رفض رفاق الشاب اللبناني المغدور محمد الشعار أن تغيب ذكراه مع مواراته التراب بعدما اختلطت لحظة تشييعه أول من أمس، بحركة الاحتجاج التي حصلت لدى حضور مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني إلى مسجد الخاشقجي للصلاة على جثمانه، تعويضاً لمنعه من المشاركة في تشييع الوزير السابق محمد شطح. وحتى لا يتحول الشعار إلى رقم ضمن أرقام الضحايا الذين يسقطون مع استهداف أي شخصية سياسية بتفجير إرهابي، وتُنسى أسماؤهم مع مرور الوقت ويتحولون إلى «الآخرين» كلما استعاد أحدهم الحدث، أصر رفاق المدرسة والهيئة التعليمية في ثانوية الحريري الثانية، على الإبقاء على الشعار «حياً» في ضمائر اللبنانيين أين ما حلوا بعدما تمكنوا منذ لحظة إصابته في الشظية القاتلة، وبواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، من استقطاب تعاطف الآلاف مع مأساة أهله بفقدهم بكرهم في عمر المراهقة. اجتمعوا في قاعة المدرسة التي ضاقت بالحاضرين وارتدوا قمصاناً تحمل صورته الأخيرة وهو يضحك التي التقطت قبل لحظات من وقوع الانفجار في قلب بيروت بالقرب من النافورة التي كان الشعار وثلاثة من رفاقه يتسامرون حولها. وحولوا البكاء على صديقهم إلى كلمات انسابت مثل دموعهم البريئة والصادقة. حكوا عن معرفتهم به وعن الأسباب الكثيرة لمحبتهم له وعن صدمتهم لأنهم لن يروه ثانية، وعن ضحكته التي لا تفارق وجهه، مطالبين ب «وطن حقيقي يليق بالشهيد»، ومؤكدين «كلنا محمد الشعار». تعاقب على منصة مسرح المدرسة أصدقاء وصديقات من عمر الشعار في صفه ومن صفوف أخرى ومن أعمار أصغر وأكبر، ومديرة المدرسة ورجل دين. فمحمد الشعار كما أجمعوا، وبكلمات بسيطة صادقة، شاب تحب رفقته لأنه «يجعل الحياة أجمل بضحكاته ونكاته ومودته»، ولام بعضهم مصوري الكاميرات في لحظة الانفجار لاكتفائهم بالتصوير وعدم إسعاف محمد إلى المستشفى. كثر ارتجفت أصواتهم على المنصة وبعضهم أجهش بالبكاء، لا سيما رفاقه الذين أصيبوا معه عمر بكداش وربيع يوسف وأحمد مغربي، لكن والد الشعار المفجوع مذ رأى ابنه البكر ملقى على الطريق ينزف الدم من رأسه قبالة بناية «ستاركو» (حيث يقع مكتبه وحيث ركنت السيارة المفخخة بحوالى 60 كلغ من المواد المتفجرة) حين دوى الانفجار الحاقد وكان يعلم بوجوده في الساحة المقابلة مع رفاقه، كان أول من هرع إليه يبحث عمن ينقله إلى المستشفى. حسن الشعار الذي حضر إلى اللقاء المدرسي مع زوجته الثكلى، راح يطلب من الطلاب أن يسامحوا ابنه إن كان يوماً «أزعجهم». اهتزت القاعة بالبكاء، وزاد أنه حين «دفنته تحت التراب قبلته عنكم جميعاً»، فتحول البكاء إلى نحيب، وأكد لهم بتأثر بالغ أنه يرى محمد «في كل واحد منكم»، طالباً منهم أن يرفعوا الصلوات لراحة نفسه. من ثانوية الحريري في محلة البطركية، إلى مسجد الخاشقجي لتلاوة الفاتحة على قبر محمد في مدافن الشهداء خلف المسجد، نزولاً إلى الموقع الذي وقع فيه الانفجار والذي لا يزال مزنراً بالشرائط الصفر تمهيداً لانتهاء الأدلة الجنائية من جمع الأدلة منه، توجه الطلاب الى المكان وهم يحملون الزهور البيض، ويهتفون «يا محمد ويا شعار بقلوبنا لو شو ما صار»، و «إسلام ومسيحية وحدة وطنية»، ولا إله إلا الله والشعار حبيب الله»، و «إسلام ومسيحية كلنا بدنا حرية»، حاملين صوره، ولافتات كتب على بعضها «لأنو الرفيق ما لازم يبكي على قبر رفيقه كلنا محمد الشعار». سمح عناصر من الجيش لبعض الأصدقاء باجتياز الشريط الأصفر ووضع الزهور في المكان الذي أصيب فيه الشعار. وتلا الجميع الفاتحة عن روحه والنشيد الوطني وهتفوا «شباب لبنان أولاً»، و «نحن مش أرقام»، وحقيقة حرية وحدة وطنية». وأعلن أحد أقارب العائلة أن محافظ بيروت ناصيف قالوش قرر إقامة نصب تذكاري «للشهيد محمد الشعار في مكان استشهاده»، وشكر بلدية بيروت على المساهمة في القرار». وأعلن عن تقبل التعازي بالشعار في مسجد الأمين بعد الظهر واليوم أيضاً. وغصت قاعة المسجد عصراً بمئات المعزين ممن عرفوا الشعار وممن تعاطفوا معه عبر متابعة ما جرى له من خلال الإعلام. ومن المعزين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والسيد علي الأمين. وفي إطار التحقيق في التفجير الإرهابي، طلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة من الأشخاص «الذين التقطوا صوراً ومقاطع فيديو بواسطة هواتف خليوية أو غيرها من الأجهزة خلال وجودهم في موقع الانفجار، وبناء لإشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، تحميل ما لديهم على العنوان البريدي الآتي: [email protected]، من أجل المساعدة في التحقيق المجرى من قبل المديرية العامة لقوى الأمن، علماً أن كل من يساهم في هذه المساعدة يبقى اسمه طي الكتمان».