أصبح الحب في هذا الزمان مسخاً لا يعني غير الانتهازية والوصول والنيل من الحبيب. أصبح الحب في هذا الزمان وسيلة تدغدغ المشاعر بينما تخفي وراءها غايات دنيئة. إن الذي يحب شخصاً لا يضعفه لا في شخصه ولا في سمعته ولا في مركزه، فهل يراعي محبو هذا الزمان ذلك؟ محبو الأمس كانوا يكتفون برؤية الحبيب، وتكفيهم منه نظرة إعجاب.. أو إيماءة.. كان حب الأمس حباً صامتاً نقياً طاهراً عذرياً.. كان الإعجاب فيه هو سيد الموقف، ولا تشوبه النوايا الخبيثة، ولا النزعة البوهيمية. كان الحبيب يستعرض منظومة من المثل والقيم الرفيعة التي تمثل أخلاق الفارس الشهم الشجاع الشريف، أمام الحبيبة ليكبر في نظرها أكثر وأكثر. فأي نوع من الأخلاقيات تلك التي يحملها محبو اليوم؟ لاسيما من يبدأ حبهم بفصول حوار الطرشان عبر غرف الدردشة والفيس بوك؟ أي حب الذي يبدأ تحت إغواء الجسد وينتهي بحبل من مسد؟ أي حب هذا الذي ينال من العفة وينتهك القيم.. ويستبيح كل محرم يصل إليه؟ أي حب هذا الذي تعيش فيه المغفلات حلماً جميلاً ينتهي بكوابيس مفزعة.. أي حب هذا الذي يتحول طرفاه إلى جان وضحية إلى رابح وخاسر وثعلب ودجاجة؟ الحب يا سادة أكبر من كل هذه الترهات.. الحب الذي ينشأ بين شخصين، يعد أسمى ما في الوجود، لو بني على الاحترام والكرامة, ونأى المحب بنفسه عن كل سلوك ينال من شموخ الآخر أو كبريائه.. وحتى جيبه أو محفظة نقوده. ولحظات العشق هي أجمل لحظات الحياة، التي تغمر النفس بمشاعر الدفء والتفاؤل والسعادة, إذا كان عشقا إبداعيا، يفوح صدقا ويمور دفئاً وطهرا, وهذا العشق هو الذي عناه الشاعر في قوله: ومال الناس إلا العاشقون ذوو الهوى ولا خير في من لا يحب ويعشق الحب الحقيقي هو ما أشار إليه نزار قباني في قوله: الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال لكنه الإبحار دون سفينة وشعورنا أن الوصول محال هو أن تظل على الأصابع رعشة وعلى الشفاه المطبقات سؤال هو هذه الأزمان تسحقنا معاً فنموت نحن وتزهر الآمال وأخيراً الحب ما يستشف من قول قيس: تعشقت ليلى وهي غرٌّ صغيرة ولم يبد للنظار من صدرها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا بقينا ولم نكبر ولم تكبر البهم حب على قاعدة: أحببتها وتحبني ويحب ناقتها بعيري وليس على قاعدة أحبها وأكره أهلها.... هذا هو الحب الحقيقي.. وليس حب الدردشة والمواعدة وابعث لي كرت خلص رصيدي!