إثر توجيهي سهام النقد إلى اتفاق جنيف، لام كثر مخالفتي مساعي تسوية الملف النووي. ومرد معارضتي الاتفاق إلى أنه لم يحقق أمراً يذكر غير إثباته عدم صدقية الولاياتالمتحدة ، في وقت نعتقد بأن الشكر يليق بصحيفة «كيهان» جزاء مساعيها لتوضيح الاتفاق ومدى استغلال الجانب الآخر النيات الحسنة الإيرانية. وكان فاضحاً التنسيق الأميركي مع إسرائيل حول الاتفاق، علي رغم معارضتها الشكلية له. لكن عدداً من الشخصيات الحكومية اتهمت «كيهان» بأنها تسير في الاتجاه الذي تسير به إسرائيل. وأعلنت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن شخصيتين تعارضان الاتفاق هما بنيامين نتانياهو في إسرائيل وحسين شريعتمداري في ايران! ولكن، اليوم، لا يخفي عدد من المسؤولين الإيرانيين عدم ارتياحهم إزاء بنود الاتفاق، ويقرّون بعدم التوازن بين ما قدمته ايران وما أخذت من الجانب الغربي. وآجلا أم عاجلاً، سيجدون أن الغرب استغل حسن النيات الإيرانية ليبيعها ضفدعة ملونة وليس طائر كناري! تلعب واشنطن لعبة جديدة. فالكونغرس يتداول في مشروع لتشديد العقوبات علي ايران، ينص علي إحكام قيود المقاطعة الاقتصادية في حال رفضت ايران اتفاق جنيف أو تلكأت. وقيل إن الرئيس اوباما سيرفض القرار. لكن القوانين الأميركية لا تجيز للرئيس رفض مشروع يحمل تواقيع ثلثي الأعضاء. ولكن لماذا تجند الولاياتالمتحدة كل طاقاتها في الحكومة والكونغرس والأجهزة الأمنية والتنفيذية من اجل تنفيذ الاتفاق في شكل حرفي؟ ومع كامل تقديرنا لجهود الفريق المفاوض، اصبح من الواضح أن الجانب الآخر استغل حسن نيات الوفد الإيراني لتذرف إسرائيل دموع التماسيح علي الاتفاق. ولا يخفى أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها قلقون إزاء احتمال إحجام ايران عن تنفيذ الاتفاق الذي لم يحدد مسار البرنامج النووي فحسب، بل حدد كذلك مسار العلم وتطور التكنولوجيا في البلاد. ولكن لم يفت أوان تصويب ما جرى، عبر التزام القوانين الدولية التي تحقق المصالح الإيرانية. واستخدم الاتفاق مصطلحات غامضة وملتبسة تحتمل أكثر من تفسير، منها « مُرضٍ satisfactory» و«الاحتياجات العملية practical needs» و«مستوى التخصيب ومجالاته SCOPE & LEVEL» وغيرها من المصطلحات. التي يمكن الوفد الإيراني الاعتراض عليها لأنها غير قابلة للتنفيذ وناقصة، وتحتاج إلى صوغ جديد. فأصول الاتفاقات والمعاهدات الدولية تقتضي الوضوح والبعد عن المصطلحات الغامضة. وتنص المادتان 77 و125 من الدستور الإيراني علي وجوب مصادقة مجلس الشورى على الاتفاقات والمعاهدات الموقعة مع أطراف خارجية. لذلك، لا يحمل اتفاق جنيف صفة قانونية ولا يمكن تنفيذه بموجب بنود الدستور. ولا شك في أن تنفيذه من دون مصادقة مجلس الشورى هو خرق لا لبس فيه للسيادة الوطنية الإيرانية. ومفاد المادة 10 من معاهدة حظر الانتشار النووي أن «أي طرف من الأطراف الموقعة علي المعاهدة يملك حق إعادة النظر في موقفه منها، إذا شعر أن عضويته فيها تتعارض مع المصالح الوطنية وسيادته القومية». وهذا يعني أن اتفاق جنيف من غير مصادقة مجلس الشورى، يخالف الدستور وينتهك السيادة الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. لذا، يحق لطهران أن تتنصل من الالتزام به إذا لم يحصل علي موافقة المجلس. * رئيس تحرير، عن «كيهان» الإيرانية، 12/1/2014، إعداد محمد صالح صدقيان