسه ومكوناته هي نفسها تقريباً وهي لا تتعدى الملح والكمون والسمن البلدي أو زيت الزيتون. وتشهد الفترة التي تفصل بين صلاتي العصر والمغرب تزاحما وتدافعاً نحو «جرة الفول» وغالباً ما ينجم عنه إغلاق كامل للشارع الذي تقع فيه محلات بيع الفول وخاصة الشهيرة منها أمام السيارات العابرة كما يحدث بين حين وآخر تلاسن واشتباك محدود بالأيدي بين الصائمين، مما يستدعي أحياناً تدخل أفراد الشرطة لفض تلك الاشتباكات وفتح الطريق أمام السيارات العابرة. وأكد المعلم عبده صاحب محل للفول أن المنافسة تشتد في رمضان بين تجار وبائعة محال الفول، فالإقبال عليه إجمالا يكون بصفة دائمة إلا أنه يشهد نوعا من الركود في الأيام العادية وانخفاضا في المبيعات. وأضاف أن بيع الفول في شهر رمضان أسهم بشكل كبير في الحد من خسائر الركود الذي كانوا يعانونه في الأيام الأخرى، كما أن أكثر عملائهم في شهر رمضان هم من المقيمين والعزاب، مشيرا إلى أن صناعة وإعداد الفول تستغرق وقتا طويلا يمتد لأكثر من 12 ساعة حتى يتم إنجازه، وذلك بعد أن يمر خلالها بعدة مراحل، حيث يتم تنقيته قبل الطهي من الشوائب الموجودة بداخله، وتنقيعه في الماء ومن ثم طبخه ومتابعته حتى ينضج ويصبح جاهزا للأكل، كما أن طريقة عمله ليست سهلة بل تحتاج إلى الكثير من التحضير والإضافات التي تجعل طعمه أكثر استحسانا وجذابا للعملاء. وأبان المعلم أبو عبده أن كثرة الإقبال على الفول في رمضان وخاصة فترة قبيل الإفطار بساعة ونصف، عودتنا في كل عام طباعة عدد أكبر من الفواتير المخصصة ذات أرقام متسلسلة، التي نستخدمها لتنظيم عملائنا من خلال صفهم طوابير والحصول على «الفول» بالدور، وذلك للحد من الازدحام بين العملاء ولسرعة تلبية رغباتهم وحصولهم على وجبتهم المفضلة، وهذا ما لا نقوم به في الأيام العادية، موضحا أن بعض العملاء يتفادون الزحام من خلال قدومهم لشراء الفول بعد صلاة العصر مباشرة.